الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

ماسك يتراجع ويعود لتزويد كييف بالإنترنت الفضائي.. ما دلالات الخطوة؟

ماسك يتراجع ويعود لتزويد كييف بالإنترنت الفضائي.. ما دلالات الخطوة؟

شارك القصة

برنامج "للخبر بقية" يناقش دلالات إعلان وقف تقديم خدمات الإنترنت الفضائي مجانًا للجيش الأوكراني قبل أن يعلن ماسك التراجع عن القرار (الصورة: رويترز)
بعدما أوقف تزويد الجيش الأوكراني مجانًا بالإنترنت الفضائي، أعلن رئيس شركة "سبيس إكس" إيلون ماسك تراجعه عن قراره السابق وعودته لتزويد كييف بهذه الخدمة.

تراجع رئيس شركة "سبيس إكس" إيلون ماسك مساء اليوم السبت، عن قرار سابق وعاد لتزويد كييف بالإنترنت الفضائي.

وكان ماسك قد أوقف تزويد الجيش الأوكراني مجانًا بالخدمة متذرعًا حينًا بارتفاع التكلفة ورفض البنتاغون تمويلها، بينما كان المتهَم في نظره روسيا حينًا آخر.

وقبل إعلانه في تغريدة على تويتر عودة خدمة ستارلينك إلى شبك جيش أوكرانيا بالأقمار الصناعية، فإن الأمر كان مرهونًا بمن يدفع، ولم يكن مهمًا أكان ذلك من خزانة البنتاغون أو حقيبة حلف الناتو. 

إلى ذلك، لم يكن طلب ماسك الفاتورة من البنتاغون تحت طائلة وقف الخدمة ردًا على رفض تمويل نظامه فقط، بل جاء بعد توتر علاقته بأوكرانيا أيضًا.

ففي وقت سابق من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قدّم ماسك نفسه وسيطًا لإنهاء الحرب من دون أن يكلفه أحد، مقترحًا تنازل كييف عن شبه جزيرة القرم لإحلال السلام.

وقد دفعت هذه الوساطة عبر تويتر بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولين آخرين إلى شن حرب إلكترونية على ماسك، واتهامه بدعم روسيا وقبض الثمن منها.

التقنيات العسكرية تهندس الحروب

وكانت كييف لتجد نفسها من دون خدمة ستارلينك في مأزق تصويب أسلحتها عبر الإحداثيات، التي كانت توفرها لها الأقمار الصناعية.

وبينما يمكن تسمية ما فعله ماسك بدايةً بـ"محاولة فطام أوكرانيا" أو "ترويضها بسلاح التكنولوجيا"، فإن رئيس شركة "سبيس إكس" كما هو معلوم رجل أعمال وصفقات ولا باع له في علم العسكر، ولا هو مخضرم في أروقة السياسة.

ومع ذلك، فقد تحوّل إلى شخص فاعل ومقرّر لسير المعارك، والفضل لأسهمه التكنولوجية.

ويُستخلص مما تقدم أن التقنيات العسكرية أضحت اليوم تهندس الحروب وتتقدم الجنود وتكاد تحسم الحرب لمصلحة من يمتلك أحدثها. 

فلا يمكن الاستهانة بدور هذه التقنيات، إذ إن التسليح التقني صار جزءًا من الإستراتيجيات الحربية ومدخلًا للتفوق العسكري، لا سيما في مجال الطائرات المسيّرة والروبوتات.

وكذلك يسمح التطور التكنولوجي لدولة بشن هجمات سيبرانية على خصومها من دون تحريك دبابة أو إطلاق رصاصة. ويمتلك الطرف الذي يحوز هذا العلم مفاتيح التجسس والأمن القومي وتغيير الأنظمة ووضع دول خارج ساعة الزمن.

"عرّض تعاونه مع الحكومة الأميركية للخطر"

يلفت أستاذ الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الوطنية ديفيد دي روش، إلى أن خدمات الاتصالات هي إحدى الخدمات، التي لديها وظائف عسكرية ومدنية في الوقت نفسه.

ويفيد في حديثه إلى "العربي" من واشنطن، بأن "ستارلينك" لا تعمل فقط في المجال العسكري، ولكن بالمجالات المدنية أيضًا.

