Skip to main content

كيف تقوّض عصابات المخدرات عمل الباحثين في الإكوادور؟

السبت 31 أغسطس 2024
تعد الإكوادور أكبر منتج للكوكايين في العالم بسبب وجود عصابات إجرامية - غيتي

تعرّض عالم الأحياء سيزار غارسون لتهديدات في الإكوادور، على غرار علماء كثر في هذا البلد الغني بالتنوع الحيوي والذي تقوّض عصابات الاتجار بالمخدرات عمل الباحثين فيه.

فقد أجبر الخوف من احتمال الخطف عالم الأحياء المذكور على تعليق بحث كان يجريه في مدينة كاميلو بونسي إنريكيس الغنية بالمناجم في مقاطعة أزواي، وهي منطقة في جنوب البلاد تثير شهية تجار المخدرات.

وركز غارسون في تحقيقاته على وجود ببغاء الأورو Pyrrhura orcesi، الذي يوجد منه ما يُقدّر بألف عينة، والمعرّض لخطر الانقراض بحسب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

 حياة الباحثين مهددة

وقد توجه إليه رجل ذات مساء من شهر أبريل/ نيسان الفائت خلال وجوده في المدينة بالقول: "قم بعملك في مكان آخر لأن الوضع خطير هنا". وفي تلك الليلة، قُتل رئس بلدية كاميلو بونسي إنريكيس بالرصاص.

وبعد بضعة أشهر، أدى اشتباك بين مجموعات إجرامية إلى مقتل خمسة أشخاص. وعثرت السلطات على جثتين مقطوعتي الرأس وأخرى محترقة.

وأراد المتخصص في علم الطيور في المعهد الوطني للتنوع البيولوجي حينها مواصلة أبحاثه في مدينة مجاورة، ولكن بمصادفة مروعة، قُتل رئيس بلدية المدينة بدوره بالرصاص... فحزم الباحث حقائبه وعاد إلى العاصمة كيتو.

جيب لعصابة لوس لوبوس

وبسبب احتياطياتها من الذهب، أصبحت مدينة كاميلو بونس إنريكيس بمثابة جيب لعصابة لوس لوبوس التي تموّل نفسها جزئيًا من التعدين غير القانوني، وهو نشاط يدر ما يصل إلى مليار دولار سنويًا في البلاد.

وبسبب وجود عصابات إجرامية عنيفة مرتبطة بتهريب المخدرات، سجلت الإكوادور، الواقعة بين كولومبيا والبيرو، أكبر منتجين للكوكايين في العالم، رقمًا قياسيًا بلغ 47 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة في عام 2023، مقارنة بما معدله ست جرائم العام 2018.

ودأب عالم الأحياء على إجراء دراسات بشأن ببغاء الأورو على مدى عقدين، وهو يعمل على الحفاظ عليه والمشاركة في الإدارة المستدامة لموائله، لكن دخول مدينة كاميلو بونس إنريكيس بات محظورًا عليه.

تقليص دعم الأبحاث

وقال الباحث: "ما زلنا في حالة من عدم اليقين والإحباط"، متحدثًا عن "أهمية هذه المناطق للأنواع المستوطنة أو المهددة".

بالنسبة إلى دانييل فيزويتي، المتخصص في الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا في جامعة فلاكسو في كيتو، فإن الأبحاث المتعلقة بالبيئة "ربما تكون الأكثر تراجعًا على وجه التحديد لأنها تحدث (...) في الأماكن التي يكون فيها الإطار المؤسسي أضعف".

وخلص إلى أن "هذا يعني أن حياة الباحثين نفسها يمكن أن تكون مهددة"

وبسبب العنف، أصبحت رحلات الباحثين إلى الميدان تستغرق وقتًا أقصر، أو تتم في مناطق يمكن للعلماء أن يعثروا فيها على أنواع مماثلة مع تعرضهم لمخاطر أقل.

وأوضح ماريو يانيس، وهو عالم أحياء آخر من إينابيو، أن "مستويات العنف أدت إلى تقييد تام في بعض المناطق"، لا سيما على الساحل وفي مناطق التعدين.

كما أعرب عن أسفه لأن العنف في هذه المناطق "يحد من أموال التعاون الدولي التي من شأنها أن تتيح تنفيذ أعمال الحفاظ على البيئة".

وتُعدّ محمية لالو لور الخاصة في مقاطعة مانابي في غرب البلاد موطنًا لواحدة من آخر الغابات الاستوائية الجافة في المنطقة الساحلية، لكنها أيضًا معقل للجماعات الإجرامية.

وبسبب هذا الحضور، ألغت جامعات أميركية زيارة سنوية للباحثين والطلاب. وإذا استمر هذا الأمر، فيمكن اللجوء إلى "الإغلاق لأننا لن نتمكن من تغطية رواتب" موظفينا، وفق مديرة المحمية مارييلا لور.

كذلك، أوقفت عالمة الأحياء في جامعة سان فرانسيسكو الخاصة في كيتو جوديث دينكينغر عام 2022 بحثا كانت بدأته قبل عقدين على الحيتان قبالة ساحل مقاطعة إزميرالداس (شمال غرب)، وهي منطقة تعاني أيضًا عنف العصابات.

وقالت دينكينغر من موطنها ألمانيا، إنها منذ ذلك الحين لم تتلقّ أي صور أو تسجيلات صوتية للحيتان الحدباء التي تأتي إلى المحيط الهادئ الاستوائي للتزاوج والولادة.

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة