Skip to main content

عاصمة غرب كردفان.. ما دلالات سيطرة الدعم السريع على مدينة الفولة؟

الخميس 20 يونيو 2024
شدد تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" على ضرورة إرسال بعثة لحفظ السلام إلى دارفور لحماية المدنيين - وسائل التواصل

سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، عقب مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني، وسط اشتباك مفتوح وميادين مشتعلة تفرز تصعيدًا ميدانيًا تختلف فيه مناطق سيطرة القوى على الأرض.

فالتطورات في الفولة التي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين، قابلها هدوء حذر لليوم الثالث على التوالي في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد. فهذه المعركة، وفق كثير من التقديرات العسكرية، ستحدد مستقبل إقليم دارفور.

وأمام هذا المشهد، خرج المبعوث الأميركي إلى السودان بتصريحات إعلامية تلوح بضرورة تفكير المجتمع الدولي في خطة بديلة للصدام، وفي هذا حديث عن قوات سلام دولية بشكل ما، سواء في إطار الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي، وفقًا للمبعوث الأميركي الذي يشترط فشل المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود للذهاب بهذا السيناريو.

وهذا التقدير ذهب إليه تقرير "هيومن رايتس ووتش"، الذي شدد على ضرورة إرسال بعثة لحفظ السلام إلى دارفور لحماية المدنيين، ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان.

في المقابل، يدفع السودانيون ثمن المواجهات بين العسكر، بفواتير كبيرة عبر أزمات هي الأسوأ من بين تلك التي عرفها العالم منذ عقود، وفق منظمة أطباء بلا حدود، التي تؤكد أن الاستجابة الإنسانية غير كافية على الإطلاق، فالمجاعة والمرض والأوبئة وانهيار النظام الصحي في البلاد، دفع ملايين السودانيين إلى الفرار من مدنهم.

ما أهمية السيطرة على مدينة الفولة؟

وفي هذا الإطار، أوضح رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" السودانية، الطاهر ساتي، أن قائد ما وصفها بالميليشيا التي دخلت مدينة الفولة اليوم يُدعى حسين برشم، والذي لم يكن جنديًا في قوات الدعم السريع عند اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان الماضي.

وفي حديثه لـ"التلفزيون العربي" من القاهرة، أشار ساتي إلى أن برشم هو من قيادات الدعم الشعبي الموالية للنظام السابق، مثل الكثير من قيادات النظام السابق الذين يعملون في الخطوط الأمامية لقوات الدعم السريع، التي ترفع شعارات الفلول والحرية والديمقراطية كغطاء لممارسة انتهاكاتها، حسب قوله.

وأضاف: "في بداية الحرب كان هناك اتفاق مع المكون المجتمعي لمدينة الفولة، والذي منه بضع أفراد من الدعم السريع، بعدم التعرض للأسواق والمتاجر والمرافق المدنية للمدينة، لكن القوات نكثت الاتفاق واجتاحت أسواقها".

حسين برشم أحد قيادات الدعم السريع الذي دخل مدينة الفولة - وسائل التواصل

وتابع الساتي أن قوات الدعم السريع ومنذ دخولها الفولة، مارست الانتهاكات والسرقة والنهب، مشيرًا إلى أن القوات لم تدخل الفولة لموقعها العسكري أو الإستراتيجي.

وأوضح أن مدينة الفولة هي منطقة صغيرة ولا تشكل أهمية عسكرية أو إستراتيجية للقوات المسلحة وللدولة السودانية في الوقت الراهن.

والساتي الذي أوضح أن المعركة الكبرى التي تخوضها الدولة الآن هي في مدينة الفاشر، أشار إلى أن قوات الدعم السريع افتعلت معركة الفولة، لكي تغطي على هزيمتها في الفاشر وفي مناطق أخرى كثيرة.

ورأى الساتي أن القوات المسلحة السودانية حريصة جدًا على أن تقاتل بأخلاق قبل النظم والتقاليد العسكرية الدولية والإقليمية والوطنية، ولو كانت تريد إنهاء هذه الحرب في فترة وجيزة جدًا لما عجزت عن ذلك، ولكن لدفع الشعب السوداني ثمنًا غاليًا، مشيرًا إلى أن وجود الدعم السريع في منازل الناس والمرافق الخدمية هو الذي يعيق حركة القوات المسلحة في قتالها.

