تزداد المخاوف التي عبّر عنها قادة الجيش والأمن في إسرائيل، إثر عملية تفجير العبوة الناسفة التي كان يحملها المنفذ عند مفترق مجدّو قرب الحدود مع لبنان.
ورغم منع العملية، فإنها تحمل في طياتها ضررًا متصاعدًا كونها مركبة ومعقدة وبخيوط عديدة أهمها أن المنفذ تسلل من نقطة غير معلومة حتى اليوم على الحدود اللبنانية، وزرع العبوة الناسفة ثم استقل سيارة وعاد ثانية إلى الحدود.
وتؤكد المعلومات أن المنفذ كان يحمل حزامًا ناسفًا وقنابل يدوية وأسلحة، ما يشير إلى أنه كان ينوي تنفيذ عملية كبيرة.
واليوم أفاد الإعلام العبري بالعثور على حقيبة بداخلها جهاز تفجير في بلدة كفرقرع داخل الخط الأخضر.
منفذ مجهول
وعلى الرغم من الشكوك الإسرائيلية عن وصول المنفذ الذي لا يزال مجهول الهوية حتى الساعة من لبنان، إلا أن قوات اليونيفيل الدولية الرابضة عند الحدود نفت أي علم لها بحركة عبور عند الخط الأزرق خلال الأيام الماضية.
في المقابل، ادعت الرواية الإسرائيلية بأن المنفذ ربما يكون من أحد مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان، مضيفة أن المنظومة الإسرائيلية الأمنية تفحص احتمال تورط حركة حماس في الهجوم، زاعمة أن المنفذ من أصل فلسطيني.
وبعد ساعات من الكشف عن كل تلك التفاصيل، نفذت قوات الاحتلال عملية عسكرية جديدة في جنين أوقعت 4 شهداء وعددًا آخر من الجرحى، في ما يوحي بأن إسرائيل ليست على استعداد للاستماع إلى النصائح حتى من داخلها بالتوقف عن استفزاز الفلسطينيين وغيرهم.
وتسارع تل أبيب نحو قمة إقليمية خماسية في شرم الشيخ؛ همها البحث في التطورات الميدانية الملتهبة والتحرك لمنع امتداد نيرانها خلال شهر رمضان المقبل.
قلق إسرائيلي
وفي هذا الإطار، رأى مدير عام مركز الكرمل في حيفا مهند مصطفى أن السياسيين الإسرائيليين يحاولون توظيف قضايا أمنية لصالحهم، إلا أنه لفت إلى أن تدخل المؤسسة الأمنية بهذه الجدية في ما خص عملية مجدّو يؤشر إلى أن هذه المسألة مهمة جدًا لإسرائيل.
وأوضح في حديث إلى "العربي" من أم الفحم، أن أهمية هذه المسألة من الناحية الأمنية تنبع من ما كانت ستسفر عنه العبوة من قتلى، الأمر الذي كان سيجر إسرائيل إلى رد فعل عسكري في لبنان ما يهدد بنشوب حرب.
مصطفى تحدث عن قوة تدميرية كبيرة للقنبلة، مذكرًا بأن الجريح الذي سقط جراء انفجار العبوة، وهو عربي من قرية سالم، كان بعيدًا عنها نحو 30 مترًا.
وأكد أن إسرائيل شهدت على مثل هذه العبوات في الجانب اللبناني عندما كانت تحتل جنوب البلاد، لافتًا إلى أن ما يثير قلق الإسرائيليين، إلى جانب قوة القنبلة، هو عدم وضوح الأمور حول هوية من زرع العبوة ومن خطط لهذه العملية.
الجزء الظاهر من جبل الجليد
بدوره، لاحظ مدير مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية سامي نادر، أن ما تم تسريبه للإعلام في هذه القضية ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد.
وأكد في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن عملية مجدّو معقدة، وخطيرة لناحية توقيتها في ظل الجو العام السائد في الشرق الأوسط، "لا سيما لناحية التصعيد السياسي والعسكري بين إيران وأذرعتها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى".
وحول طريقة دخول المنفذ من الجانب اللبناني من دون علم قوات اليونيفيل، قال نادر: "من الواضح أننا لسنا أمام فعل فردي بل عمل شبكة".
وخلُص إلى أن كل المؤشرات تدل على أن ما حصل خطير وقد يأخذ الأمور باتجاه مواجهة عسكرية، خصوصًا وأن الكلام تصاعد في الفترة الأخيرة عن ضربة عسكرية إسرائيلية على إيران، مع توقف المفاوضات النووية على حد تعبيره.
وأشار إلى تقارير تتحدث عن أن "حزب الله أراد القيام بعملية استباقية لأن المعلومات التي وصلته تقول إن هناك ضربة إسرائيلية مقبلة على إيران".
أكثر من سيناريو
الباحث السياسي مصطفى الصواف رأى أن عملية مجدّو تحمل أكثر من سيناريو، متحدثًا عن تخبط في شأنها في الإعلام الإسرائيلي.
وقال لـ"العربي" من غزة إن الحديث كان بداية عن منفذ عبر الحدود إلى منطقة مجدّو وزرع العبوة، ثم جرى الكلام عن اغتيال المنفذ من دون أن تقدم إسرائيل أي صورة له أو معلومات عن كيفية اغتياله.
وأضاف أن سيناريو آخر يقول إن الاحتلال قد يكون نفسه مسؤولًا عن هذه العبوة في ظل وضعه الداخلي، وبالتالي يريد إيصال رسالة للمعارضة بأن هناك حالة من الخطر الشديد وأن ما يحدث قد يشكل بداية لعمليات تفجيرية.
وسأل الصواف: "كيف يمكن للاحتلال اليوم اتهام حركة حماس بالعملية وأمس اتهم حزب الله بها؟". وقال: "الاحتلال يخطط لعدوان على غزة أو جنوب لبنان، وهو يحاول أن يجد مبررات لهذا الأمر في ظل الوضع الداخلي الذي يعاني منه".