الأحد 17 نوفمبر / November 2024

على حافة الحرب.. قصة النفوذ الروسي "الضائع" في أوكرانيا

على حافة الحرب.. قصة النفوذ الروسي "الضائع" في أوكرانيا

شارك القصة

خلفيات سياسيّة ودينيّة وتاريخيّة وحشد عسكري رهيب.. قصّة جذور الأزمة المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا
يشهد مسرح الأحداث أكثر الفصول اشتعالًا والتهابًا وما كان همسًا بات صخبًا في الإعلام وكواليس السياسة: روسيا قد تغزو شرق أوكرانيا.

على حافة الحرب، يبدو العالم هذه الأيام، على خلفية الأزمة الأوكرانية التي وصلت إلى "أوجها" على ما يبدو، على وقع اتهامات وتهديدات متبادلة، واستنفار بلغ "الذروة".

هي طبول الحرب تُقرَع باختصار، تعزّزها تصريحات تتصاعد لهجتها من هنا وهناك، معطوفة على مناورات وتحرّكات ميدانية على الأرض، توحي بأنّ "ساعة الحقيقة" اقتربت.

لعلّ المؤشر "الأسطع" على ذلك يتمثّل في تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا، قبل أن ينشر نحو 100 ألف جندي روسي على الحدود مع هذا البلد، فيما أرسلت بريطانيا أسلحة دفاعية إلى كييف.

في الموازاة، انطلقت جولات مكوكية لوزراء خارجية أوروبا والولايات المتحدة وروسيا في محاولة لخفض التوتر، ومنع اندلاع نزاع جديد بين موسكو وكييف، قد تكون تداعياته كبيرة على المنطقة والعالم.

لكن، رغم كلّ الجهود الدبلوماسية والمحاولات الحثيثة، يبدو أنّ لهجة "الحرب" لا تزال تطغى، وهو ما يعكس برأي كثيرين الجذور "التاريخية" للصراع بين روسيا وأوكرانيا، جذور تتفاوت خلفياتها بين السياسية والدينية.

كيف بدأت القصة بين روسيا وأوكرانيا؟

عام 1991، نكّس السوفيات أعلامهم بعد انهيار اتحادهم وتفكك جمهورياته التي بدأت في إعلان استقلالها، وعلى رأسها أوكرانيا.

ظلت هذه الدول تدور في الفلك الروسي وتحديدًا أوكرانيا، التي كانت تمثل "حالة خاصة" للكرملين، إذ إنها تمثل عمقًا إستراتيجيًا مهمًا وحساسًا.

فأوكرانيا وبيلاروسيا تقفان حاجزًا جغرافيًا يفصل روسيا عن الدول الأوروبية الكبرى ذات العضوية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تأسس عام 1949 لمواجهة أي تهديد من الاتحاد السوفياتي. كما تتشارك روسيا حدودًا مع أوكرانيا طولها أكثر من 1200 ميل.

وتتأكد أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا بالنظر إلى أنّ عددًا كبيرًا من السكان هم من الروس، ويتركزون في شرق البلاد. كما أنّ نحو ثلث السكان في البلاد يتحدثون الروسية.

إحياء أمجاد الاتحاد السوفياتي

تاريخيًا، كانت أوكرانيا تُعرف باسم "روسيا الصغرى"، ومهد الكنيسة الروسية الأرثوذكسية التي نشأت على أكتافها إمبراطورية القياصرة الروس.

وفي أوكرانيا، خلال القرون الوسطى، ظهرت دولة "كييف روس"، وهي اتحاد من القبائل السلافية قبل عصر الدول القومية في البلدين.

وكان بوتين نفسه كتب مقالًا عام 2021 أشار فيه إلى أن "الروس والأوكرانيين والبيلاروسيين من نسل سلافي واحد"، وأنهم كانوا يتحدثون لغة واحدة هي الروسية القديمة.

ويضاف إلى ذلك أهمية موقع أوكرانيا الجغرافي لروسيا، اقتصاديًا وسياسيًا، إذ تمر عبر أراضيها خطوط الغاز الروسي الذي يمثل ثلث إمدادات أوروبا، كما أنّ أوكرانيا نفسها تمثل سوقًا كبيرًا للغاز الروسي.

وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إحياء أمجاد الاتحاد السوفياتي القديمة، إذ تشير تقارير إلى رغبته في تأسيس اتحاد إقليمي من الدول السوفياتية السابقة.

وكان بوتين قد صرح قبل نحو 20 عامًا: "انهيار الاتحاد السوفياتي كان أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".

