بعد السيناريو المكرر لرئاسيات 2017، وصعود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، خرجت أصوات رافضة لهذا الخيار المطروح أمامهم، ورددوا الهتاف "لا ماكرون ولا لوبان".
واحتج طلاب فرنسيون أمام جامعة السوربون في باريس وجامعات أخرى، الخميس، للتعبير عن خيبة أملهم من تأهل ماكرون ولوبان، وذلك قبل عشرة أيام من جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي يحتدم فيها السباق الانتخابي.
وتُعد احتجاجات الطلاب علامة أخرى على أن الرئيس لم يعد بإمكانه الاعتماد على الرفض الجماعي بين الناخبين لليمين المتطرف.
وفي جامعة السوربون، التي كانت مهدًا لكثير من الثورات الطلابية الفرنسية على مر السنين بما في ذلك انتفاضة مايو/ أيار 1968، احتشد بضع مئات في ساحتها الأمامية بالحي اللاتيني في باريس.
وأوضحت أنيه جاكيمار، طالبة الفلسفة في جامعة السوربون البالغة من العمر 20 عامًا، بالقول: "سئمنا من الاضطرار الدائم للتصويت لصالح الأقل سوءًا، إنه السبب في هذه الثورة، لا ماكرون ولا لوبان".
وأقصت الجولة الأولى من الانتخابات في 10 أبريل/ نيسان الجاري، جميع المرشحين اليساريين.
ونوه كثير من الطلاب إلى أنهم يفضلون الامتناع عن التصويت في جولة الإعادة على إعطاء أصواتهم لماكرون بهدف منع لوبان من الفوز بالسلطة.
“لا ماكرون ولا لوبان” طلبة فرنسيون يعترضون على مرشحي الرئاسة ويصفون برامجهما بـ“الفاشية“، وسط أنباء عن اعتصام بعضهم داخل عدة جامعات ومدارس#فرنسا pic.twitter.com/WIKf6dHthS
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) April 14, 2022
انحراف سياسة ماكرون
وقال البعض إنّ سياسات ماكرون في ولايته الأولى انحرفت كثيرًا نحو اليمين، مستشهدين بوحشية الشرطة ضد محتجي السترات الصفراء أو الإجراءات الرامية إلى قمع ما يسميه ماكرون "النزعة الانفصالية الإسلامية".
وعبّر غابرييل فيرجني الطالب البالغ من العمر 19 عامًا في كلية ساينس-بو الحكومية للنخبة، عن عزمه الامتناع عن التصويت، ومضى يقول: "أنصح الجميع بالامتناع عن التصويت".
وكان غابرييل صوت في الجولة الأولى لصالح اليساري جان لوك ميلينشون، الذي غاب عن جولة الإعادة بفارق 400 ألف صوت فقط.
وأضاف فيرجني: "أعتقد أن النضال لم يعد في صناديق الاقتراع. اليوم سقطت مصداقية هذه الانتخابات إلى حد كبير... لذلك أصبح من الضروري نقل المعركة إلى ميادين أخرى"، داعيًا إلى حركات إضراب مع النقابات العمالية.
ويمثل رفض الناخبين اليساريين لما يسمى "الجبهة الجمهورية"، حيث جرت العادة على أن يحتشد الناخبون الفرنسيون وراء مرشح التيار العام في مواجهة المنافس اليميني المتطرف، مصدر قلق على نحو متزايد لمعسكر ماكرون.
وتظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة بين المرشحين متقاربة جدًا، حيث يتقدم ماكرون بفارق 5 إلى 10 نقاط على لوبان، وأحيانًا بهامش خطأ بما يعني أن فوز لوبان ليس مستحيلًا.
وتتناقض دعوة الطلاب إلى الامتناع عن التصويت بشكل صارخ مع الوضع قبل عقدين من الزمن، عندما واجه جان ماري لوبان، مؤسس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ووالد مارين لوبان، الرئيس آنذاك جاك شيراك في جولة الإعادة سنة 2002.
وخرجت مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء فرنسا، وأعرب الطلاب عن غضبهم من تأهل جان ماري لوبان، الذي كان له وقع الصدمة، لجولة الإعادة، وحثوا الفرنسيين على التصويت لشيراك المحافظ الذي فاز في نهاية المطاف بأكثر من 82% من الأصوات متغلبا على لوبان.
وتغير اسم الجبهة الوطنية منذ ذلك الحين إلى التجمع الوطني تحت قيادة مارين لوبان.
من جهته، قال أليكسيس (23 عامًا)، وهو طالب فلسفة آخر في جامعة السوربون: "اليوم.. الجبهة الوطنية في الجولة الثانية.. إنها قريبة جدًا من الفوز. والناس يحتجون على ماكرون أكثر من احتجاجهم على الجبهة الوطنية".
وأضاف: "أعتقد أن هذا شيء مفزع.. هذا فشل، لأنه يسهم في جعل أفكار الجبهة الوطنية تبدو كأنها شيء طبيعي"، رافضًا الكشف عن اسم من الذي سيصوت لصالحه.
وكان ماكرون قد شن هجومًا لاذعًا على منافسته، قائلًا إنّ نواياها "الاستبدادية" الحقيقية بدأت تظهر بعد أن منعت حضور فريق من المراسلين عرضًا خاصًا بها، ولم تستبعد العودة إلى عقوبة الإعدام.
واليوم الخميس، سخرت لوبان، من انتقاد منافسها ماكرون، وذلك بالرغم من ظهورها بصورة أقل حدة في الحملة الانتخابية الحالية.