تصاعدت النقاشات واحتدمت في الساعات القليلة الماضية، وذلك بعد الإعلان عن توصل إيلون ماسك إلى صفقة لشراء تويتر بقيمة 44 مليار دولار، لتنتقل منصة المدونات الصغيرة إلى ملكية خاصة بقيادة رجل الأعمال والملياردير الأميركي الذي يوصف بأنه "مثير للجدل".
وتطرح الصفقة التي ستحول السيطرة على منصة التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الملايين من بينهم زعماء عالميون وصحافيون إلى أغنى شخص في العالم، مخاوف جدية من هيمنة أثرياء العالم على حرية التعبير.
ويبدو أنّ تصريحات ماسك التي أكّد فيها أن حرية التعبير هي "حجر الديمقراطية الأساس"، وأن تويتر بمثابة "مدينة تتيح مناقشة مستقبل البشرية" لم تقنع الكثيرين.
هل سيتساهل "مُسكِت منتقديه" في مراقبة المحتوى؟
بحسب أستاذ تكنولوجيا الهندسة أحمد بانافع، تثار الشبهات بشأن وعود ماسك بالتساهل في مراقبة محتوى التغريدات كونه عمد في السابق إلى "إسكات منتقدي شركة تسلا.. فعندما يهاجم أي شخص منتجاته لا يمكنه تحمل الأمر.. لذلك ستكون هذه نقطة صعبة بالنسبة له ليقول إن الكلام مجاني".
وأردف: "حرية التعبير بالنسبة إلى شخص هي خطاب كراهية لشخص آخر، فما تراه أنت حرية تعبير قد يكون انتهاكًا لقوانين وسياسة بعض البلدان".
وعقب التوصل إلى الصفقة التي هزت عالم المال بحد ذاته، أطلق مالك شركة "تسلا" للسيارات الكهربائية وعدًا بإعطاء مساحة أكبر لحرية التعبير، داعيًا خصومه ومنتقديه بتغريدة نشرها أمس الإثنين، لعدم مغادرة تويتر.
لكن ديفيد غرين مدير الحريات المدنية في مؤسسة الحدود الإلكترونية، أكّد أنهم كخبراء سمعوا من قبل العديد من المنصات في السابق وهي تقول إنها ستضع نظامًا أساسيًا لحرية التعبير وهذا يعني عدم الإشراف على المحتوى.
وبغض النظر عن عدد الأنظمة التي وعدت بذلك، يقول غرين إنهم "عادوا ووجدوا أن لا مفرّ من مراقبة المحتوى، فليس من الممكن أن يكون لديك موقع حيث تسمح بنشر كل ما يقدّمه المستخدمون".
أما سياسيًا، فاحتفل الجمهوريون بأميركا بدعوات حرية التعبير مطالبين ماسك بإثبات صدق مزاعمه، وتحديدًا من خلال "الإفراج" عن صفحة الرئيس السابق دونالد ترمب التي حظرها تطبيق تويتر، بعد حادثة اقتحام أنصاره لمبنى الكونغرس الأميركي عقب فوز جو بايدن بانتخابات عام 2020.
سلطة المنصات والأجندات السياسية
بدورها، تتحدث الناشطة المدافعة عن الحقوق الرقمية مني شتيه لـ"العربي"، عن دور المالكين للمنصات في تحديد سياسات مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إنّه نظريًا يجب أن يكون العمل على هذه المنصات غير مرتبط بمن يملكها بل يجب أن تتبع سياسات واضحة لا تتغير.
ولكنها تردف: "من خبرتنا مع مواقع التواصل الاجتماعي دائمًا نرى أن نموذج الأعمال الخاص بهذه الشركات هو الذي يحكم في نهاية المطاف".
وتشير إلى أنه على مدى السنوات الماضية وتحديدًا في الوطن العربي عقب ثورات الربيع العربي، بدأنا نلمس كيف أنتجت هذه الثورات "سلطوية جديدة" بعد أن كان الناس محكومين تحت سلطة الأنظمة العربية ولكن بعد عام 2010 الذي شهد انتفاضة شعبية قوتها وسائل التواصل بدأت الأنظمة بالتحكم في الخطاب الموجود على هذه المنصات.
انعكاسات آراء ماسك الشخصية على سياسات تويتر
وعن مكاسب ماسك من استحواذه على إحدى أهم منصات التعبير في العالم، تقول شتيه إن تويتر مثل العديد من مواقع التواصل المبنية على نموذج أعمال ربحي يسعى لبيع الإعلانات، لذلك قد تؤثر رؤية ماسك الاقتصادية بشكل كبير على مستقبل الشركة وسياسة إدارة المحتوى، بما فيها عودة تويتر إلى الصين.
كما تطرقت المدافعة عن الحقوق الرقمية إلى إشكاليات أخرى تتعلق بإدارة المحتوى والتي قد يؤثر عليها وصول أغنى شخص في العالم إلى رأس إدارتها، لا سيما أنه عرف بانتقاده في السابق حق الناس في "المجهولية" وكيفية تعامل تويتر مع وجود ناس بأسماء مستعارة على هذه المنصة.
وأضافت: "الحق في المجهولية أساسي لا سيما أنه في المنطقة العربية على سبيل المثال، يواجه النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان تهديدات بالملاحقة من قبل أنظمتهم إذا كانت هويتهم مكشوفة".
بالتالي تتخوف شتيه من أن ينعكس انتقاد ماسك لهذا الحق على سياسات تويتر في المستقبل، الأمر الذي سيشكل حتمًا خطرًا على سلامة وحياة بعض النشطاء.