Mangomolo Video
انهيار الاتحاد السوفيتي .. وثائقي يرصد واحدة من أهم نقاط التحول في التاريخ الحديث، عندما انهارت وتفككت قوة دولية عظمى من قوى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ويروي الفيلم ما لحق بالانهيار من تغيير في النظام الشمولي وانفصال للجمهوريات السوفيتية وما رافقه من تغيير جذري عميق في بنية المجتمع والثقافة والاقتصاد، كما يعالج كيفية تصرف النخب الروسية مع التغيير والاهتمامات الفردية والمجتمعية للروس اليوم إلى جانب موقفهم من سياسة دولتهم الخارجية.

"الثورة البرتقالية"

عانت أوكرانيا من الفقر والفساد، حيث كان النظام مواليًا للروس في ظل حكم رؤساء متعاقبين أمثال ليونيد كرافتشوك وليونيد كوتشما، حتى اندلعت الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004 التي أخرجت البلاد من مدار النفوذ الروسي.

في العام نفسه، أُعلن عن فوز فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لموسكو، في الانتخابات الرئاسية الجديدة، وانتصاره على منافسه فيكتور يوشتشينكو.

لكن أنصار منافسه اتهموا يانوكوفيتش بتزوير الانتخابات، ونزلوا إلى الشارع يرتدون اللون البرتقالي، وهو لون حملة يوشتشينكو، وهو اللون نفسه الذي اكتسبت الثورة اسمها منه.

انتشرت المطالبات بين المتظاهرين: "نريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي". وفي الوقت ذاته، هدد أنصار يانوكوفيتش المتمركزون في الشرق بالانفصال عن أوكرانيا بعد إلغاء النتائج، وإجراء جولة جديدة من الانتخابات، هُزم فيها يانوكوفيتش وتولى يوشتشينكو المنصب بداية 2005.

لكن الثورة البرتقالية لم تكن فريدة من نوعها، فعام 2003 أطاحت "الثورة الوردية" بالنظام الموالي لموسكو في جورجيا. كما أطاحت ثورة "التوليب" في قرغيزيا بالنظام الموالي لروسيا أيضًا عام 2005.

وبناء على هذه الأحداث، خرجت أوكرانيا وغيرها من جلباب النفوذ الروسي، لكن موسكو لم تقف مكتوفة الأيدي.

إعادة فرض "النفوذ الروسي"

عام 2008، عُقدت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بوخارست، وقدم حينها الحلف دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى صفوفه، لكن روسيا أدانت واستنكرت، فخمد اللهيب حينها.

استفاق نفوذ الروس مرة أخرى عام 2010، حين عاد يانوكوفيتش إلى المشهد السياسي وتولى السلطة وعاد معه التوتر السياسي نهاية عام 2013 حين عطل الرئيس الموالي للكرملين اتفاقًا للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، بهدف إعادة تقوية العلاقات الاقتصادية مع روسيا، ما تسبب في اندلاع احتجاجات واسعة انتهت بهروب يانوكوفيتش بعد نحو 3 أشهر.

ولم تسمح موسكو في ذلك الوقت بهزيمة حليفها في كييف، فزحفت عسكريًا لبسط نفوذها شمال البحر الأسود، وضمت شبه جزيرة القرم بزعم "حماية الأقلية الروسية فيها".

ووفر ضم شبه جزيرة القرم لروسيا ميزات اقتصادية وعسكرية مع سهولة وصول سفنها إلى البحر المتوسط.

فرض الغرب عقوبات على روسيا، لكن الأخيرة لم تكتف.

بسط الانفصاليون المدعومون من روسيا سيطرتهم على مناطق شرقي أوكرانيا، لتندلع حرب أهلية في دونباس، انتهت بتوقيع اتفاقية مينسك عام 2015، التي تقضي بوقف إطلاق النار وإقامة منطقة عازلة وسحب الأسلحة الثقيلة.

لكن مسرح الأحداث شهد أكثر الفصول اشتعالًا والتهابًا مع تصاعد الحديث عن اعتزام أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو. ومع نهاية عام 2021 حشد سيد الكرملين قواته على الحدود. وما كان همسًا بات صخبًا في الإعلام وكواليس السياسة: "روسيا قد تغزو شرق أوكرانيا".

تنفي روسيا إلى الآن أنّ تكون نيتها غزو أوكرانيا بشكل كامل، لكنها طالبت بضمانات تؤكد أنّ الناتو لن يتوسع ليشمل أوكرانيا أو أيًا من دول الاتحاد السوفياتي السابقة.

العربي أخبار

بث مباشر على مدار الساعة

شاهد الآن

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close