على وقع تبادل جديد للاتهامات بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري، تتواصل الجهود لتأليف الحكومة اللبنانية بعد أكثر من ثمانية أشهر على استقالة حكومة حسّان دياب، عقب الانفجار المروّع الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/آب الماضي.
وبعد تفعيل رئيس البرلمان نبيه بري لمبادرته لتقريب وجهات النظر بين عون والحريري، عادت الأمور من جديد إلى الوراء، على ما أوحت المستجدّات السياسية خلال اليومين الماضي، في ظلّ البيانات والبيانات المضادة التي تبادلها فريقا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف.
وبحسب مراسل "العربي" في بيروت، فإنّ التعقيدات الأساسية حول تأليف الحكومة انطلقت يوم أمس، بعد نجاح بري في إرساء أجواء من التهدئة إعلاميًا بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. ويشير مراسل "العربي" إلى أنّ كلام رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل عقّد الأجواء مجدّدًا، خصوصًا بحديثه عن الدعوة إلى طاولة الحوار.
ويشدّد تيار "المستقبل" الذي يرأسه الحريري على أنّ تأليف الحكومة مهمّة الرئيس المكلّف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وهو انطلاقًا من ذلك يرفض طاولة حوار ويعتبرها سابقة دستورية لا يمكن القبول بها، وفق مراسل "العربي".
البطريرك الماروني: نريد حكومة إنقاذية
في غضون ذلك، أكد البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي، أن الأوضاع في لبنان "تقتضي تأليفًا سريعًا للحكومة، وهي فوق أي اعتبار".
وجاء كلام الراعي عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا اليوم الأربعاء، حيث أوضح أن الزيارة تأتي قبل سفره إلى روما تلبية لدعوة البابا فرنسيس للتفكير بشأن لبنان.
وشدد الراعي على أن البلد يحتاج إنقاذًا، ولا مبرّر كي لا تكون لدينا حكومة وأن يكون هناك تفاهم بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وأضاف: "البلد يموت والشعب يموت، ونحن نتكلم عن وزيرين مسيحيين"، مردفًا: "أنا لا أقبل أن أسمي الوزيرين المسيحيين، وموقفي حكومة إنقاذ بأشخاص غير حزبيين، ولم أطرح مع الرئيس حكومة أقطاب".
مبادرة بري
ومنذ أكثر من ثمانية أشهر، تدير لبنان حكومة تصريف أعمال، بانتظار أن تتفق الأطراف السياسية الرئيسية الغارقة في سجالات وانقسامات، على حكومة جديدة.
وكان رئيس البرلمان نبيه بري قدّم مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة؛ تقضي بتقسيم المقاعد الوزارية بين الكتل السياسية المشاركة في تأليف الحكومة، وهي "حزب الله" وحلفاؤه وتيار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وحلفاؤه، إلى جانب حصة ثالثة يختارها رئيس الجمهورية ميشال عون.
وتتحدث تسريبات عن أن المبادرة قد تتضمن تخلّي سعد الحريري المكلّف بالتشكيل عن التكليف لصالح شخصية يختارها.
كما عُقد اجتماع بعيدًا عن الإعلام جمع ممثلين عن "حزب الله" و"حركة أمل" مع رئيس التيار "الوطني الحر" جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية.
والهدف من اللقاء ضمان نجاح لقاء سعد الحريري برئيس الجمهورية والتوصل إلى توليفة حكومية تنال موافقة الفرقاء جميعًا.
تقاذف الاتهامات
غير أن الأجواء بين باسيل وتيار رئيس الجمهورية من جهة وتيار الحريري من جهة ثانية شهدت في الساعات الماضية حربًا بالبيانات، تضمنت تقاذفًا للاتهامات.
واعتبر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن استمرار "هروب" الحريري من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل إمعانًا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة.
أما تيار الحريري، الذي اعتبر أن رئاسة الجمهورية تقع "أسيرة الطموحات الشخصية" لباسيل، فلفت إلى أن الرئيس المكلف التزم بأصول الدستور وواصل التشاور مع رئيس الجمهورية، لتشكيل حكومة تلبي تطلعات اللبنانيين، وليس حكومة تلبي تطلعات جبران باسيل، والجميع شهود على ذلك، وشهود على إحباط باسيل لكل المبادرات.