ردّ القضاء اللبناني اليوم الخميس، أربع دعاوى قدّمها مسؤولون ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ما يعني أنه بات بإمكانه استئناف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بعد توقف لثلاثة أسابيع.
فقد ردت الهيئة العامة لمحكمة التمييز الدعويين المقدمتين من رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائب نهاد المشنوق، لمخاصمة الدولة عن ما اعتبروه "الأخطاء الجسيمة" التي ارتكبها بيطار في حقهما.
واعتبرت أن الأخير لم يرتكب أي خطأ يستوجب مقاضاة الدولة، وألزمت كلًا من دياب والمشنوق دفع مليون ليرة لبنانية للدولة بدل عطل وضرر.
كما ردّت الهيئة دعوى مخاصمة الدولة التي قدمها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، وألزمت كلًا منهما أيضًا دفع مليون ليرة بدل عطل وضرر للدولة.
من جهتها، ردّت محكمة التمييز الجزائية دعوى تقدم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس، التي صدرت في حقه مذكرة توقيف، طلب فيها نقل ملف انفجار مرفأ بيروت من عهدة البيطار بسبب الارتياب المشروع.
وهؤلاء المسؤولون الخمسة هم من المدّعى عليهم في انفجار مرفأ بيروت، الذي تسبب بمقتل أكثر من 215 شخصًا وإصابة أكثر من 6500 بجروح، عدا عن دمار واسع في المرفأ وأحياء من العاصمة.
وبمجرّد تبلغه قرارات رد الدعاوى، يصبح بإمكان البيطار استئناف التحقيق المعلق منذ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني من الشهر الحالي.
عراقيل في وجه التحقيق
وغرق التحقيق في انفجار المرفأ في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية. ومنذ تسلمّه التحقيق قبل نحو عام، لاحقت 16 دعوى القاضي طارق البيطار، تمّ التقدّم بها أمام محاكم مختلفة، طالبت بكفّ يده ونقل القضية الى قاض آخر، وأدت الى تعليق التحقيق لمرات عدّة.
وبعدما ردّت محاكم عدّة الدعاوى لأسباب مختلفة، وجد القضاة أنفسهم عرضة لدعاوى تقدم بها المسؤولون المدعى عليهم للتشكيك بصوابية قراراتهم.
وفي سياق متصل، حدّدت الهيئة العامة لمحكمة التمييز برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز برئاسة القاضي ناجي عيد بمثابة المرجع الصالح للنظر بدعاوى الرد التي تقدم ضد البيطار، بمعزل عن المحاكم الأخرى.
وتأتي هذه الخطوة، "للحدّ من محاولات عرقلة التحقيق المستمرة والحؤول من دون إضاعة مزيد من الوقت".
ثلاث قاضيات يتقدمن باستقالاتهن
وكانت ثلاث قاضيات قد تقدمن الأربعاء باستقالتهن الى مجلس القضاء الأعلى، "احتجاجًا على الوضع الصعب الذي بلغه القضاء والتدخلات السياسية في القضاء والتشكيك في القرارات التي تصدر عن قضاة ومحاكم في معظم الملفات وأهمها قضية انفجار المرفأ".
وبيّن التحقيق في انفجار المرفأ بيروت مدى ضعف الجسم القضائي في لبنان وقدرة السياسة على التدخل في عمله، ما لم يخدم توجهاتها.
وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول، قتل ستة أشخاص وأصيب ثلاثون على الأقل بجروح الخميس في اشتباكات مسلحة تخللها تبادل لإطلاق النار والقذائف الصاروخية، تزامنًا مع تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، الى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح ابنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارًا سريعًا في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).
واتهم حينها حزب الله وحركة أمل "مجموعات من حزب القوات اللبنانية"، بـ"الاعتداء المسلح" على مناصريهما.
واعتبر حزب القوات اللبنانية اتهامه "مرفوضًا جملة وتفصيلًا"