الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

بيروت.. هدوء حذر بعد اشتباكات عنيفة وتبادل اتهامات بين حزب الله والقوات اللبنانية

بيروت.. هدوء حذر بعد اشتباكات عنيفة وتبادل اتهامات بين حزب الله والقوات اللبنانية

شارك القصة

 مقتل 6 أشخاص وإصابة 30 جراء اشتباكات أثناء مظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل (غيتي)
مقتل 6 أشخاص وإصابة 30 جراء اشتباكات أثناء مظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل (غيتي)
يسيطر هدوء حذر في بيروت بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى سقوط ضحايا وأعادت إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية، في وقت بدأ تقاذف الاتهامات بالمسؤولية عما حصل بين حزب الله والقوات اللبنانية.

عاد الهدوء الحذر ليسيطر بعد ظهر اليوم الخميس على شارعي بدارو والطيونة في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى سقوط ضحايا.

فقد قتل 6 أشخاص وأصيب 30 بجروح على الأقل، اليوم، جراء إطلاق رصاص أثناء تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.

وتعرّض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله، اعتراضًا على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللتها مطالبات بتنحيته.

وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم الوجود الكبير لوحدات الجيش وتنفيذها انتشارًا سريعًا في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).

قنص وفوضى في بيروت

وبدأ إطلاق النار بشكل مفاجئ خلال تجمع عشرات المتظاهرين من مناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل.

وقال وزير الداخلية بسام مولوي، خلال مؤتمر صحافي: "الإشكال بدأ بإطلاق النار من خلال القنص، وأصيب أول شخص في رأسه ... إطلاق النار على الرؤوس يعد أمرًا خطيرًا جدًا".

ولفت إلى أن "مدعي عام التمييز أعطى إشارة قضائية مفتوحة لمتابعة التحقيقات ووضع كل المعلومات أمامها لتوحيد التحقيق والوصول إلى النتيجة المرجوة".

وعن إمكان وجود معطيات أمنية للتحرك، قال مولوي: "لم يكن لدينا معطيات أمنية، ومنظمو التظاهرة أكدوا على سلميتها وهي مختارة من النخب، وليس لدى الأجهزة الأمنية أي معلومات حول ما حصل".

تبادل اتهامات

وعقب الأحداث الفوضوية، اتهمت جماعة حزب الله وحركة أمل، "مجموعات مسلحة" تابعة لحزب "القوات اللبنانية" التي يترأسها سمير جعجع، بقتل وجرح مؤيدين لهما خلال مظاهرة في العاصمة بيروت.

وقالت قيادة حزب الله وأمل، في بيان مشترك، إن مشاركين في "تجمع رمزي" أمام قصر العدل في بيروت تعرضوا لـ"اعتداء مسلح من قبل مجموعات من حزب القوات اللبنانية، التي انتشرت في الأحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات، ومارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد، مما أوقع هذا العدد من الشهداء والجرحى".

كما اعتبر البيان أن الاعتداء يهدف إلى "جر البلد لفتنة مقصودة".

من جهته، غرّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مستنكرًا الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها حزب الله.

وقال جعجع إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو "السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان".

ونفت القوات أي مسؤولية لها في هذه الأحداث، لافتة إلى أنها "نتيجة عملية للشحن الذي بدأه الأمين العام لحزب الله منذ أربعة أشهر بالتحريض في خطاباته كلّها على المحقّق العدلي" في انفجار مرفأ بيروت.

مشاهد تعيد ذكريات الحرب

أما ميدانيًا، فتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صور تلاميذ يحتمون داخل قاعة تدريس في مدرسة قريبة بفرن الشباك، معلقين أن التاريخ يعيد نفسه، وبأن هذه المشاهد تذكر اللبنانيين بفترة الحرب الأهلية القاسية عام 1975.

وتحت النيران، عمد مواطنون عدة بينهم أطفال حاملين ما أمكن من حاجيات إلى مغادرة منازلهم في منطقة الطيونة المكتظة بالأبنية السكنية.

وتناقل عدد كبير من النشطاء لقطة مصوّرة يظهر فيها عنصر من الجيش اللبناني وهو يحمل تلميذة صغيرة على يديه، في محاولة منه لإخراجها بأمان من المدرسة.

من جهته، أعلن الجيش اللبناني أنه "خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وقد سارع الجيش إلى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها".

لكن الجيش لم يحدد هوية الأطراف التي بدأت بإطلاق الرصاص.

وخلال الاشتباكات حذّر الجيش أن وحداته "سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح موجود على الطرقات، وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار". مناشدًا المدنيين لإخلاء الشوارع فورًا.

دعوات لعدم الانجرار إلى الفتنة

وتعقيبًا على المشاهد المسلحة في العاصمة، دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة"، وأجرى اتصالات عدة مع الجيش ومسؤولين بينهم زعيم حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري.

أما رئاسة الجمهورية اللبنانية فلفتت في تغريدة عبر تويتر، إلى أن الرئيس ميشال عون أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش وتابع معهم تطورات الوضع الأمني في ضوء الأحداث التي وقعت في منطقة الطيونة وضواحيها،"وذلك لمعالجة الوضع تمهيدًا لإجراء المقتضى وإعادة الهدوء إلى المنطقة".

كما عبرت فرنسا، الخميس، عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع يوم 4 أغسطس/ آب 2020 ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن "فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء العرقلة الأخيرة لحسن سير التحقيق... وأعمال العنف التي وقعت في هذا السياق. إن فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة".

خوف على التحقيق بانفجار المرفأ

تزامنًا مع ذلك، يخشى أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت أن تؤدي الضغوط إلى عزل القاضي بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير/ شباط بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.

 فمنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.

فقد علّق بيطار، الثلاثاء الفائت، التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، المنتميان لكتلة حركة أمل.

وأفادت وسائل إعلام محلية أن محكمة التمييز المدنية رفضت، اليوم الخميس، الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز.

وشكّل هذا القرار ارتياحًا في نفوس أهالي الضحايا والمتضررين، إذ على إثره يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب كل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق.

تابع القراءة
المصادر:
العربي، وكالات
تغطية خاصة
Close