تتباين المواقف الدولية حول الاعتراف بحركة طالبان على أنها جهة رسمية تحكم أفغانستان، عقب سقوط العاصمة كابُل بيدها.
ففيما أعلنت الصين استعدادها للتعامل مع الحركة، وتوافق هذا الرأي مع الموقف الروسي، اعتبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن الوقت حاليًا "ليس مناسبًا للحديث عن الاعتراف بحكم طالبان".
أما إيران، جارة أفغانستان، فاعتبرت، على لسان رئيسها إبراهيم رئيسي أن "ما حصل هزيمة كاسحة لأميركا ولكل من يراهن عليها".
ترقّب دولي
ورغم التطمينات التي أرسلتها الحركة إلى المجتمع الدولي، لا تزال بعض الدول قلقة من تطور الأوضاع.
ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تشكيل حكومة جديدة في أفغانستان، من خلال المفاوضات، تكون "موحدة وشاملة وتمثيلية، تتضمن مشاركة للمرأة بشكل كامل وعلى قدم المساواة وجاد".
كما دعا المجلس المؤلف من 15 دولة عضوا، والذي اجتمع لمناقشة الوضع في أفغانستان اليوم الإثنين، إلى وقف فوري للأعمال العدائية وانتهاكات حقوق الإنسان، وحث جميع الأطراف على السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عراقيل.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن، اليوم الإثنين، على "استخدام كل الأدوات المتاحة لديه لوقف التهديد الإرهابي العالمي في أفغانستان"، وضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية.
وقال غوتيريش، خلال اجتماع لبحث الأوضاع في أفغانستان بناء على دعوة من النرويج وإستونيا: نتلقى تقارير تقشعر لها الأبدان عن فرض قيود صارمة على حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد.
من جهته، حذر مندوب أفغانستان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير "غلام محمد إسحاقزي"، الإثنين، من تداعيات سيطرة حركة طالبان على السلطة في بلاده.
ودعا إسحاقزي، إلى تشكيل "حكومة انتقالية شاملة تضم الجميع وتحافظ على المكاسب التي تحققت على مدار الـ20 عامًا الماضية".
تقاطعات في مجلس الأمن
في هذا السياق، يرى الباحث المتخصص في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام أن جلسة مجلس الأمن كانت مهمة، في ظل التقاطعات التي ظهرت بين مندوبي عدة دول.
وفي حديث إلى "العربي" من نيويورك"، يشير صيام إلى "وجود خلافات واضحة بين أميركا وروسيا، إلا أن ذلك لا يتنافى مع التقاطعات التي ظهرت خلال الجلسة".
ويقول: شددت معظم الدول على ضرورة حماية المدنيين والعمل على الانتقال السلمي عبر حكومة شاملة تسمح لكافة الأطياف بالتمثيل، إضافة لموضوع حقوق الإنسان وحماية المرأة.
ويضيف: "هناك حقائق فرضت على الأرض، ويجب التعامل معها، ومجلس الأمن عقب الجلسة المفتوحة ذهب إلى جلسة مغلقة لإصدار بيان رئاسي مشترك".
ويتابع: "الاعتراف بطالبان سيتأخر قليلًا في ظل مراقبة المجتمع الدولي لتصرفات الحركة على الأرض".
توقيف تنظيم "الدولة"
من جهته، يؤكد نائب وزير الخارجية الأسبق أندريه فيدروف أن انتصار طالبان "كان متوقعًا" منذ وقت طويل.
ويشير، في حديث إلى "العربي" من موسكو، إلى أن "أحد زعماء حركة طالبان أبلغني بأنه بعد هزيمة أميركا، لن يدخل أحد إلى أفغانستان بالقوة العسكرية في المستقبل".
ويشدد على أن "طالبان أصبحت واقعًا سياسيًا ويجب أن تأخذ روسيا هذا في عين الاعتبار".
ويقول: "روسيا ستعترف بحكومة طالبان، لكن ستربط ذلك بشروط محددة، أبرزها ضمان توقيف تنظيم "الدولة" في آسيا الوسطى".
مصالح مشتركة
بدوره، يرى رئيس مركز أفغانستان للدراسات والإعلام هادي وزين أن حركة طالبان بدأت تشعر باقترابها من الحكم في أفغانستان عقب اجتمعها مع وفود أميركية في الدوحة.
ويشير وزين، في حديث إلى "العربي" من أنقرة، إلى أن اجتماعات الدوحة أعطت شبه اعتراف دولي وأميركي بالحركة.
ويقول: "طالبان أبدت نشاطًا دبلوماسيًا ملحوظًا، وحسنت العلاقات مع روسيا والصين بعد زيارات متبادلة".
ويشدد وزين على أن لدى الصين وروسيا الكثير من المصالح في أفغانستان نظرًا للحدود بين هذه الدول.