في اليوم الـ39 المتتالي للعدوان على غزة، تصدر استهداف إسرائيل وحصارها لمستشفيات القطاع المشهد، وسط ارتفاع مستمر لعدد الشهداء.
ففي مجمع الشفاء المُحاصر، يحفر فلسطينيون داخل مقبرة جماعية لدفن المرضى الذين استشهدوا تحت الحصار الإسرائيلي.
بدوره أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنه "خلال الأيام القليلة الماضية ارتقى 40 شهيدًا داخل أسوار مجمع الشفاء الطبي منذ أن بدأ حصاره فعليًا (قبل 5 أيام) من قبل جيش الاحتلال واستهداف كل شيء يتحرك داخله، وبسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود".
ولفتت إلى أن "الطواقم الطبية داخل المجمع تمكنت الثلاثاء من دفن شهداء في مقبرة جماعية بسبب تعنت الاحتلال الذي مازال يحاصر المجمع بشكل كامل".
أما منظمة الصحة العالمية فأشارت إلى أن أكثر من نصف المستشفيات في قطاع غزة خارجة عن الخدمة بسبب شح الوقود والهجمات الإسرائيلية والبيئة غير الآمنة.
من جهته، اتهم القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان خلال مؤتمر صحافي في بيروت الجيش الإسرائيلي باستهداف القطاع الصحي في غزة لدفع الشعب الفلسطيني إلى "الهجرة قسرًا".
حمدان دحض المزاعم الإسرائيلية بشأن وجود أنفاق للمقاومة تحت مستشفى الرنتيسي. وأكّد أن هذا المستشفى يعالج الأطفال مرضى السرطان والأمراض المزمنة، مشيرًا إلى أن الصور التي عرضها متحدث باسم الاحتلال تعود لقبو يستخدم في أعمال المستشفى ويعرفه الجميع.
واشنطن تدعم طرفًا ثالثًا لإخلاء المستشفيات
في غضون ذلك، لفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إلى أن الولايات المتحدة تريد إجلاء مرضى مستشفيات غزة بأمان لتجنب تعرضهم للأذى وأنها ستدعم طرفا ثالثًا مستقلًا لإجراء عمليات الإخلاء.
ميدانيًا أيضًا، تواصلت الغارات الإسرائيلية على مناطق متفرقة من القطاع ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 11 ألفًا و320، بينهم 4.650 طفلًا و3.145 امرأة.
وبينما تحاول الآليات الإسرائيلية التقدم أكثر على عدد من المحاور في غزة، أعلنت كتائب القسام أنها قتلت 9 جنود إسرائيليين واستهدفت دبابات وآليات في عدة محاور.
كما أطلقت الكتائب صواريخ باتجاه مواقع إسرائيلية في غلاف غزة، وباتجاه تل أبيب حيث أصيب شخصان بجروح خطيرة إثر سقوط شظايا صواريخ بحسب الإسعاف الإسرائيلي.
ونشرت سرايا القدس فيديو لرشقات صاروخية أطلقتها باتجاه المواقع العسكرية الإسرائيلية والقوات المتوغلة شرق غزة.
وفي الضفة، واصلت إسرائيل مداهماتها الدامية حيث قتلت ما لا يقل عن ثمانية فلسطينيين، بينهم سبعة خلال اشتباكات وقعت خلال اقتحام مدينة طولكرم.
إلى ذلك، أدانت الدوحة القصف الإسرائيلي لمقر اللجنة قطرية لإعادة إعمار غزة، مؤكدة أنه "تعد سافر"، وأنه "امتداد لنهج الاحتلال في استهداف المدنيين والمستشفيات وملاجئ إيواء النازحين".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في معرض إجابته عن سؤال لـ"العربي"، خلال مؤتمر صحفي بالدوحة، إن قطر تنتظر من المجتمع الدولي إدانة هذه الجريمة وغيرها من جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، وتدرس الإجراءات القانونية والسياسية المناسبة للرد.
الأمطار تزيد معاناة نازحي غزة
على الصعيد الإنساني، حملت الأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة الثلاثاء معها همومًا وتحديات جديدة للفلسطينيين الذين شردهم القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أسابيع.
وأدى بدء موسم الأمطار واحتمال حدوث فيضانات إلى زيادة المخاوف من احتمال قصور نظام الصرف الصحي في القطاع وانتشار الأمراض.
والثلاثاء، حذّر المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عدنان أبو حسنة من أنّ خزّانات الوكالة فرغت من الوقود، ما يهدّد بتوقّف كل خدمات الوكالة وبالتالي تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة يموت أهلها جوعًا وعطشًا ومرضًا.
وقال أبو حسنة في حديث إلى "العربي" من غزة، إنّ الوكالة هي المزوّد الرئيس للوقود في القطاع، "لكنّ إمداداتنا بدأت بالنفاد، وبالتالي لن يكون بمقدورنا نقل المساعدات من معبر رفح إلى قطاع غزة".
حراك أميركي في المنطقة
في المواقف، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الأمين العام منزعج بشدة بسبب "الخسائر الفادحة في الأرواح" في عدة مستشفيات في قطاع غزة.
وأضاف: "باسم الإنسانية، يدعو الأمين العام إلى وقف فوري لإطلاق النار".
من جهته، دعا الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغط "جاد وسريع" على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة ووقف "حرب الإبادة التي تقوم بها في القطاع".
هذا ويتواصل الحراك الأميركي، حيث كشف البيت الأبيض أن بريت مكغورك، كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، في طريقه إلى المنطقة لإجراء محادثات مع مسؤولين في إسرائيل والضفة الغربية وقطر والسعودية ودول أخرى.
وفي هذا الإطار، أشار مراسل "العربي" في واشنطن عماد الرواشدة إلى أن هذه الزيارة تأتي في سياق ما قاله مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الإثنين، أن هذا الأسبوع سيشهد تحركات دبلوماسية كبيرة من قبل الإدارة الأميركية لضمان الإفراج عن الأسرى أو إنهاء الصفقة التي تتفاوض الولايات المتحدة بشأنها.
بدوره، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن اعتقاده بأن حركة "حماس" ستطلق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة.
في غضون ذلك، توعّد زعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك بدرالدين الحوثي باستهداف السفن الإسرائيلية التي قد تمرّ في البحر الأحمر ردًا على الحرب على غزّة، مجددًا التأكيد أن إطلاق الصواريخ والمسيّرات على جنوب إسرائيل "سيستمرّ".