عيّنت المحكمة الدستورية في مالي، الجمعة، الجنرال أسيمي غويتا رئيسًا للجمهورية ورئيسًا للمرحلة الانتقالية المفترض أن تنتهي بإعادة السلطة إلى المدنيين، لتكتمل بذلك فصول ثاني انقلاب يشهده هذا البلد في غضون تسعة أشهر.
وقالت المحكمة في قرارها: إنّ الكولونيل غويتا "يمارس مهام وصلاحيات وسلطات رئيس المرحلة الانتقالية لقيادة العملية الانتقالية إلى خواتيمها"، مشيرة إلى أنّه سيحمل تاليًا "لقب رئيس المرحلة الانتقالية، رئيس الدولة".
وفي أول تصريح له عقب تعيينه رئيسًا لمالي أكد غويتا أنه سيقوم في غضون أيام بتعيين رئيس وزراء من المعارضة، بعد إطاحته برئيس البلاد المؤقت باه نداو، ورئيس الوزراء مختار وان.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الذي سيدعمه سيكون من حركة تجمع القوى الوطنية المعارضة، التي قادت احتجاجات ضد الرئيس السابق، والتي همشها الجيش بعد انقلاب أغسطس/ آب 2020.
من هو أسيمي غويتا؟
ولد أسيمي غويتا عام 1983 وهو ضابط عسكري ورئيس "اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب"، المجلس العسكري الذي استولى على السلطة من الرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا في انقلاب قاده في أغسطس الماضي.
وكان غويتا يقود القوات الخاصة المالية في وسط البلاد برتبة عقيد، بعد أن تلقى تدريبًا من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وقام بمواجهة الجماعات المسلحة المتطرفة في البلاد.
انقلاب أغسطس 2020
قاد العقيد غويتا انقلابًا عسكريًا في 18 أغسطس 2020، ضد الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وسط احتجاجات شعبية على الفساد وفشل الحكومة في القضاء على الجماعات المسلحة.
ثم قام لاحقًا بتهميش حركة تجمع القوى الوطنية المعروفة باسم حركة "أم 5" المعارضة، التي قادت الاحتجاجات ضد أبو بكر كيتا.
تقاسم السلطة مع المدنيين
وبعد أن قاد انقلاب أغسطس 2020، واجه غويتا ضغوطًا دولية وإقليمية من المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس"، وتهديدات بفرض عقوبات؛ ما اضطره لتقاسم السلطة مع المدنيين.
وأصر وسطاء من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" على أن تضطلع قيادة مدنية بتسيير المرحلة الانتقالية في مالي، التي كان من المقرر أن تنتهي مع الانتخابات في فبراير/ شباط المقبل.
وأكدت المجموعة في إعلان مشترك بعد الانقلاب الأول على أن نائب الرئيس الانتقالي "لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يحل محل الرئيس".
وعُين العقيد غويتا نائبًا للرئيس الانتقالي، باه نداو، واستحوذ الموالون له على أهم الحقائب الوزارية، وعلى رأسها حقيبتا الدفاع والأمن، بينما وقع الاختيار على باه نداو لرئاسة البلاد، ومختار وان، رئيسًا للحكومة لمرحلة انتقالية تمتد 18 شهرا وتنتهي بإجراء انتخابات جديدة.
انقلاب مايو 2021
واجهت الحكومة الانتقالية صعوبات على أصعدة عدة، ما دفع رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته للرئيس نداو، الذي أعاد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة.
وأطاح التعديل الحكومي الأخير بوزير الدفاع ساديو كامارا، ووزير الأمن موديبو كوني، العضوَين البارزين في المجلس العسكري، الذي تشكل بعد انقلاب 2020، وتم تعييّن كل من الجنرال سليمان دوكوري، والجنرال مامادو لامين بالو، على التوالي بدلًا منهما.
ودفع هذا الأمر غويتا إلى بدء انقلاب ثانٍ هذا الشهر، حيث أمر بتوقيف كل من الرئيس الانتقالي باه نداو، ورئيس الحكومة مختار وان، مع وزير الدفاع الجديد، واقتيد الثلاثة إلى ثكنة في بلدة "كاتي"، قرب العاصمة باماكو، التي بدء منها انقلاب أغسطس. وأطلق الجيش سراح الرئيس ورئيس الوزراء فيما بعد.
بعد الانقلاب على الرئيس السابق.. اعتقال الرئيس المؤقت في #مالي إلى جانب رئيس الوزراء ووزير الدفاع pic.twitter.com/B5TXKjCKCA
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 25, 2021
ويتهم الكولونيل غوتا الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان بتشكيل حكومة من دون استشارته، مع أنه نائب الرئيس المكلف بقضيتي الدفاع والأمن، وهما مجالان حاسمان في البلاد التي تشهد اضطرابات.
إدانة واسعة للانقلاب
وأدان مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، الانقلاب العسكري في مالي، وهددت فرنسا والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات، ومن المتوقع أن يعلق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي ضمن هيئاته.
كما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقه العميق" من التطورات المتسارعة في مالي، ودعا إلى "الهدوء".
صدام مع "إيكواس"
وتضع تسمية غويتا رئيسًا مؤقتًا البلاد في مسار تصادمي مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تضم 15 دولة، وتصر على استمرار قيادة مدنيين للمرحلة الانتقالية.
ومن المقرر أن يجتمع رؤساء "إيكواس"في غانا يوم الأحد. وتخشى المجموعة والدول الغربية بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة، أن تؤدي الأزمة السياسية إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في شمال ووسط مالي، حيث تتمركز جماعات إقليمية تابعة لتنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش".
وأعلن وزير الخارجية النيجيري، جيفري أونياما، أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" وجهت دعوة لقائد الانقلاب لمناقشة عدم الاستقرار السياسي في بلاده.