هوى الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته التاريخية أمام الدولار الأميركي، بالتزامن مع استقبال القاهرة الدفعة الأولى من قرض متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والبالغ 750 مليون دولار من إجمالي 3 مليارات دولار.
وجرى التعامل بالعملة المصرية في السوق السوداء في القاهرة، عند مستوى 30 جنيهًا للدولار الواحد، وهو ما يزيد بواقع 25% عن السعر الرسمي الذي يعتمده البنك المركزي في مصر.
حيرة حول مصير الجنيه
وعلى وقع استمرار مسلسل الهبوط العامودي للجنيه، تنتاب المواطنين المصريين حيرةً حول ما إذا سينخفض مجددًا أو سيجري تعويمه، بعد أن فقدت العملة المصرية 57% من قيمتها منذ مطلع العام الحالي.
فالتضخم الذي وصل على مدار العام إلى 18%، وفقدان الجنيه للقيمة التي اعتاد عليها المصري، فضلًا عن الضغوط التي يفرضها صندوق النقد على القاهرة لتعويم العملة، تحولت كلها إلى عوامل التهمت من قوت المواطن وخيمت على حياة من يسكن المدن والأرياف، وتزعزعت قدرتهم على الادخار والاستثمار، إلى جانب حرمانهم حتى من شراء الأساسيات.
استبدال العملة المصرية
حتى إن ضبابية المشهد حول مسار الجنيه، دفعت ببعض المصريين للإقبال على استبداله بالأونصات الذهبية لحفظ قيمة مدّخراتهم، غير أن هذه الميزة قد لا تتوافر لدى كثيرين لا تكفي مداخيلهم.
وقبل نشوب الحرب الروسية على أوكرانيا، وتفاقم كلفة واردات البلاد وبالتالي احتياطاتها النقدية، اعتاد المصريون الحصول على دولارٍ مقابل 15 جنيهًا، إلا أنهم اليوم يشهدون وصول الورقة الخضراء إلى 30 رغم اعتماد البنك المركزي لسعر 24.6 جنيهًا للدولار.
الجنيه المصري يهوي لأدنى مستوياته أمام الدولار الأميركي #مصر تقرير: علي القيسية pic.twitter.com/z6Lz6eLctS
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 7, 2022
مضاربات عنيفة في الأسواق المصرية
ومن القاهرة، يشرح المستشار الاقتصادي وخبير الأسواق المالية وائل نحاس أن سبب تهاوي قيمة العملة المصرية يعود إلى غياب وفرة العملة الأميركية في الشارع المصري والقطاع المصرفي، ما أدى إلى حصول تذبذبات ومضاربات عنيفة في الأسواق المالية.
ومنذ شهر مارس/ آذار حتى يومنا هذا، لم تدخل إلى مصر بعض السلع التي تتراكم بالموانئ وتبلغ قيمتها حوالي الـ6 مليارات دولار، ما يزيد نسبة التخوف لدى المواطن المصري الذي يحاول الاحتماء ببعض الاستثمارات للمحافظة على أمواله الخاصة، وفق نحاس.
كذلك، يعتقد خبير الأسواق المالية أن تفاقم العجز بالموازنة المصرية توازيًا مع المضاربات الكبيرة في السلع، سيدفع بالسلطات إلى طباعة المزيد من الأوراق النقدية بهدف تسديد بعض الفواتير والديون الداخلية.
فيقول نحاس: "ربما يكون هناك اتفاقًا ضمنيًا غير صريح ما بين الحكومة المصرية وصندوق النقد، وهو محاولة السلطات تخفيض جزء كبير جدًا من الجنيه عبر طباعة ما يكفيها في الفترات القادمة، على اعتبار أنه بعد الاتفاق مع الصندوق لن تستطيع القاهرة طباعة جنيه واحد إلى بعد العودة لصندوق النقد".