الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

الحرب في غزة لم تضع أوزارها بعد.. هل باتت التهدئة مهدَّدة جدّيًا؟

الحرب في غزة لم تضع أوزارها بعد.. هل باتت التهدئة مهدَّدة جدّيًا؟

شارك القصة

تلوح الحرب على قطاع غزة بوصفها احتمالًا ممكنًا لا يُستبعَد، لا سيما وأنّ التهدئة هشّة وقابلة للخرق، وفق إشارات يتبادلها الإسرائيليون وحركة حماس.

لم تضع الحرب في غزة أوزارها بعد، إذ لا تزال تطلّ من أكثر من زاوية على القطاع الفلسطيني المُحاصَر.

ففي الساعات الماضية، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات عنيفة على مواقع لفصائل المقاومة، ردًا على إطلاق فلسطينيين بالونات حارقة بمحاذاة الشريط الحدودي للقطاع.

انطلاقًا من ذلك، تلوح الحرب بوصفها احتمالًا ممكنًا وغير مُستبعد، لا سيما وأنّ التهدئة هشّة وقابلة للخرق، وفق إشارات يتبادلها الإسرائيليون وحركة حماس.

ومن الرسائل التي ترسلها تل أبيب باتجاه حماس في هذا السياق، أنّ الحرب السابقة تغيّر بعدها الكثير، وأنّ عبور البالونات الحارقة يمكن أن يكون مبتدأ المعركة.

على الجهة الأخرى، تقدّر حماس أيضًا أنّ الحرب الأخيرة قد أرست قواعد مغايرة، فيما تقول الفصائل الفلسطينية إنّ المقاومة صارت فعلًا ممتدًّا في الزمن، ومستمرًّا في كلّ مكان، وفي كل فلسطين.

جهود تثبيت التهدئة مستمرّة

على هذه الأنقاض، يبدو أنّ إسرائيل وحماس ما زالتا تفاوضان إلى الآن على التهدئة، في ظل جهود مصرية مكثفة لتثبيت التهدئة، وإحداث اختراق في المفاوضات الجارية، بعد وصول وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة.

وعلى الجهة الأخرى، هناك محاولات أميركية أيضًا لضمان استدامة الهدوء في القطاع؛ تعكسها اتصالات على أكثر من صعيد بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة والإدارة الأميركية.

وإزاء كلّ ما سبق، تُطرَح علامات استفهام بالجملة عن دلالات التصعيد المستجدّ، وما إذا كان يهدّد جديًا التهدئة في غزة، وقبل هذا وذاك، عن أفق الجهد الأميركي والمصري لتثبيت هذه التهدئة.

رغبة الجانبين في الحفاظ على وقف إطلاق النار

يتحدّث رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة عدنان أبو عامر عن تطورات ميدانية متلاحقة قد تكون مستعجلة بعد أيام قليلة من وقف إطلاق النار في غزة، لافتًا إلى تغيير في الوجوه الحاكمة في إسرائيل وربما في السياسات العامة تجاه غزة.

ويشير أبو عامر، في حديث إلى "العربي"، من غزة، إلى أنّ القصف الإسرائيلي لم يكن رادعًا للمقاومة الفلسطينية، وأنّ هذه الأخيرة واصلت إطلاق البالونات الحارقة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

ويعتبر أنّ الأداء الإسرائيلي العسكري "محاولة للقفز عن مجموعة من الملفات التي تبدو ملحة وطارئة وعاجلة، وتجعل من وقف إطلاق النار هشًا وكأنه أقرب إلى انفراط عقده".

ومن هذه الملفات، وفقًا لأبو عامر، وقف المنحة المالية القطرية إلى قطاع غزة، وكذلك وقف البالونات الحارقة باتجاه المستوطنات، وإعادة النظر في صفقة تبادل الأسرى.

ويخلص إلى "أننا قد نذهب إلى جولة قتال جديدة"، لكنّه يعرب عن اعتقاده بأنّ "رغبة الجانبين حتى الآن هي محاولة الحفاظ على وقف إطلاق النار، حتى لو كان هشًا لأنّ الأوضاع في كلا الجانبين لا تحتمل مواجهة عسكرية واسعة النطاق كما حصل في مايو/أيار الماضي".

مصر تطلب من إسرائيل وفصائل المقاومة "ضبط النفس"

مصريًا، يلفت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي إلى أنّ القاهرة كانت، قبل مجيء حكومة إسرائيلية جديدة يوم الأحد الماضي، تسعى مع كل من إسرائيل وحركة حماس والجهاد الإسلامي؛ لتثبيت وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة طويلة المدى، تسمح بإعادة الإعمار وتسمح أيضًا باستكشاف فرص استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع إمكانية حدوث اختراق في موضوع تبادل الأسرى.

ويرى هريدي، في حديث إلى "العربي"، من القاهرة، أنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة في فترة اختبار، وهي معرضة للهجوم الجديد من جانب رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي أعلن يوم تنصيب هذه الحكومة أن يوم عودته للحكومة ليس ببعيد.

وانطلاقًا ممّا سبق، يؤكد هريدي أنّ مصر تشعر بالقلق نتيجة هذه التطورات، وتطلب من كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة العمل على ضبط النفس، وعدم الانجرار وراء عملية عسكرية واسعة النطاق بغضّ النظر عمّن يتسبّب فيها.

ويشدّد على أنّ هدف زيارة الوفد الأمني الإسرائيلي إلى القاهرة كان بحث التهدئة وكيفية تثبيت وقف إطلاق النار، ومن ناحية ثانية دراسة ملف تبادل الأسرى.

الولايات المتحدة تريد "حماية" إسرائيل من مغبّة "مغامراتها"

أما مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان فيعرب عن اعتقاده بأنّ الإدارة الحالية في واشنطن غير مطمئنة كليًا لعدم عودة الطرف الإسرائيلي إلى أرض المعركة من جديد في غزة.

ويوضح جهشان، في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، أنّ الإدارة الأميركية بنت عودتها إلى النزاع العربي الإسرائيلي والخطط التي تبحثها حاليًا؛ على دور مستقبلي لها بهذا الخصوص، لكنّه يلفت إلى أنّ هذا كله مبني على أساس استمرارية وقف إطلاق النار في غزة.

ويرى أنّ "أهم شيء حاليًا لهذه الإدارة هو تمكين وقف إطلاق النار، ومحاولة جعله دائمًا إن لم يكن مفتوحًا ومستمرًا لفترة طويلة الأمد"، مشيرًا إلى أنّ واشنطن "تبدي قلقها تجاه أي تصرف من قبل أي طرف -سواء كان إسرائيل أو حماس- لتقويض هذا الاتفاق، لأنّ من شأنه أن يسدّ الطريق أمام الخطوات التي تفكّر الإدارة في اتخاذها".

ويشدّد على أنّ أيّ خطوة تتّخذها الولايات المتحدة "ليست نابعة من محبة الشعب الفلسطيني أو التزام بحقوقه المشروعة؛ بقدر ما هو حماية إسرائيل من مغبة مغامراتها أو سياساتها المغامِرة".

ويرى أنّ المشكلة في التهدئة التي دفعت بها الولايات المتحدة وسهّلتها مصر؛ هي أنها تهدئة من أجل التهدئة، مشدّدًا على أنّ "التهدئة لا قيمة لها بدون أفق سياسي".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة