ينفق العديد من الأشخاص مبالغ طائلة في سبيل معالجة تساقط الشعر أو علاج الصلع، ولكن دون جدوى.
ويذكر العديد من أطباء الأمراض الجلدية أن هذه العلاجات الباهظة لا نفع منها، لكنّها تستمر بالانتشار نظرًا ليأس الناس من مشاكل تساقط الشعر، الذي يعتبر أمرًا طبيعيًا مع التقدّم بالعمر.
إلا أن الدكتور بريت كينغ، طبيب الأمراض الجلدية في كلية الطب بجامعة ييل، أشار لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أن علاجًا قديمًا للصلع، زهيد الثمن، يمكن أن يعطي نتائج أفضل إذ جرى تناوله عن طريق الفم بجرعات منخفضة جدًا عوضًا عن الاستخدام الموضعي.
وقال كينغ: إن الدواء عبارة عن أقراص "مينوكسيديل" (minoxidil)، وهو دواء قديم ومعروف لعلاج تساقط الشعر كان يستخدم بخاخًا أو غسولًا يوضع على فروة الرأس بهدف تحفيز نمو الشعر. ويعتبر ذا مفعول قوي على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة.
لكن أطباء الجلد يفيدون باستخدامه بطريقة مختلفة، فبدلًا من وضعه مباشرة على فروة الرأس، يتم وصفه في شكل أقراص منخفضة الجرعات.
ومع أن إدارة الغذاء والدواء لم توافق على أقراص الدواء لعلاج تساقط الشعر، إلا أنه أصبح ممارسة شائعة في طب الأمراض الجلدية.
ما هي أسباب تساقط الشعر؟
أوضحت الطبيبة المتخصصة في الأمراض الجلدية والعلاج بالليزر، عنود العيسى، في حديث سابق إلى "العربي"، أن أنواع تساقط الشعر تتعدّد وفقًا لأسبابه، مضيفة أن تساقط الشعر "الكَربي" يصيب المرأة بعد الولادة بأشهر عدة، وقد يستمرّ لمدة ستة أشهر أو أكثر. وقد يعاني الأشخاص من هذه المشكلة بعد إجراء العمليات الجراحية.
كما أشارت إلى أن تساقط الشعر يحصل بشكل متكرر لدى الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية قاسية، ويعود ذلك لحرمانهم من العناصر الغذائية المهمة، وأن تناول الأدوية التي تعالج أمراض ضغط الدم ومسيلات الدم تؤدي إلى تساقط الشعر.
ويرتفع عدد الذين يعانون من تساقط الشعر بسبب الضغط النفسي والصحي إضافة إلى تغيير العادات الغذائية واليومية.
ما هو عقار "مينوكسيديل"؟
و"مينوكسيديل" عبارة عن غسول أو رغوة تُفرك على فروة الرأس، وجرت الموافقة على استخدامه لأول مرة للرجال عام 1988، ثم للنساء عام 1992.
أما أقراص "مينوكسيديل" بجرعات عالية فيتمّ استخدامها لعلاج ارتفاع ضغط الدم، لكن غالبًا ما لاحظ المرضى أن الحبوب تحفز نمو الشعر في جميع أنحاء أجسامهم. لذلك طوّرت الشركة المصنّعة لوشن "مينوكسيديل"- أطلق عليه في النهاية اسم "روجين" (Rogaine)، الذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء.
ويعمل الدواء على تحفيز تمدّد الأوعية الدموية الموجودة في فروة الرأس، ويحسّن وظيفة مسام الشعر كما أنه يعمل على تنشيط نمو الشعر في فروة الرأس.
وذكر الدكتور رودني سينكلير، أستاذ الأمراض الجلدية في جامعة ملبورن في أستراليا، أنه كان يعالج مريضة من الصلع الأنثوي، وكان شعر رأسها خفيفًا.
وأوضح الدكتور أن مريضته أُصيبت بطفح جلدي بسبب الاستخدام الموضعي لعقار "مينوكسيديل"، وفي ذات الوقت، لم تكن تستطيع منع نفسها عن استعماله حتى لا يصبح شعرها رقيقًا مرة أخرى.
وقال سنكلير للصحيفة: "إذا كان المريض يعاني من الحساسية بسبب الاستخدام الموضعي، فإن إحدى الطرق المعروفة لتجاوز ذلك، تتمثل بإعطاء نفس الدواء عن طريق الفم بجرعات منخفضة".
وقام سنكلير بتقطيع حبوب "مينوكسيديل" إلى أرباع، وبالفعل، أصبح شعر مريضته أكثر كثافة وقابلًا للتسريح بشكل أفضل.
وبعد ذلك، عمد الطبيب إلى تخفيض الجرعة أكثر فأكثر، حتى وصلت إلى الجرعات الفعالة بنسبة واحد على أربعين من الحبة، ليصبح تناول ذلك الدواء أمرًا روتينيًا لتلك المريضة التي تواظب عليه حتى الآن.
وأوضح الطبيب أنه استطاع أن يعالج أكثر من 110 آلاف مريض بالطريقة نفسها حتى الآن.
وأوضحت طبيبة الأمراض الجلدية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، كريستال أغوه أن هذا الدواء اكتسب "شعبية كبيرة في المؤتمرات الطبية حيث يتشارك الأطباء قصص نجاحهم".
لكنها حذّرت من أن الدواء "لن ينفع في معالجة حالات الصلع المستفحلة لاسيما عند الرجال، مضيفة: "إنه علاج مثالي للأشخاص الذين لا يعانون الصلع بشكل كامل، والذين يلاحظون أنهم يفقدون الشعر بشكل واضح قبل أن يصابوا بالصلع".
ومع ذلك، يلاحظ بعض المرضى الذين يتناولون جرعة منخفضة من "مينوكسيديل" نمو الشعر الشارد على وجوههم وذقونهم. ولذلك أضاف بعض أطباء الجلد، بمن فيهم سنكلير، جرعات منخفضة جدًا من عقار "سبيرونولاكتون"، وهو دواء لضغط الدم يمنع أيضًا بعض نشاط الهرمونات الجنسية التي تسمى الأندروجينات، وذلك لمنع نمو الشعر غير المرغوب فيه.