عارض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية معتبرًا أنها "غير مبررة حتى الآن" للخروج من الأزمة الناجمة عن الانتخابات التشريعية، ومعلنًا أن جماعات المعارضة أشارت إلى استعدادها للعمل مع حكومته بشأن "مواضيع رئيسة".
وقال ماكرون في كلمة خاطب بها الفرنسيين: "إنهم مستعدون للتعاون حول مواضيع رئيسة" مثل كلفة المعيشة والوظائف والطاقة والمناخ والصحة.
واعترف الرئيس الفرنسي بأن الانتخابات البرلمانية أظهرت المشكلات الاجتماعية في بلاده، لكنه دعا أحزاب المعارضة إلى "التخلي عن الاقتتال الداخلي وتجاوز الشؤون السياسة".
وهذا يعني، وفق ماكرون، أنه "سيتعين علينا معًا إيجاد طريقة جديدة للحكم والتشريع".
كما دعا ماكرون أحزاب المعارضة إلى "التوضيح بشفافية تامة خلال الأيام المقبلة، إلى أي مدى هم على استعداد للذهاب" في دعمهم إجراءات قال إنها لن تمول بضرائب أعلى.
وذكّر، في الوقت نفسه، بأنه "تحدث الثلاثاء والأربعاء مع قادة كل الأحزاب السياسية" و"أعرب الجميع عن احترامهم لمؤسساتنا ورغبتهم في تجنب العرقلة".
"مشاورات صعبة"
وواصل الرئيس الفرنسي، اليوم الأربعاء، مشاوراته مع المعارضة وحلفائه لتشكيل غالبية بعدما أرغمه الفرنسيون على السعي إلى تسويات بنتيجة الانتخابات التشريعية.
وبعد ثلاثة أيام على الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، لا يزال الوضع السياسي في فرنسا معقدًا لرئيس الدولة الذي اضطر لإعادة النظر في خططه بسبب عدم التمكن من الفوز بغالبية واضحة في الجمعية الوطنية.
وماكرون الذي بقي صامتًا منذ الأحد ويدخل اعتبارًا من الخميس في سلسلة التزامات دولية، من انعقاد المجلس الأوروبي ومجموعة السبع وصولًا الى قمة حلف شمال الأطلسي، يجري مشاورات في كل الاتجاهات.
واستقبل ماكرون اليوم مسؤولين بارزين من المعارضة، الناشط البيئي جوليان بايو ورئيسة كتلة فرنسا الأبية (يسار راديكالي) في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو وكذلك حليفه رئيس الوزراء السابق ادوار فيليب زعيم حزب "آفاق".
واستقبل أمس الثلاثاء عدة قادة أحزاب آخرين من الغالبية والمعارضة "لتحديد الحلول البناءة" من أجل الخروج من المأزق السياسي كما أعلنت الرئاسة.
"معارضة التفرد بالحكم"
وتتهم المعارضة الرئيس الفرنسي بأنه أدار السلطة بشكل عامودي في بلد اجتاز عدة أزمات بينها أزمة "السترات الصفر".
ورأى رئيس المجلس الأعلى في البرلمان جيرار لارشيه (يمين) أن البلاد "قد يكون من الصعب حكمها"، داعيًا إلى "تغيير عميق في موقف" الرئيس وذلك في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان".
ولم يحتفظ الإئتلاف الوسطي الليبرالي الذي كان يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية السابقة والذي استند اليه الرئيس ماكرون طوال ولايته الاولى من خمس سنوات، إلا بـ 245 مقعدًا من أصل 577 بنتيجة انتخابات الأحد. في حين تبلغ الغالبية المطلقة 289 نائبًا.
وتوزعت المقاعد الأخرى في الجمعية الوطنية بشكل أساسي بين تحالف اليسار (150 مقعدًا تقريبًا) واليمين المتطرف (89) واليمين (61).
"سبل الخروج من الوضع الصعب"
وكان زعيم الشيوعيين فابيان روسيل قد أشار في ختام لقائه الثلاثاء إلى أن الرئيس ماكرون "يفكر في" تشكيل "حكومة وحدة وطنية" من أجل إيجاد "سبل للخروج من الوضع السياسي" في الجمعية الوطنية.
وفي رد على سؤال لوكالة "فرانس برس" أشارت النائبة اليمينية المتطرفة مارين لوبن التي هزمها ماكرون في الانتخابات الرئاسية في أبريل إلى أن الرئيس تطرق إلى هذه الفرضية. لكن ظهر صباح اليوم الأربعاء أن فكرة حكومة وحدة وطنية قد تبددت.
وفي انتظار حل الموقف، أعاد ماكرون الثلاثاء رئيسة حكومته إليزابث بورن التي كانت قدمت استقالتها، لأنه يجب العمل من أجل اعتماد الإجراءات الموعودة لفصل الصيف لحماية القوة الشرائية للفرنسيين من التضخم في إطار دولي متوتر.