وبشأن الحوار لحل أزمة السودان، ذكر الساتي، أن القوات المسلحة تنازلت وذهبت إلى جدة في الأسابيع الأولى للحرب، رغم أن الدعم السريع حركة متمردة على الدولة، ووقعت إعلان جدة في مايو/ أيار العام الماضي والتزمت بكل البنود، ولكن الدعم السريع لم تلتزم بأهم بند وهو الخروج من الأعيان المدنية ومن المرافق الخدمية ومن منازل الناس، هذا ما يعطل استئناف مسار جدة.

وأكد أنه "متى ما التزمت الدعم السريع بتنفيذ هذا البند سوف تعود القوات المسلحة إلى المفاوضات، لأنها أكثر الجهات حرصًا على السلام، وعلى حماية المواطنين".

لماذا دخلت قوات الدعم السريع مدينة الفولة؟

من جهته، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع عمران عبد الله حسن، أن تكون الدعم السريع قد ارتكبت أي مجازر في مدينة الفولة، مشددًا على أن هذه القوات لم ترتكب أي مجازر في تاريخها النضالي على الإطلاق، حسب تعبيره.

وفي حديث لـ"التلفزيون العربي" من لندن، قال حسن: إن "المجازر ترتكب من قبل قوات الجيش، بالطائرات التي تنتهك حرمات الشعب السوداني، وتضرب البنية التحتية، وتقتل الشعب على أساس عنصري وجهوي".

وأشار إلى أن مدينة الفولة أصبحت مقرًا لفلول النظام السابق، وبؤرة للفساد، ومكان للاستنفار والمجاهدين وللدواعش (تنظيم الدولة)، الذين يقطعون الطرق، ويهاجمون كل المناطق، حسب قوله.

ولفت حسن إلى أن قوات الدعم السريع لم تكن ترغب في مهاجمة مدينة الفولة على الإطلاق، لكن الاستفزازات المتتالية وانتهاكات حقوق الإنسان والمواطنين حول تلك المنطقة هي ما دفعتها لتحرير المدينة.

وبشأن اتهام قوات الدعم السريع بارتكاب المجازر، أوضح حسن أن ما وصفها بـ"الفوبيا" من القوات هي مصطنعة من قبل فلول النظام السابق الذين أشعلوا الحرب في الجنينة، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة و"هيومن رايتس ووتش" تستقيان معلوماتهما من منظمات معظمها موجودة في الخارج وتحصل على المعطيات من بعض النشطاء التابعين لفلول النظام السابق، وفق رأيه.

وذكر أن قوات الدعم السريع كانت قد طلبت تحقيقًا عاجلًا في الجرائم التي تُرتكب في السودان، وأبدت استعدادها لتوفير الحماية في مناطق سيطرتها وتقديم المتورطين للعدالة في حال ثبتت إدانتهم.

وبشأن التقارير التي تفيد باستجلاب مرتزقة للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، اعتبر حسن أن هذا الادعاء غير صحيح، لافتًا إلى أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي وعد الشعب بالقضاء على الدعم السريع، يبحث الآن عن ذرائع وتهم يوجهها إلى دول بعينها.

"الانفصال في دارفور"

من جهته، أوضح الخبير في الشأن الإفريقي إسماعيل ولد الشيخ سيديا، أن الواقع الميداني في السودان يشهد عمليات كر وفر واتساعًا ملحوظًا لرقعة المواجهة، لا سيما مع اتساع رقعة الدعم لطرفي النزاع.

وفي حديثه للتلفزيون العربي من نواكشوط، أشار إلى أن هناك أربع دول تدعم قوات الدعم السريع بشكل رسمي، وهناك انعزال دبلوماسي واضح للحكومة المركزية على الأقل من قبل دول الطوق، مما سيؤثر ميدانيًا بشكل واضح، ويؤشر إلى بداية شيء يشبه الانفصال في دارفور.

وبشأن تأثير تجنيد مرتزقة من جمهورية إفريقيا الوسطى على الداخل السوداني، أوضح ولد الشيخ سيديا أن هناك تأثيرات قوية وحالة من التيه بالنسبة للنازحين السودانيين.

وبخصوص حديث المبعوث الأميركي، أعرب ولد الشيخ سيديا عن اعتقاده أن هذا المسار حتمي لأن المفاوضات فشلت أكثر من مرة، وهناك تعنت في المواقف سواء من قبل القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع، نظرًا لقوتهما المتساوية ووجود انقلابات مبيتة بينهما.

وأضاف ولد الشيخ سيديا أن ما سيحدث في السودان سيكون تحت البند السابع، معربًا عن اعتقاده أن فرض الإرادة الدولية هو الحل.

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة