في وقت يعاني فيه المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها بلدهم الذي يرزح تحت عبء الديون، أعلنت الحكومة أنها ستبدأ في بيع الخبز بسعر التكلفة للمواطنين الذين لا تشملهم منظومة دعم الخبز، في إطار جهودها لمواجهة التضخم الآخذ في الازدياد.
وأوضح وزير التموين المصري علي المصيلحي، أن المصريين غير المشمولين في منظومة الدعم سيتمكنون من شراء أرغفة خبز يزن الواحد منها 90 غرامًا بسعر التكلفة باستخدام بطاقات مسبقة الدفع، وأن السعر لم يتحدد بعد لكنه سيكون أقل من جنيه مصري واحد (0.03 دولار)، على أن تبدأ الفترة التجريبية يوم الأربعاء.
خطة حكومية
ومضى يقول: "الهدف هنا إتاحة هذه السلعة الهامة دون مبالغة في المكسب"، مبينًا أن القرار سيزيد الخبز الذي تبيعه الحكومة بنسبة تصل إلى 10%.
وتوفر الحكومة المصرية بالفعل الخبز المدعوم بشكل كبير لأكثر من 70 مليونًا من أصل 104 ملايين مصري.
وسبق أن أجلت الحكومة خطط إصلاح منظومة الدعم نتيجة تفاقم نقص العملة الأجنبية والتضخم بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
من جديد.. الجنيه المصري يهوي إلى مستوى قياسي #مصر تقرير: علي الرواشدة pic.twitter.com/oqWsuDusPa
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 11, 2023
ولم يتضح ما إذا كان ذلك سيتطلب أن تزيد الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، الاستيراد.
وقال المصيلحي: "إن شاء الله كل أسبوع هنطرح مناقصة "، وذلك بعدما نالت مصر موافقة البنك الدولي في الآونة الأخيرة على توفير تمويل.
ولفت المصيلحي، إلى أن الذرة ستُباع أيضًا في بورصة السلع لمواجهة نقص الأعلاف الذي دفع بعض المزارع إلى إعدام الكتاكيت. وتأتي تصريحاته في أعقاب إعلان الهيئة أمس الأحد عن ممارسة نادرة لشراء الذرة الصفراء.
وأشار المصيلحي، إلى أن مصر تستهدف شراء نحو أربعة ملايين طن من القمح في موسم الحصاد المحلي الذي يبدأ في أبريل/ نيسان. وقالت الحكومة العام الماضي إنها اشترت 4.2 ملايين طن.
عجز اقتصادي كبير
ومصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم وكافح المستوردون والمطاحن من القطاع الخاص في الأشهر الماضية لسداد ثمن مئات الآلاف من أطنان القمح العالقة في الموانئ، مما تسبب في ارتفاع أسعار الخبز والطحين.
ومصر بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، إذ شهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعًا بمقدار 8% في 2022، كان التأثير فوريًا إذ بلغت نسبة التضخم 18,7%، وفق الأرقام الرسمية.
بالمقابل، لا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة 33,5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج. لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل إلى 157 مليار دولار.
وأخيرًا جرى تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات، وكذلك تقليص حجم المنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".
حتى إنه جرى تقنين كمية الأرز التي يمكن للفرد شراؤها، وصولًا إلى انتشار في الفترة الماضية، لحملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج، بعد ارتفاع أسعار الفروج بشكل مضاعف لا طاقة للمواطن للشراء.
ويأتي كل ذلك، بعدما خفضت مصر في مارس/ آذار الماضي، ثم في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قيمة عملتها، قبل أن يتراجع الجنيه هذا الشهر من جديد بأكثر من 8%. وبذلك يكون قد انخفض بنسبة 70% تقريبًا في أقل من عشرة أشهر.
بينما تفاوضت الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وبدأت الهيئة العامة للسلع التموينية بالفعل في بيع الطحين للمطاحن الخاصة، وكذلك نحو 300 ألف طن من القمح عبر بورصة السلع حديثة التدشين في محاولة لإزالة العقبات أمام التجارة الداخلية.