عام دراسي جديد يدخل وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، والعدوان المتواصل على الضفة الغربية.
فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، حرمت إسرائيل نحو 630 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم. يضاف إلى هذا الرقم أكثر من 58 ألفًا يفترض أن يلتحقوا بالصف الأول الابتدائي في العام الدراسي الجديد، فضلًا عن 39 ألفًا ممَّن لم يتقدموا إلى امتحانات الثانوية العامة.
وقد أكّدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أنّه كلَّما زادت فترة بقاء الأطفال خارج النظام المدرسي؛ زادت صعوبة تعويض الفاقد التعليمي.
تضرّر بنية القطاع التعليمي
وإذا كانت بنية القطاع التعليمي في قطاع غزة قد تضرّرت بالكامل أو بنسبة تصل إلى 90%، فإن ما يقارب 70% من مدارس الأونروا التي تدير نحو 200 مدرسة قد تعرضت للقصف والتدمير التام أو الجزئي.
والمعادلة تقول إنَّ أربعة مبان من كل خمسة مبان مدرسية قد تعرضت لضربات مباشرة أو دمّرت بشكل جزئي، وما بقي صالحًا منها تحوَّل إلى مراكز للإيواء.
وفي اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات المسلحة وفقًا لتقويم الأمم المتحدة الذي يصادف اليوم التاسعَ من سبتمبر/ أيلول من كل عام، توجَّهت منظمات ومؤسسات فلسطينية بدعوة للمجتمع الدولي لإنقاذ المدارس الفلسطينية من الإبادة التعليمية. وطالب البيان الرسمي بتأمين الاستجابة السريعة على كل المستويات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وبالحديث عن الإنقاذ، فإن التقرير المؤقت الصادر عن البنك الدولي والأونروا والاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار الماضي قدَّر تكلفة الأضرار في قطاع التعليم بـ341 مليون دولار.
عام دراسي مجهول الهوية
وفي هذا الإطار، يشير مؤسس مركز رواد الأمل للتعليم والتدريب شاكر الدرة إلى تدمير العملية التعليمية بشكل كامل في غزة، لافتًا إلى أن المعلمين في القطاع يقومون بمبادرات تعليمية صغيرة تغطي جزءًا بسيطًا من حاجات القطاع التعليمية.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دير البلح، يذكر شاكر بأن المدارس في قطاع غزة تحوّلت إلى مراكز إيواء، لذا ينشئ المعلمون خيامًا تعليمية داخل مراكز النزوح.
ويلفت شاكر إلى أن الطلبة في القطاع يعانون من فاقد تعليمي كبير في ظل غيابهم عن الصفوف طيلة عام كامل. ويقول: "ندخل في الأيام القادمة في عام دراسي مجهول الهوية، وسط رغبة كبيرة لدى الطلاب بالتعلم".
أضرار كمية ونوعية
وبشأن حجم الأضرار التي طالت قطاع التعليم في غزة والضفة الغربية، يشير المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية صادق خضور إلى أن أضرارًا غير مسبوقة طالت 90% من المدارس الحكومية.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من رام الله، يوضح خضور أن 290 مبنى من أصل 307 قد تدمرت، فيما استشهد أكثر من 10 آلاف طالب وجُرح 15 ألفا آخرين، وبات نحو 3 آلاف منهم من ذوي الإعاقة. كما استشهد 500 فرد من الهيئة التعليمية في المدارس والجامعات.
وإذ يلفت إلى أن تقارير الوزارة الأسبوعية ترصد الأضرار الكمية، يشير إلى خسائر نوعية حيث حُرم 630 ألف طالب من حقهم في التعليم منذ عام تقريبًا، بالإضافة إلى فاقد تعليمي كبير وآثار نفسية على الطلاب.
والمتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية يعتبر أن أي خطة لقطاع التعليم يجب أن تتناول ثلاثة محاور وهي: البنية التحتية، والفاقد التعليمي والآثار النفسية.
ويلفت إلى أن الوزارة بدأت العام الدراسي في الضفة، وفتحت مدارس افتراضية في غزة. وإذ يؤكد "صعوبة انطلاق العام الدراسي"، يلفت خضور إلى أن "الأمر ليس مستحيلًا".
حاجة للبحث عن بدائل
ومن جهته، يقول المتحدث باسم الأونروا عدنان أبو حسنة إن الوكالة بدأت عملية تعليمية مقلصة في مراكز الإيواء منذ أغسطس/ آب الماضي شارك فيها عشرات الآلاف من الطلاب.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من القاهرة، يوضح أبو حسنة أن الدروس التي تعطى للطلاب تضم نشاطات لا منهجية تتناول تفريغ الضغوط النفسية، بالإضافة إلى المواد التعليمية.
لكنّه يلفت إلى تأثر هذه الدروس والنشاطات بالنزوح القسري للنازحين من مراكز الإيواء إلى أماكن مجهولة.
وفيما يشير أبو حسنة إلى أهمية الدروس الافتراضية، يلحظ تأثير غياب وسائل التواصل والكهرباء وشبكة الإنترنت بالإضافة إلى عمليات النزوح المستمرة والقتل، ما يجعل العملية التعليمية معقدة للغاية.
ويقول المتحدث باسم الأونروا : "يبدو أن القضية ستطول ولا أحد يعرف متى سيتوقف إطلاق النار في القطاع"، مشيرًا إلى أهمية البحث عن بدائل بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لوضع رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع العام الدراسي الحالي.
كما يعتبر أن استمرار الأمور كما جرت العام الماضي تعني أن عامًا دراسيًا آخر سيضيع.