أعلنت حركة طالبان انتهاء الحرب في أفغانستان بعد سيطرتها على القصر الرئاسي في كابُل مع رحيل القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة ومسارعة الدول الغربية لإجلاء مواطنيها اليوم الإثنين.
وصباح الإثنين، أطلقت القوات الأميركية النار في الهواء في مطار كابُل، بعدما اجتاح آلاف الأفغان المدرّج أملًا بالهروب.
وقال مسؤول أميركي: "كان من الصعب التحكم في الحشد... إطلاق النار في الهواء كان فقط لمنع حدوث فوضى".
ومنذ أمس الأحد، غزا مئات الأفغان مدارج مطار كابل في الظلام، ومعهم أمتعتهم أملًا في الوصول إلى أماكن بآخر طائرات تجارية تغادر البلاد، قبل اضطلاع القوات الأميركية بمراقبة المجال الجوي.
Latest pictures from Kabul Airport. People are on their own now while the world watches in silence. Only sane advise to Afghan people…RUN pic.twitter.com/RQGw28jFYx
— Sudhir Chaudhary (@sudhirchaudhary) August 16, 2021
واحتاجت طالبان ما يزيد قليلًا عن أسبوع للسيطرة على البلاد في حملة خاطفة انتهت في كابُل، بينما اختفت القوات الأفغانية التي أنفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها مليارات الدولارات لتدريبها وتسليحها على مدار سنوات.
وقال محمد نعيم، المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان: "هذا يوم عظيم للشعب الأفغاني وللمجاهدين. لقد شهدوا ثمار جهودهم وتضحياتهم على مدار 20 عامًا... انتهت الحرب في البلاد".
غموض حول طبيعة انتقال السلطة
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني أكد مغادرته البلاد، ما يُضفي غموضًا حول طبيعة انتقال السلطة في البلاد عقب عودة طالبان للعاصمة بعد عقدين من إزاحتها عن السلطة.
وفي هذا الإطار، قال نعيم: إن شكل النظام الجديد في أفغانستان سيتّضح قريبًا، مضيفًا أن الحركة لا ترغب في العيش في عزلة، ودعا إلى علاقات سلمية مع المجتمع الدولي.
وأضاف: "لقد وصلنا إلى ما كنا نسعى إليه وهو حرية بلادنا واستقلال شعبنا... لن نسمح لأحد باستخدام أراضينا لاستهداف أي جهة، ولا نرغب في الإضرار بالآخرين".
من جهته، قال قائد في الحركة لوكالة "رويترز": إن المسلحين يُعيدون تنظيم صفوفهم من مختلف الأقاليم، مضيفًا أن طالبان لن تُشكّل هيكلًا جديدًا للحكم إلا بعد رحيل القوات الأجنبية.
وأضاف مسؤول طالبان، الذي طلب عدم نشر اسمه، أنه صدرت تعليمات لمقاتلي الحركة في كابُل بعدم ترهيب المدنيين والسماح لهم باستئناف أنشطتهم العادية.
وقال: "الحياة الطبيعية ستستمر بطريقة أفضل كثيرًا، وهذا كل ما استطيع أن أقوله الآن".
مغادرة الدبلوماسيين الأميركيين
وفي وقت مبكر الإثنين، ذكر مسؤول أميركي أن معظم الدبلوماسيين الغربيين غادروا كابُل، مضيفًا أن بعض الموظفين باقون للدعم، مضيفًا أنه جرى إنزال العلم الأميركي من مجمع السفارة.
وكان الجيش الأميركي أمّن محيط مطار كابُل "لتمكين العاملين الأميركيين وعاملي الحلفاء من مغادرة أفغانستان بأمان في رحلات مدنية وعسكرية".
وأكد بيان مشترك لوزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، الأحد، أن الولايات المتحدة ستوسّع على مدار الساعات الثماني والأربعين المقبلة وجودها العسكري إلى زهاء ستة آلاف جندي "في مهمة تنصبّ فقط على تسهيل عمليات الإجلاء، وستتولّى مراقبة المجال الجوي".
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: "سننقل آلاف المواطنين الأميركيين وغيرهم خارج البلاد، وسنُسرّع عملية إجلاء آلاف الأفغان المؤهلين لتأشيرات الهجرة الخاصة في الولايات المتحدة".
وخلال الأسبوعين الماضيين، وصل حوالي ألفي أفغاني، مؤهّلين لبرنامج الهجرة الخاصّ، إلى الولايات المتحدة.
كما وجّهت الولايات المتحدة مع 65 دولة أخرى، تحذيرًا لحركة طالبان، في حال "عدم احترام وتسهيل المغادرة الآمنة والمنظّمة لجميع المواطنين الأجانب والأفغان الراغبين في مغادرة البلاد".
وشدّد البيان على أنّ "مَن هم في موقع القوة والسلطة في جميع أنحاء أفغانستان، يتحمّلون مسؤولية (...) حماية الأرواح البشريّة (...) وإعادة الأمن والنظام العام فوراً".
"أسرع كثيرًا مما توقعنا"
وخلال الأيام الماضية، رجّح تقييم مخابراتي أميركي أن تسقط كابُل في أيدي مقاتلي طالبان خلال 90 يومًا، لكن الحركة سيطرت على معظم المدن الكبرى خلال أقل من أسبوع ودخلت العاصمة الأحد.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لقناة "سي إن إن" التلفزيونية الإخبارية إنه في عهد أربع إدارات أميركية استثمرت واشنطن مليارات الدولارات في القوات الحكومية الأفغانية، ما أعطاها أفضلية على طالبان لكنها لم تستطع الدفاع عن البلاد في وجه تقدّم مقاتلي الحركة.
وأضاف: "حدث ذلك أسرع كثيرًا مما توقعنا".