الجمعة 13 Sep / September 2024

كيف يدخل عناصر تنظيم الدولة إلى أوروبا وأميركا؟

كيف يدخل عناصر تنظيم الدولة إلى أوروبا وأميركا؟

شارك القصة

يتحدث المحلل العسكري أحمد حمادة لـ"العربي" عن دلالات عودة هجمات تنظيم الدولة في سوريا والعراق (الصورة: غيتي)
كشفت صحيفة "الغارديان" عن وجود إحدى شبكات يبع جوازات السفر المزورة ويديرها أوزبكي لديه روابط متطرفة في تركيا ويسهّل سفر عناصر تنظيم الدولة من سوريا.

توصل تحقيق أجرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن صناعة الإنترنت المزدهرة والمتخصصة في بيع جوازات السفر المزورة بتأشيرات رسمية وطوابع سفر، تتيح للأشخاص الذين لديهم روابط بتنظيم الدولة فرصة مغادرة سوريا والسفر إلى بريطانيا والاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة.

وكشفت الصحيفة عن وجود إحدى هذه الشبكات، التي يديرها أوزبكي لديه روابط متطرفة في تركيا. وتُباع الآن جوازات سفر مزيفة عالية الجودة يصل سعرها إلى 15 ألف دولار ويزعم أنها من دول مختلفة. وبحسب الصحيفة، ففي 10 حالات على الأقل استخدم الأشخاص الذين عبروا الحدود السورية بشكل غير قانوني إلى تركيا جوازاته للمغادرة عبر مطار إسطنبول.

ويزعم البائعون أن الاتحاد الأوروبي هو الوجهة الأكثر شعبية، لكنهم يقولون: إنه في حالتين على الأقل تمكن الأشخاص من السفر من إسطنبول إلى المكسيك بجوازات سفر روسية مزيفة، ومن هناك عبر الحدود بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة.

ويأتي هذا التحقيق بعد فترة وجيزة على عودة تنظيم الدولة لتدبير هجماته في كل من سوريا والعراق، مستهدفًا قوات للجيش العراقي وسجن في الحسكة.

وقال المحلل العسكري أحمد حمادة حول دلالات عودة التنظيم إلى نشاطه: إن هذا التشكيل انتهى فعليًا على شكل هيكل تنظيمي عام 2019، لكنه مستمر على شكل جماعات متفرقة.

وأضاف، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول: "هذا التنظيم لم ينتهِ بشكل كامل، بل إن هناك مغذيات ودعامات له تتمثل في عدم جدية كافة الأطراف في محاربته وعدم استخدام المعلومات بشكل أساسي". 

وتابع قائلًا: "تسمح الظروف للتنظيم بالتخفي والاحتماء أمام عدم وجود إستراتيجية معينة لدى مختلف الجهات لاجتثاثه، وعلى وجه الخصوص قوات النظام السوري وإيران وروسيا الذين لم يكونوا فاعلين من أجل تحقيق هذا الهدف".

شبكة أوزبكية

تعمل الشبكة الأوزبكية المتخصصة بتزوير جوازات السفر بشكل جيد، وقد افتتحت مؤخرًا قناة جديدة على تطبيق المراسلة المشفر "تيلغرام" بالاسم الرسمي "إسطنبول للاستشارات العالمية" (Istanbul Global Consulting).

وتسمح هذه التجارة المتنامية للمتطرفين بتخطي الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم والهروب من المحاسبة على جرائم الماضي، ومن المحتمل أن يكونوا قادرين على مواصلة النشاط الإرهابي في دول أخرى غير سوريا.

وقال الأوزبكي في محادثة عبر رسالة مع صحيفة "الغارديان"، التي تواصلت معه على أنها عميل مهتم: "أنا لا أسأل عن المجموعة التي ينتمي إليها شخص ما. ليس من وظيفتي أن أرى من هو السيئ ومن ليس كذلك. يجب على الأجهزة الأمنية التعامل معها".

وعام 2015، حذّر مسؤولون أمنيون غربيون من أن تنظيم الدولة نجح في الحصول على معدات مهمة مثل دفاتر جوازات السفر الفارغة وطابعات لتصنيع جوازات سفر سورية وعراقية، والتي استخدمها لإخفاء عناصر من بين أكثر من مليون شخص فروا إلى أوروبا خلال ذروة الحرب وأزمة اللاجئين.

وتبنى التنظيم عدة هجمات في جميع أنحاء القارة بعد فترة وجيزة، بما في ذلك هجوم نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 على مسرح باتاكلان في باريس وتفجير مانشستر أرينا عام 2017.