إلى ذلك، يشير دي روش إلى أن "سبيس إكس" هي شركة ماسك الخاصة وليست إحدى الأصول الدفاعية التابعة للحكومة الأميركية، مؤكدًا أنها "لا تعمل طبقًا لمعايير وقواعد الحرب كما كان الحال في الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال".

وفيما يوضح أن ماسك قادر على اتخاذ القرارات، يلفت إلى أن "قراره، من حيث أنه كان سيطلب أموالًا مقابل استخدام القوات الأوكرانية لهذه الخدمات، لم يحظ بأي شعبية وقوبل باستهجان شديد وأثار تساؤلات حول أهدافه ونواياه".

ويضيف أن ماسك كان يعرّض بذلك تعاونه مع الحكومة الأميركية للخطر وكذلك مستقبل أنشطته في الولايات المتحدة.  

"شركات أخرى قادرة على تأمين الخدمة"

بدوره، وردًا على سؤال حول مدى أهمية الخدمات المقدمة من "سبيس إكس" وكيف أثرت على سيرورة المعارك في أوكرانيا عسكريًا، يرى الخبير العسكري والباحث بالشؤون السياسية والإستراتيجية نزار عبدالقادر، أنها قد تكون أثرت وقتيًا ولفترة قصيرة.

ويشير في حديثه إلى "العربي" من بيروت، إلى "وجود شركات أخرى في الولايات المتحدة وأوروبا، قادرة على تأمين هذه الخدمة، التي قطعها ماسك عن الجيش الأوكراني".

وبينما يذكّر بما يصفه بـ "تعاون عميق جدًا بين الجيش الأوكراني والولايات المتحدة بدأ منذ عام 2014"، يتحدث عن تدريب واشنطن لهذا الجيش على العمليات الخاصة وعمليات الهجمات الردية بشكل مدروس جدًا، ووفق التقنية التي تستعملها الولايات المتحدة. 

وكذلك يشير إلى أن واشنطن تتبادل خدمات المعلومات مع الجيش الأوكراني.

وعبد القادر يؤكد أن الولايات المتحدة تتابع المعركة بوسائلها الخاصة بشكل كامل، وتستفيد من المعلومات والاستخبارات التي ينتجها الجيش الأوكراني؛ من أجل وضع دراسات دقيقة عن حالة الجيش الروسي ونقاط ضعفه وكذلك ضعف آلة الحرب الروسية وتكنولوجيتها.

ويعتبر أن ماسك لا يمكنه أن يهرب من مسؤولياته من خلال ارتباطه بوزارة الدفاع الأميركية.

"دخلت في العمليات الإستراتيجية الدقيقة"

من ناحيته، يشرح الخبير في أمن وتكنولوجيا المعلومات رائد سمور، أن ستارلينك عندما دخلت باعتبارعا جزءًا فاعلًا في المعركة ضد روسيا، دخلت في العمليات الإستراتيجية الدقيقة جدًا.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من عمّان: إن ستارلينك وفّرت الغطاء وطرق الاتصال والمواصلات بين الجيش الأوكراني وأهدافه.

ويلفت إلى أن الطائرات المسيّرة لا يمكن أن تطير في الفضاء الأوكراني إلا باستخدام ستارلينك، حيث إن طريقة التحكم بهذه الطائرات تستوجب غطاء إنترنت.

وفيما يذكر بأن الروس عطلوا معظم شبكة الإنترنت الموجودة في أوكرانيا، يشير إلى أنه عندما يتم تعمية الطائرات المسيرة فذلك يعني عسكريًا أنه تم تحييد جزء كبير وخطير مما يستهدف روسيا في هذه المعركة.

ويتوقف عند الاتصالات بين الأقاليم، فيقول: إن البنى التحتية تم استهدافها من قبل الروس، وتم بالتالي قطع الاتصال بين المناطق الأوكرانية، لافتًا إلى أن الأقمار الصناعية تسهل عملية الاتصال بين قطاعات الجيش المختلفة والمنتشرة على الأراضي الأوكرانية.

وكذلك يشرح أن الخرائط الجغرافية للمناطق التي يريد الجيش الأوكراني استهدافها، وكل من تحديد الأهداف وإحداثياتها، كانت تتم عبر ستارلينك. ويؤكد "ألا بديل على الإطلاق عنها باعتبارها شركة تقدّم هذه الخدمة في العالم، ولديها عدد مماثل من الأقمار الصناعية يغطي المساحات".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close