واصلت باكستان، اليوم الأربعاء، حشد كل الوسائل المتاحة لإنقاذ ملايين الأشخاص المتضررين من أسوأ فيضانات تشهدها البلاد على الإطلاق، مستخدمة مروحيات لإجلاء العالقين في الجبال شمالًا أو قوارب تعبر السهول المغمورة بالمياه جنوبًا.
وطالت هذه الفيضانات أكثر من 33 مليون شخص، أي أنها طالت باكستانيا واحدا من كل سبعة، ووصفها رئيس حكومة البلاد شهباز شريف بأنها "أسوأ فيضانات في تاريخ باكستان".
وتقدر الحكومة الباكستانية أن البلاد بحاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار، لإصلاح وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصًا الاتصالات والطرقات والزراعة.
لكن الأولوية تكمن الآن في الوصول إلى آلاف الأشخاص العالقين في الجبال والوديان في الشمال وفي القرى المعزولة في الجنوب والغرب.
قرى مدمرة ومغمورة بالمياه
وفي وصفها للأوضاع على الأرض، قالت وزيرة التغير المناخي شيري رحمن: "إذا حلقت فوق هذا المشهد لن ترى أي أرض جافة، لن تشاهد سوى حقول تمتد لكيلومترات مغمورة بالمياه وقرى مدمرة".
بدوره أفاد مكتب الأرصاد الجوية، بأن البلاد بأكملها سجلت ضعف معدل الأمطار الموسمية المعتاد، لكن متوسط هطول الأمطار في بلوشستان والسند بلغ أربعة أضعاف معدلاته في العقود الثلاثة الماضية.
وبلغ منسوب الأمطار التي تساقطت على بلدة باديدان الصغيرة في السند 1,75 متر منذ يونيو/ حزيران الماضي، ما شكل أعلى معدل في البلاد.
وتهطل في باكستان أمطار غزيرة وأحيانًا مدمرة، خلال موسم الأمطار السنوي، من يونيو/ حزيران إلى سبتمبر/ أيلول المقبل، البالغ الأهمية للزارعة ولملء الأنهار والسدود. لكن الأمطار الحالية غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود.
وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس في أنحاء العالم.
وفي وقت سابق من هذا العام، واجهت البلاد جفافًا وموجة حر تجاوزت فيها الحرارة 50 درجة مئوية في بعض الأحيان، وحرائق غابات وفيضانات مدمرة ناجمة عن الذوبان السريع للجبال الجليدية.
وبتسجيلها 1% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تحتلّ باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشّر الخطر المناخي العالمي الذي تضعه مجموعة "جرمان ووتش" غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة؛ ضمن الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغير المناخي.
Extreme floods continue this morning in Malakand division of #Swat, #Pakistan pic.twitter.com/JBPDZDcqmT
— The Intel Consortium (@INTELPSF) August 26, 2022
وانتقدت الحكومة الدول الصناعية الكبرى لدورها في الاحتباس الحراري، متهمة إياها بإثراء نفسها من خلال الوقود الأحفوري دون اكتراث بالعواقب.
وتعتمد باكستان بشكل كبير على الزراعة، وتتوقع أن يتضرر بشدة اقتصادها المنهار أصلًا، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية المهددة بالنقص بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
ووعد شريف بأن ينفق كل قرش من المساعدة الدولية "بشفافية"، وأن يذهب كل قرش "إلى الذين يحتاجون إليه".
وأعلنت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء الماضي، إرسال أول شحنة من المساعدات الإنسانية بقيمة 30 مليون دولار. كما بدأ وصول شحنات من الصين وتركيا والإمارات.
وانتشرت مخيمات مؤقتة في كل مكان لإيواء النازحين الذين يضطرون إلى تحمل القيظ والافتقار إلى مياه الشرب والطعام.
تبرّعات قيمتها 160 مليون دولار
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال أمس الثلاثاء، عند إطلاقه نداء للحصول على تبرّعات قيمتها 160 مليون دولار لتمويل مساعدات طارئة: إن "باكستان غارقة في المعاناة. الشعب الباكستاني يواجه أمطارًا موسمية هائلة".
وفي السند، يفحص الأطباء في عيادة ميدانية المرضى الذين اضطروا إلى السير حفاة في مياه قذرة موحلة مليئة بمختلف أنواع الحطام.
وأعلن الجيش الباكستاني أنه نفذ أكثر من 140 طلعة بالمروحية خلال الـ 24 ساعة الماضية، لإجلاء الأشخاص المحاصرين في مناطق معزولة، أو لإيصال الماء والغذاء.
وتسببت الأمطار المستمرة في باكستان منذ يونيو/ حزيران الماضي، بأعنف فيضانات في أكثر من عقد، أغرقت ثلث مساحة البلاد، وأودت بحياة 1162 شخصًا، بحسب حصيلة معدلة الأربعاء.
كما جرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية ودمرت أو ألحقت أضرارًا بأكثر من مليون منزل.