طبيب بريطاني يروي عن مستشفيات غزة.. عمل بظروف العصور الوسطى
في توصيف دقيق لما أضحت عليه مستشفيات قطاع غزة التي تعمّد الاحتلال الإسرائيلي تدميرها ومعاقبة الأطباء والممرضين فيها، أكد خالد دواس رئيس قسم جراحة المريء والمعدة في مستشفيات كليّة لندن الجامعية، أن مستشفيات القطاع باتت تمارس "طب العصور الوسطى".
وقال الجرّاح البريطاني وهو من أصل فلسطيني، عاد قبل شهر من قطاع غزة، لوكالة فرانس برس اليوم الإثنين: "إنه أمر واقعي تمامًا أن يوصف بطب العصور الوسطى. إنه ما يمكن أن تسمع أو تقرأ بأنه حدث في أوروبا قبل نحو 300 أو 400 عام".
"ظروف قاسية"
وتحدّث دواس البالغ 54 عامًا، عن ظروف قاسية في غزة حيث تعمل الطواقم الطبية من دون إمدادات تقريبًا في ظل انقطاع متكرر للكهرباء، فيما يُترك المرضى ممددين على الأرض.
وعاد دواس أواخر الشهر الفائت بعد فترة أسبوعين قضاهما في القطاع لمساعدة الجرّاحين في المستشفيات الفلسطينية، الذين يعانون الضغط الشديد.
وكانت هذه رحلته الثانية أثناء العدوان الإسرائيلي، بعدما قضى فترة سابقة في القطاع في يناير/ كانون الثاني الفائت.
وقال دواس: "بحلول أبريل/ نيسان، كانوا يشهدون على هذا الكم الهائل والدائم من المرضى الذين يموتون والجثث التي تأتي إلى المستشفيات وهو أمر لا يمكن لأي إنسان تحمّله".
وأضاف: "يواصلون العمل لكن يمكنك رؤية تأثير ذلك. إنهم يعانون من العبء الشديد مما يقومون به".
"حكم بالإعدام"
وألمح الطبيب الجراح إلى أن العديد من الجرحى في غزة أو أولئك الذين يحتاجون إلى العناية الطبية، يحاولون تجنّب التوجّه إلى المستشفيات نظرًا إلى أن ذلك بمثابة "حكم بالإعدام". ويعود الأمر إلى تخوّفهم من "التهاب جروحهم بالنظر إلى تلك الظروف".
وبينما أكد الطبيب أنه يشعر بـ"الذنب" لمغادرته غزة والعودة إلى عمله المعتاد في بريطانيا، الذي قال إنه أخذ إجازة منه، أشار إلى أنه سيعود إلى القطاع.
وأعرب عن أمله بأن يكون هناك وقف لإطلاق النار عندما يعود المرة المقبلة، "لأن متابعة التطورات وأنت موجود هناك أمر لا يمكن تحمله".
وتابع: "يصبح تحمّل الأمر أصعب في الحقيقة عندما تغادر وتبدأ بالتفكير في ما رأيته وسمعته. وتتساءل كيف يمكن لأشخاص، لأي إنسان، أن يبقى على قيد الحياة في وضع كهذا كل هذه المدة الطويلة".
ويزور دواس بروكسل للحديث عن تجربته أمام مسؤولين في الاتحاد الأوروبي.
وخلال عدوانه على غزة، الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، وخلّف 36050 شهيدًا و81026 مصابًا، دمّر الاحتلال المنظومة الصحية في القطاع.
ويعمل عدد قليل من المستشفيات بإمكانيات محدودة بسبب شح الأدوية والوقود.
ومساء اليوم، أعلنت إدارة "مستشفى الكويت" بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، خروجه عن الخدمة جراء تكرار استهدافه من قبل الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من طواقمه.