الأحد 8 Sep / September 2024

ماريوبول تحت الحصار الروسي.. أيّ مسار للحرب المتواصلة في أوكرانيا؟

ماريوبول تحت الحصار الروسي.. أيّ مسار للحرب المتواصلة في أوكرانيا؟

شارك القصة

الخبير العسكري جلال العبادي يستعرض عبر "العربي" تطورات الهجوم الروسي على أوكرانيا (الصورة: غيتي)
يسعى سكان مدينة ماريوبول الأوكرانية الإستراتيجية إلى البحث عن ناجين بين أنقاض مسرح تعرض للقصف، فيما يتواصل الهجوم الروسي لليوم الـ23.

تعيش مدينة ماريوبول الأوكرانية على وقع حصار روسي متواصل فيما يبحث سكان المدينة الإستراتيجية عن ناجين بين أنقاض مسرح تعرض للقصف، وسط دخول العملية العسكرية الروسية يومها الـ23 بآمال ضئيلة للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار.

ويستعد الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الجمعة، لتحذير نظيره الصيني شي جينبينغ من عواقب تقديم أيّ دعم لموسكو في هجومها العسكري الذي بدأته في 24 فبراير/ شباط الماضي على أوكرانيا.

قلق أميركي من المساعدة الصينية

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: إنّ "الرئيس بايدن سيوضح له أنّ الصين ستتحمل المسؤولية عن أي عمل يهدف إلى دعم العدوان الروسي وأننا لن نتردد في فرض تكاليف عليه"، مضيفًا أنّ بلاده ترى "بقلق أن الصين تدرس تقديم مساعدة عسكرية مباشرة لروسيا".

ومنذ بداية الهجوم الروسي، امتنعت بكين التي تعطي الأولوية لعلاقاتها مع موسكو وتشاركها عداءها العميق تجاه واشنطن، عن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سحب قواته من أوكرانيا.

لكن قد تكون الصين بدأت تنأى بنفسها عن موسكو لأن روسيا تخلت، أمس الخميس، عن طلب للتصويت في مجلس الأمن الدولي الجمعة على مشروع قرار يتعلق بالحرب في أوكرانيا، بسبب غياب الدعم من أقرب حلفائها، بحسب ما قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة.

وبحسب وكالة "فرانس برس"، قال سفير طلب عدم الكشف عن هويته: إنّهم "طلبوا رعاية مشتركة" لنصهم الذي قالوا إنه يركز على الجانب الإنساني، لكنهم "لم يتلقوا ردًا"، ملمحًا بذلك إلى أن الصين والهند لم تدعما المبادرة الروسية المثيرة للجدل وأنهما لم تكونا لتصوتا تأييدًا لها.

"دكتاتور متعطش للدماء"

ولم يكتف الرئيس الأميركي بوصف نظيره الروسي بأنه "مجرم حرب"، حيث عاد ووصفه بأنه "سفاح" و"دكتاتور متعطش للدماء"،  فيما اعتبر وزير خارجيته أنتوني بلينكن أنّ "استهداف المدنيين عمدًا هو جريمة حرب".

وقال بلينكن إنه "بعد الكثير من الدمار في الأسابيع الثلاثة الماضية، أجد صعوبة في استنتاج أن الروس يفعلون أيّ شيء آخر غير ذلك".

من جهته، ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغربيين أمس الخميس المساعدة في "وقف هذه الحرب" في بلاده حيث خلفت ضربة روسية 27 قتيلًا على الأقل في شرقي البلاد.

وعلى وقع تصفيق أعضاء البرلمان الألماني (البوندستاغ) الذين خاطبهم الخميس عبر الفيديو، قال زيلينسكي: إنّ هناك "شعبًا يتم تدميره في أوروبا". وأضاف: "ساعدونا في وقف هذه الحرب!".

ولا تزال الأنظار مشدودة نحو مدينة ماريوبول الساحلية الإستراتيجية المحاصرة في الجنوب الشرقي لأوكرانيا، حيث اتهم زيلينسكي القوات الجوية الروسية الأربعاء الماضي بأنها قصفت "عمدًا" مسرحًا لجأ إليه مئات السكان.

وقال زيلينسكي: "يجب على العالم في نهاية المطاف الإقرار بأن روسيا أصبحت دولة إرهابية".

وأشارت رئاسة بلدية ماريوبول إلى أن "أكثر من ألف" شخص كانوا موجودين في ملجأ تحت المسرح عندما تعرض للقصف. ولم يتم إعلان أي حصيلة للضحايا حتى الآن.

وقالت المبعوثة الأوكرانية لحقوق الإنسان ليودميلا دينيسوفا: إنّ الملجأ صمد أمام القصف، مضيفة: "نعتقد أن الجميع نجوا". وأشارت إلى أن عملية انتشال الناجين من تحت الأنقاض بدأت.

ناجون من تحت المسرح

من جانبه، قال النائب البرلماني سيرغي تاروتا: إنّ الملجأ قاوم القصف، وكتب على فيسبوك أن المسرح "يتكون من ثلاثة أجزاء ولا يُعرف بعد ما إذا كانت قد تضررت". وقال: إن أشخاصًا عدة "خرجوا في الصباح بعد أن أزال السكان الأنقاض بأنفسهم".

لكن روسيا قالت إنها لم تقصف المدينة، متهمة كتيبة "آزوف" القومية الأوكرانية بتدمير المسرح، فيما أفاد مجلس بلدية ماريوبول بأن الوضع "خطير" مع القصف الروسي "المستمر" والدمار "الهائل".

ووفقًا للتقديرات الأولية، تم تدمير حوالي 80% من المساكن في المدينة. كما تواصل قصف كييف وخاركيف ثاني أكبر مدينة في البلاد، في حين قتل 500 شخص على الأقل منذ بداية الحرب.

ولم تنشر أي تقديرات شاملة للخسائر وإن اعترف زيلينسكي في 12 مارس/ آذار بمقتل "حوالي 1300" جندي أوكراني، بينما تحدثت موسكو في الثاني من مارس/ آذار عن مقتل نحو 500 في صفوفها.

ثلاثة محاور رئيسية "عنوان الحرب"

وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي جلال العبادي أن مدن كييف وأوديسا وماريوبول هي "صاحبة المعركة" المتواصلة والعنوان الرئيس للحرب في أوكرانيا.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من عمّان، إلى أن ماريوبول تدخل الأسبوع الرابع من العملية العسكرية الروسية بـ"مقاومة شرسة"، حيث تحاصرها القوات الروسية من كلّ الجهات، متوقعًا قدوم كتيبة شيشانية تقاتل إلى جانب الروس للتحضير للهجوم على المدينة الإستراتيجية.

كما يتوقع العبادي أن تشهد المدينة "قتالًا عنيفًا" خلال الأيام المقبلة، لافتًا إلى مغادرة أعداد كبيرة من المدنيين الأوكرانيين عبر الممرات الإنسانية.  

وبالنسبة إلى قدرة ماريوبول على الصمود، يشبه الخبير العسكري المدينة الأوكرانية بمدينة حلب السورية التي تعرضت للقصف والحصار من قبل القوات الروسية نفسها، حيث تسعى موسكو إلى تطبيق ما حصل في حلب على العاصمة الأوكرانية كييف وماريوبول.

ويرى أنّ السيطرة على ماريوبول التي تربط الشرق بالغرب، سيمكن القوات الروسية من عزل القوة البحرية لأوكرانيا.

هل تتوافق العملية مع الخطط الروسية؟

ويقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ عملية بلاده في أوكرانيا تحقق نجاحات وتتوافق مع الخطط التي وضعتها وزارة الدفاع الروسية.

أمّا الخبير والباحث في الشؤون الأمنية العميد خالد حمادة فيرى أنّ العمليات العسكرية بهذا الشكل "يقع تقييمها بشكل دائم لمراجعة نقاط الضعف ومحاولة تلافيها وتنويع الخطط وفقًا لمعطيات الميدان" وهو ما يحصل في أوكرانيا.

ويعتبر حمادة في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أنه بالنظر إلى "الدفاعات الأوكرانية فهي كانت عبارة عن دفاعات منعزلة عن مدن متفرقة تمتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الشرقي والجنوب الوسط، أي شواطئ آزوف والبحر الأسود".

ويلفت إلى أنّ الأهداف التي تحققت إلى غاية الآن "تدل على أنّ هناك اندفاعة روسية وجهدًا رئيسيًا للهجوم من جهة الشرق باتجاه خاركيف وسومي، إضافة إلى هجوم آخر على العاصمة من جهة الشمال والشرق".

ويشير في هذا السياق إلى وجود "دفاع أوكراني مستميت في كييف، لذلك نقل الروس جهدهم الحربي إلى الجنوب لاعتقادهم أن الدفاعات والحشود الأوكرانية كانت كبيرة في العاصمة على خلاف باقي المناطق"، مذكّرًا بـ"السيطرة السهلة لروسيا على مدينة خيرسون" في الجنوب.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close