لا يزال شبح الحرب يخيم على مدينة ميتروفيتسا شمال كوسوفو، رغم مرور 20 عامًا على نهاية الحرب، وهي المدينة التي تنقسم السلطة عليها بين الأقلية الصربية والأغلبية الألبانية.
ويقف تمثال لازار ملك القومية الصربية مشيرًا بإصبعه إلى الجنوب، ولا يكتفي الصرب بهيمنتهم على هذا الجزء من مدينة ميتروفيتسا التي يتقاسمونها مع قومية الألبان، ويريدون كوسوفو كلها التي فيها مجد إمبراطوريتهم القديمة وعلى أرضها دارت أشهر معاركهم ضد العثمانيين.
في هذا الإطار، تقول أستاذة اللغة الصربية بجامعة بلغراد فالنتينا بيتوليتش: "منذ القدم كانت هذه الأرض موطنًا للقومية السلفية، وهي أرض الصرب التاريخية ولا يمكن اليوم التخلي عنها تحت أي ضغط، وبأي حالٍ من الأحوال".
الوجه الآخر للمدينة
أما في الجزء الآخر من المدينة حيث يهيمن ألبان كوسوفو، فتتوارى الكنائس وترتفع المآذن، فيما ينتصب تمثال من البرونز لشمس أحمدي أحد أبرز المقاتلين الألبان خلال حرب استقلال كوسوفو عن صربيا، والتي حصدت 13 ألف قتيل.
ويرى الألباني من سكان ميتروفيتسا أن حكومته ارتكبت منذ البداية خطأ جسيمًا عندما سمحت للأقلية الصربية بالعيش بينهم مكفولة الحقوق الدستورية، على حدّ تعبيره.
وأضاف أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيش "يستخدم الأقلية المدسوسة بيننا لتعيد بلاده ارتكاب مجازر كتلك التي وقعت عامي 1990 و1999 في كوسوفو".
تقاسم "مدينة الخوف"
وكل شيء في هذه المدينة مقسّم، حتى إن الألبان يتعاملون باليورو، بينما في الشطر الصربي توزع الصرّافات الآلية الدينار الصربي، ويفصل نهر إيبار بين القوميتين فيما تحرس قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" الجسر المغلق المحصّن بحواجز.
وفي ميتروفيستا لا ينام الناس على اطمئنان، فالصرب والألبان على حدّ سواء يتخوفون من سيارات رباعية الدفع بلا لوحات ترقيم تجوب شطري المدينة ليلًا، إذ إن عملية اغتيال واحدة قد تؤدي إلى عنفٍ لا يمكن التنبؤ به وحرب لا تحتملها أوروبا.
فالتاريخ لا يزال يذكر رصاصات الشاب الصربي المتعصّب غافريلو برينسيب في صدر وريث العرش النمساوي، التي كانت سببًا مباشرًا لاندلاع الحرب العالمية الأولى. ليتقاسم الصرب والألبان "مدينة الخوف" ويفصل بينهما "جسر الكراهية" ونهر من الدماء لم يجف بعد.