للمناسبات الفرحة والحزينة.. تعرّفوا إلى تقليد إهداء الزهور عبر التاريخ
منذ العصور القديمة، تمّ تقدير الزهور باعتبارها رمزًا للجمال والرائحة الطيبة ولاستخداماتها العملية.
وعلى مر القرون، تطوّر التقليد الطويل المتمثّل في تقديم الزهور هدية في المناسبات الخاصة، لكنّه لا يزال يمثل طقوسًا دائمة تشمل جميع الثقافات وإحدى أكثر الطرق شيوعًا للاحتفال بالأحداث المهمة في الحياة، من التهاني لولادة طفل، إلى التعازي بفقدان الأشخاص.
وتحظى الزهور بشعبية كبيرة، حيث من المتوقّع أن يتجاوز حجم سوق الزهور المقطوفة في جميع أنحاء العالم الـ45 مليار دولار بحلول عام 2027.
وأصبح تقليد إهداء الزهور أمرًا بسيطًا مثل إرسال رسالة نصية أو كتابة بريد إلكتروني، مما يُثبت أنّ التاريخ الطويل لتقديم الزهور لا يزال قائمًا.
تاريخ الزهور
يرصد موقع "هيستوري فاكتس" (historyfacts) الدور الرائع الذي لعبته الزهور عبر تاريخ البشرية، بدءًا من تطوّر النباتات المزهرة وحتى صناعة الأزهار.
1- أقدم الزهور في العالم
حوالي 80% من النباتات الخضراء هي نباتات مزهرة. ويعود تاريخ أقدم الزهور في العالم إلى العصر الطباشيري منذ أكثر من 130 مليون سنة.
لم تكن تلك الزهور الأولى تُشبه التي نعرفها ونحبها اليوم. فقد كانت بالكاد مرئية للعين البشرية ولا يمكن التعرّف عليها كزهور حتى تحت المجهر.
وساعد التفاعل بين النباتات المزهرة والحشرات في التطوّر المشترك لكليهما، حيث طوّرت الزهور روائح قوية وألوانًا جذابة لجذب الملقّحات.
وكانت هذه السمات نفسها هي التي جذبت أيضًا المجتمعات البشرية الأولى، التي بدأت في زراعة واستخدام النباتات المزهرة في الاحتفالات الدينية والثقافية.
2- زهور العصور القديمة
تمت زراعة بعض الزهور التي تُستخدم في الباقات الأكثر شعبية اليوم، لأول مرة منذ آلاف السنين.
وانعكست الأهمية الثقافية للزهور في الفن والأدب في الصين القديمة ومصر واليونان وروما. وتمت زراعة الورود، وهي واحدة من الزهور الأكثر شعبية في تقديمها كهدايا، لأول مرة في الحدائق منذ 5000 عام في الصين.
واستخدم المصريون القدماء الزهور في الاحتفالات الدينية كقرابين للآلهة والأموات، وزيّنوا عرباتهم الحربية بالزهور قبل الذهاب إلى المعركة، ورسموا وحفروا زخارف نباتية في فنهم.
كما استخدم الإغريق والرومان الزهور بطرق مماثلة، حيث ربطوا أنواعًا معينة بآلهتهم، واستخدموا النباتات المزهرة في المهرجانات والطقوس ولمتعتهم الخاصة.
في التاريخ الحديث، حظيت أزهار الكرز (ساكورا) بالتبجيل في اليابان منذ فترة هييآن (794- 1185). ولأنّها تتفتح لفترة قصيرة فقط في الربيع، فهي ترتبط بالطبيعة العابرة للحياة.
وتمّ استيراد نبات القطيفة، الذي كان جزءًا من الثقافة المكسيكية منذ عصر ما قبل كولومبوس، إلى الهند منذ أكثر من 350 عامًا، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من احتفالات الزفاف والمهرجانات الهندوسية مثل ديوالي.
3- زهور العصر الفيكتوري
في أوروبا، تطوّر الاستخدام الرمزي للزهور في العصور الوسطى وعصر النهضة، عندما ارتبطت الزهور والنباتات المزهرة المختلفة بمجموعة متنوعة من المزايا والعواطف.
في العصر الفيكتوري في القرن التاسع عشر، ظهرت تقنية الأزهار، أو لغة الزهور، كوسيلة لتوصيل مشاعر معينة من خلال نوع ولون معينين، وحتى باقات زهور معينة.
وكان هذا الشكل من رموز الزهور وسيلة للتعبير عن مشاعر الفرد في عصر اتّسم بضبط النفس والتكتم. ويُعتبر كتاب "لغة الزهور" للفنانة والكاتبة كيت غريناواي الذي نُشر عام 1884، قاموسًا لا غنى عنه في مجال علم الأزهار، حيث قدّم معاني الزهور المختلفة وأهميتها في باقات الزهور.
فعلى سبيل المثال، إذا أراد رجل أن يُرسل باقة من الزهور إلى خطيبته، فيجب أن تتضمّن البنفسج الأزرق، الذي يدل على الإخلاص، والورود البيضاء، التي تعني "أنا أستحقك".
4- باقات الزهور في القرن العشرين
تطوّرت صناعة الزهور في منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا. وتأسست جمعية بائعي الزهور الأميركيين في شيكاغو عام 1884، لتعزيز مبيع الزهور وفنّها.
ومع بداية القرن العشرين، أدى انتشار محلات الزهور وخدمات توصيل الزهور، إلى زيادة شعبية وتسويق تقليد تقديم الزهور.
وعلى الرغم من أنّ علم الأزهار لم يعد شائعًا اليوم كما كان في العصر الفيكتوري، إلا أنّ الزهور المختلفة لا تزال تحمل معاني محددة.
فإعطاء شخص ما الورود الحمراء لا يزال يدل على مشاعر الحب والرغبة، في حين أنّ الزنابق البيضاء لا تزال تُعتبر الزهور التقليدية في العديد من الثقافات لكل من حفلات الزفاف والجنازات.
واليوم، تظلّ الزهور هدية شعبية لمجموعة واسعة من المناسبات، سواء للتعبير عن مشاعر معينة أو للاستمتاع بجمالها الآسر. وتبنّت التكنولوجيا الحديثة تقليد تقديم الزهور من خلال سلسلة من الرموز التعبيرية الزهرية، بما في ذلك الورد والكركديه وزهر الكرز وعبّاد الشمس والتوليب وباقة الزهور.