شهدت العاصمة اللبنانية بيروت وعدد من المناطق الأخرى قطعًا للطرقات من قبل محتجّين على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد، حيث واصل سعر صرف الدولار الأميركي ارتفاعه السريع مقابل الليرة اللبنانية مسجّلًا مساء أمس، 13500 ليرة للدولار الواحد.
في غضون ذلك، بدأ وفد من "حزب الله" زيارة لافتة إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث سيناقش خلالها تطورات الملف اللبناني مع المسؤولين الروس، في وقت يستمرّ غياب الطبقة السياسية عن أي معالجة للمأزق الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وتبقى دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الحياد الورقة السياسية الوحيدة المطروحة للنقاش، وقد لاقاها بشكل غير واضح رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي قدّم ورقة سياسية حفلت بالشيء ونقيضه.
محال تجارية تقفل أبوابها في لبنان
وبحسب مراسلة "العربي" في بيروت، فإنّ موضوع ارتفاع سعر صرف الدولار أصبح بلا سقف.
وتشير إلى أنّ التدهور المستمرّ لقيمة العملية جعل من الصعب بالنسبة إلى أصحاب المؤسسات التجارية أن يقوموا بوضع أسعار لسلعهم.
وتلفت إلى أنّ العديد من المحلات التجارية أقفلت أبوابها في العديد من المناطق، ولا سيما في صيدا جنوبًا وطرابلس شمالًا وفي عدد من أحياء العاصمة اللبنانية بيروت.
ووفقًا لمراسلة "العربي"، لا بوادر حل تطرحه السلطات في لبنان، في وقت يحاول الجميع رفع الصوت، لكن من دون نتائج تُرتَجى.
انهيار في ميزان المدفوعات
من جهته، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي سامي نادر أنّ موضوع ارتفاع سعر الصرف ناتج عن مسألة العرض والطلب، نافيًا فرضية أن يكون هناك من يتلاعب بالأسعار.
ويشير نادر، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ الارتفاع في سعر الصرف هو نتيجة الانهيار في ميزان المدفوعات، موضحًا أنّ الدولار الذي يخرج من لبنان أكثر بكثير من الدولار الذي يدخل إليه.
ويشرح أنّ المغتربين الذين كانوا يحوّلون بعض المدخرات إلى المصارف اللبنانية لم يعودوا يثقون بهذا القطاع، في حين أنّ ما تبقى من دولارات يُستنزَف بفعل سياسة ما يسمى بدعم المواد الأساسية، والتي أضحت سياسة دعم التهريب لا الفقير بخلاف ما يُقال.
لبنان في "عين العاصفة"
ويخلص نادر إلى أن لبنان في عين العاصفة؛ إذ إنّ اقتصاده ينزف ويعيش على جزء قليل من السيولة المتبقية من مدخرات اللبنانيين.
ويقول: "نحن في قلب الانهيار ولسنا على شفيره كما كنّا نقول سابقًا"، معربًا عن اعتقاده أنّ لبنان "مقبل على انفجار اقتصادي واجتماعي".
ويلفت إلى أنّ السلطة عاجزة حتى عن تشكيل حكومة وهي الخطوة الأولى المطلوبة من أجل التوجه لصندوق النقد والمجتمع الدولي، علمًا أنّ الأخير أكد أكثر من مرة أنه يريد أن يساعد لبنان، لكن يجب إيجاد حكومة والقيام بإصلاحات.
ويشدّد على أنّ لبنان "رهينة" فيما ينتظر الخاطف إشارة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي لديها أولوياتها وليست مستعدة لدفع أي فدية للإفراج عن هذه الرهينة، بحسب نادر.
الحل الوحيد تغيير "السلطة السياسية"
أما الحل الوحيد للمأزق الحالي الذي يعيشه لبنان، برأي نادر، فهو تغيير السلطة السياسية وهذا يجب أن يتمّ عبر الانتخابات.
وإذ يذكّر بأنّ المتظاهرين ضد الطبقة السياسية كانوا يطالبون بانتخابات مبكرة، يعتبر أنّ ذلك لم يعد على الطاولة.
إلا أنّه يحذر من أنّ السلطة تعمل على إلغاء الانتخابات كما فعلت ثلاث مرات في السابق، ويعتبر انطلاقًا من ذلك، أنّ "على الشعب أن يتهيّأ لمواجهة هذا الالتفاف على المؤسسات".
ومع قناعته بأنّ تغيير السلطة يجب أن يتمّ عبر السبل الديمقراطية، يرى أنّه لا بدّ، في الانتظار، من "وقف النزيف وتأمين حد أدنى من السيولة لتأمين حاجات لبنان الأساسية حتى لا ينفجر الوضع".