قد لا تكون عبارة "الطائرة الشبح" بغريبة بالنسبة للكثيرين، وإن بدت للوهلة الأولى مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، فهي أصبحت مألوفة بصورة أو بأخرى، بل إنّ الدول الكبرى تتنافس على صناعة أجيال جديدة أكثر تطوّرًا منها.
وفي التعريف، تختلف "الطائرة الشبح" عن غيرها من الطائرات لاستخدامها ما توصف بتقنية التخفّي لتجنّب اكتشافها من قبل الرادارات، وذلك بسبب تصميم سطحها الخاص والمواد المستخدمة في صناعتها.
فكيف تعمل "أشباح السماء المخيفة"، وكيف غيّرت ملامح الحروب الحديثة؟ وما حقيقة النظرية القائلة بأنّ "الشبح الأميركي" يسيطر على "معارك السماء" هذه؟ ماذا عن "الأشباح" التي ظهرت في روسيا والصين أيضًا؟
لمعرفة الإجابات على هذه الأسئلة، يصبحنا حسن هاشم في مغامرة حربية لاستكشاف خبايا تقنيات التخفّي في عالم الطائرات المقاتلة والقاذفات النووية، ورحلة تطورها من جيل إلى جيل، وصولاً إلى مقاتلات الجيل السادس.
نايت هوك.. الطائرة الشبح
في كوسوفو والعراق وبنما، ظهرت طائرة F-117 نايت هوك الأميركية بعد أن رفعت الولايات المتحدة السرية عنها عام 1988. وتُعَدّ هذه المقاتلة أول طائرة أميركية تصمم بتقنيات التخفي، أي إنها وإلى حد كبير تكون غير مرئية للرادار. وقد طليت هذه الطائرة بمادة تحتوي على جزيئات ماصة للرادار ما جعلها أقل عرضة للاكتشاف.
وساهم التصميم الهندسي المميز للطائرة F-117 Nighthawk في تخفيها عن الرادار، وذلك بسبب الألواح المسطحة، ذات الزوايا والحواف المائلة والرفيعة.
بدورها ساهمت ههذ الألواح في تقليل المقطع العرضي للرادار، وعكس موجاته في اتجاهات مختلفة. كما أنّ الطائرة احتوت أيضا على مخازن أسلحة داخلية جعلتها أقل عرضة للاكتشاف كذلك.
الطائرة "الأغلى في العالم"
بعد ذلك فكر الأميركي أنه بحاجة إلى تطوير هذه الطائرة لتصبح أسرع، والأهم، لتكون قادرة على الطيران بحمولة تدميرية أكبر بكثير. وهنا ظهرت قاذفة القنابل الطائرة الشبح، B2 Spirit.
وهذه الطائرة على اختراق أعتى الدفاعات الجوية في أي مكان على الأرض، وإطلاق ذخائر تقليدية ونووية بدقة عالية، وهي الطائرة التي يعتقد أنها الأغلى في العالم، حيث تبلغ كلفتها مليار دولار للطائرة الواحدة.
مقاتلات الجيل الخامس
ولذلك، كان لا بدّ من ولادة جيل جديد، أو إذا صح القول، الجيل الأخطر من الطائرات الشبح، أو ما يُعرَف بالجيل الخامس، وهي مقاتلات، تحتوي على مزايا تقنية هائلة، تجعل الطائرة أكثر قدرة على التخفي والمناورة، والتحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت، فضلا عن امتلاكها أنظمة استشعار متقدمة تمنحها وعيا أكبر بالموقف في ساحة المعركة.
هكذا ظهرت المقاتلة F-22 Raptor أول طائرة شبح من الجيل الخامس، وفخر سلاح الجو الأميركي.
تحتوي على مدفع M61A2 من عيار عشرين ملمترا مع أربعمئة وثمانين طلقة، وفيها 3 مخازن داخلية للأسلحة، بحيث يكون المخزن الرئيسي قادرًا على حمل 6 صواريخ جو-جو موجهة بالرادار من طراز AIM-120 AMRAAM، أو قنبلتين من ذخائر الهجوم المباشر المشترك من طراز GBU-32 بوزن 1000 ألف رطل، وصاروخي جو-جو موجهين بالرادار من طراز AIM-120. أما المخازن الجانبية فتحمل صاروخي جو-جو من طراز AIM-9 Sidewinder، يعملان بالأشعة تحت الحمراء.
"التنين الصيني الجبّار"
أحيطت إف-22 بسرية بالغة، حتى إن الكونغرس الأميركي منع شركة لوكهيد مارتن المطورة من بيعها وتصديرها. ولكن يبدو أن هذه السرية لم تستمر طويلا، لأنه وفي عام 2016 خرج إلى العلن التنين الصيني الجبار، تشنغدو J20.
وهذه الطائرة أكبر من الأميركية، فهي أطول بنحو خمسة أمتار من F-22، ولو أنّ كلتيهما تحتوي على محركين نفاثين ومقعد واحد. أما فيما يتعلق بالوزن فتعد حمولة J20 أثقل قليلا. ومع ذلك يمكن للمقاتلة الأميركية الإقلاع بوزن أقصى يبلغ ثمانية وثلاثين ألف كيلوغرام، أي أكثر بألفي كيلوغرام من J20.
أكثر من ذلك، فإنّ J20 بالكاد تتفوق على الأميركية من حيث السرعة، إذ يرجح أن سرعتها القصوى تصل إلى اثنين فاصل خمسة وخمسين ماخ مقابل اثنين فاصل خمسة وعشرين ماخ للأميركية. وفي المقابل تتمتع الأميركية بمميزات شبحية أكبر وقدرات قتالية أعلى. فالتنين الصيني يمكنه حمل أربعة صواريخ PL-15 بعيدة المدى في مخزن رئيسي أسفل الطائرة، وصاروخ واحد من طراز PL-10 قصير المدى في مخزنيها الجانبيين.
الروس يقتحمون معركة الجيل الخامس
اتهم الأميركيون الصينيين بسرقة بسرقة تكنولوجيا المقاتلة الأميركية F-35 التي توصف بأنها أكثر المقاتلات تقدما في العالم، وتعد بمثابة حجر الزاوية في سلاح الجو للولايات المتحدة وحلفائها وعلى رأسهم إسرائيل.
ولكن هذا الوصف، لم يوافق عليه الروس الذي قرّروا أن يقتحموا بدورهم معركة الجيل الخامس ويزيحوا الستار عن طائرة أرعبت الجميع، ووصفها حلف الناتو بالمجرم. إنها المقاتلة سوخوي..سو- سبعة وخمسون.
وغالبًا ما وضعت سوخوي- 57 سبعة في مقارنة مباشرة مع إف خمسة وثلاثين. وقد رجح خبراء روسيا انتصار مقاتلتهم في معركة افتراضية بينهما.