منذ ذلك الحين، استثمرت وكالات الحدود الأوروبية في التكنولوجيا وتدريب الأفراد لكشف جوازات السفر المزورة بشكل أفضل. وعام 2020، قامت طاجيكستان بإصلاح شامل لموظفيها القنصليين في إسطنبول ونظام التوثيق، في محاولة للقضاء على استخدام جوازات السفر الطاجيكية المزيفة. لكن ردًا على ذلك، عزز بائعو جوازات السفر المزورة من لعبتهم مستخدمين مجموعة متنوعة من الجنسيات للعملاء المحتملين.

مستندات "عالية المستوى"

وأرسل الأوزبكي للصحيفة عدة مقاطع فيديو يعرض فيها منتجاته، بما في ذلك جوازات سفر فرنسية وبلجيكية وبلغارية وروسية جديدة تبدو وكأنها تتميز بعلامات مائية وصور هولوغرام أمنية أصلية.

ووفقًا لبائعي المستندات، فمن المستحيل تزوير شريحة بيومترية تعمل، ولكن في العديد من المعابر الحدودية، يتجاهل المسؤولون الذين يفحصون جوازات السفر تلك التي لا تعمل.

وقال مصدر في وزارة الداخلية الأميركية: "هناك بائع معين في تركيا يزود أعضاء تنظيم الدولة بمستندات عالية المستوى (أي مزورة جيدًا)، باستخدام محاورين يتحدثون الروسية والعربية ولغات أخرى لتلبية احتياجات العملاء المختلفين".

وأضاف: "نحن على علم بأن أعضاء التنظيم يستخدمون جوازات السفر المزورة هذه للعبور إلى أوروبا، والأمن الأوروبي لم ينجح في اعتقالهم جميعًا".

اللاجئون الأفغان

وفي حين أن الخدمة الأكثر شيوعًا لبائعي الوثائق هي توفير المستندات للمقاتلين الأجانب في سوريا المرتبطين بتنظيم الدولة والجماعات المسلحة الأخرى للسفر إلى أوروبا، فقد حدد التنظيم أيضًا مناطق جديدة للتوسع.

وفي دردشة على تطبيق "تيلغرام" لأشخاص في مخيم الهول في شمال شرقي سوريا الذي يضم حوالي 60 ألف امرأة وطفل تربطهم صلات بتنظيم الدولة، نشر أحد المسوقين الأوزبكيين على الإنترنت، وهي امرأة أجنبية محتجزة في مخيم آخر قريب: "إذا كنت بحاجة إلى مستندات مزورة من روسيا وآسيا الوسطى وتركيا وأوروبا، أرسل رسالة مباشرة".

وقالت: "إن سقوط أفغانستان في أيدي طالبان أوجد أيضًا قاعدة عملاء جديدة للاجئين الأفغان في تركيا".

في حين أن مقاتلي تنظيم الدولة ذوي الرتب المنخفضة عادة ما يكون لديهم بالكاد المال لشراء جواز سفر واحد، فإن الأعضاء رفيعي المستوى الذين يرغبون في التخلي تمامًا عن الشبكة عادة ما يشترون عدة مستندات من بلدان مختلفة ويستخدمونها للتنقل بشكل متكرر.

خيارات وأسعار متنوعة

هناك العديد من خيارات جواز السفر اعتمادًا على عرق العميل واللغات التي يتحدثها والمكان الذي يريد الذهاب إليه والمبلغ الذي يريد إنفاقه. أرخص الوثائق للوصول إلى أوروبا هي جوازات سفر روسيا وقيرغيزستان وكازاخستان، حيث يكلّف العميل نحو 5000 دولار أو 6000 دولار على شكل جزء من حزمة تأشيرة شنغن. أمّا الخيارات الأخرى الشائعة والأغلى قليلًا هي الجوازات الأوكرانية والمولدوفية، والتي تسمح بالسفر بدون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي.

ويعد جواز سفر الاتحاد الأوروبي الأغلى ثمنًا ويصل إلى 8000 دولار، وعادة ما يطلبه الغربيون والعرب الذين يتحدثون بعض الفرنسية ويمكنهم العبور وكأنه فرنسي أو بلجيكي.

وبحسب الصحيفة، عادةً ما يصل مواطن من الاتحاد الأوروبي إلى تركيا بجواز سفره الخاص، ويبيعه للأوزبكي وزملائه مقابل 2500 يورو، ثم يتم استبدال صورة جواز السفر بصورة العميل. ثم يدعي المالك الأصلي لجواز السفر أنه ضاع ويتقدم بطلب للحصول على بديل في قنصليته أو قنصليتها في إسطنبول.

وتُطبع جوازات السفر في بلدانها الأصلية وتؤخذ إلى البلد الذي ينتظره العميل حيث يحصل على طوابع دخول رسمية على الحدود، مما يساعد على ترسيخ شرعية الوثيقة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close