نما ثقب الأوزون التي يتشكل في الغلاف الجوي للأرض فوق القارة القطبية الجنوبية للعام الثالث على التوالي. وتبلغ مساحة هذا الثقب 26.4 مليون كيلومتر مربع، وهو الأكبر منذ عام 2015. وعلى الرغم من هذا النمو، يقول العلماء إن حجم الثقب لا يزال في اتجاه تنازلي بشكل عام، بحسب موقع "لايف سينس".
وقال بول نيومان، كبير علماء الأرض بمركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، لوكالة "أسوشييتد برس": "تشير جميع البيانات إلى أن الأوزون في تحسن".
وقد لوحظ ثقب الأوزون لأول مرة في أوائل الثمانينيات ووصل إلى أقصى حد له في عام 2006، وفقًا لناسا. وكان ثقب الأوزون هذا العام، وقد بلغ ذروته في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أكبر ثقب تم تسجيله منذ عام 2015.
لا يستدعي القلق
لكن العلماء ليسوا قلقين للغاية. وقال نيومان: "الاتجاه العام هو التحسن. إنه أسوأ قليلاً هذا العام لأنه كان أكثر برودة قليلًا هذا العام".
ويتكون الأوزون من ثلاث ذرات أكسجين ولا يشكل سوى القليل جدًا من غلافنا الجوي، ولكن له تأثير كبير على كوكبنا. تمتص الطبقة التي تمتد فوق الكرة الأرضية أكثر الأشعة فوق البنفسجية ضررًا من الشمس، مما يحمي الحياة على الأرض.
تأثير النشاط البشري
واكتشف العلماء طبقة الأوزون الرقيقة فوق القارة القطبية الجنوبية في أوائل الثمانينيات. وعلى الرغم من أن الأوزون يتم تكوينه وتدميره بشكل طبيعي في طبقة الستراتوسفير، فإن التلوث الناتج عن الإنسان يدمر الأوزون بشكل أسرع مما يمكن أن يتشكل. فالتقنيات التي تستخدم الكلور أو البروم، مثل التبريد وتكييف الهواء، تدمّر الأوزون بمعدلات عالية بشكل ينذر بالخطر.
ففي الستراتوسفير، تتفاعل جزيئات الكلور مع الأوزون لتكوين جزيء واحد من أول أكسيد الكلور وجزيء O2 واحد. ثم يتحلل جزيء أول أكسيد الكلور هذا، مما يؤدي إلى تحرير ذرة الكلور لتتفاعل مع المزيد من الأوزون. وفقًا لوكالة حماية البيئة، يمكن لذرة واحدة من الكلور تدمير 100000 جزيء أوزون قبل إزالة جزيء الكلور من الغلاف الجوي.
وتبقى مواد مثل مركبات الكربون الكلورية فلورية، المستخدمة في التبريد وتكييف الهواء، في الغلاف الجوي لفترة طويلة - بعضها لمدة تزيد عن ستة أشهر - مما يعني أن الكلور والمواد الكيميائية الأخرى من هذه المواد يمكن أن تدمر طبقة الأوزون.
انكماش ثقب الأوزون
وساعدت الاتفاقيات العالمية مثل بروتوكول مونتريال، الذي ينظم إنتاج المواد المستنفدة للأوزون واستهلاكها، في إصلاح ثقب الأوزون.
وعلى الرغم من زيادة حجم ثقب الأوزون هذا العام، يتفق العلماء بشكل عام على أن الثقب آخذ في الانكماش. وبحسب "لايف سينس"، ففي وقت سابق من هذا العام، أفادت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن المواد المستنفدة للأوزون في الغلاف الجوي قد انخفضت بنسبة 50% منذ عام 1980. وأشار التقرير أيضًا إلى أنه في حالة استمرار هذا الاتجاه التنازلي، يمكن إصلاح طبقة الأوزون بالكامل بحلول عام 2070.
ثقب جديد في الأوزون
لكن العلماء اكتشفوا ثقبًا جديدًا ضخمًا في طبقة الأوزون فوق معظم أجزاء المنطقة الاستوائية، أُعلن عنه في يوليو/ تموز الماضي. والثقب الجديد هو فجوة أكبر بسبع مرات من ثقب الأوزون في القطب الجنوبي، والذي ينفتح كل عام في الربيع.
وبحسب ما قال أحد الباحثين لصحيفة ""ذي إندبندنت" حينها، فقد تبين أن هذا الثقب كان موجودًا منذ أكثر من نحو 30 عامًا، ويغطي مساحة هائلة قد تطال آثارها نحو نصف عدد سكان العالم، ويشكل ذلك الثقب مصدر قلق كبير لأنه قد يزيد من مستوى الأشعة فوق البنفسجية على مستوى الأرض.
وكان الدكتور عمار السكجي رئيس الجمعية الفلكية الأردنية قد شرح في حديث سابق إلى "العربي" من العاصمة عمان أن الأقمار الصناعية تقوم بعمليات مسح بشكل منتظم لطبقات الغلاف الجوي، لكن التركيز في الفترات الأخيرة كان على متابعة ثقب الوزون الموجود في منطقة القطب الجنوبي.
ولفت إلى أن تأخر الكشف عن الثقب الجديد جاء نتيجة قلة المعلومات عن سمك هذه المنطقة.
وحذّر السكجي من التهديد الذي يمثله ثقب الأوزون على مستقبل الأرض على مستوى الاحتباس الحراري، حيث يسمح بدخول الأشعة الفوق بنفسجية لكوكب الأرض، مما يتسبب بارتفاع درجة حرارة الأرض وإصابة الإنسان بسرطان الجلد.