يمكن تلخيص أسباب تفضيل منتخبات على غيرها بهوية عاطفية تجاه بلد المنتخب، أو خيارات عائلية يتم تناقلها من الوالدين إلى الأطفال، أو مهارة لاعب أو منتخب يسجل أداء مميزًا عبر سنوات طوال، أو لمسايرة جو اجتماعي ضاغط يفرضه الأصدقاء.
وتتمتع لعبة كرة القدم بشعبية عالية عند الشعوب العربية، ويعد المونديال فرصة ذهبية لهم لإظهار حماستهم تجاه اللعبة.
فإذا كنت مواطنًا من المغرب أو السعودية أو قطر أو تونس، فمن المنطقي أن تشجع فريق بلادك في كأس العالم، ولكن من غير المفهوم أحيانًا السبب الذي يدفع بشعوب الدول غير المشاركة في المونديال لتشجيع منتخبات من دون أخرى.
"فضاء للسياسة المعارضة"
وفي هذا الإطار، أوضح أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية ساري حنفي أن كرة القدم هي فرصة للتعبير على العصبية سواء كانت على المستوى العائلي أو القبلي أو الجهوي.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة اللبنانية بيروت، رأى حنفي من خلال متابعته لبطولات كأس العالم أن الأمر اللافت في المونديال هو سياسي، مشيرًا إلى أن كرة القدم أصبحت فضاء للسياسة المعارضة.
وأعطى حنفي مثالًا، كيف رفع المغاربة علم فلسطين ليردوا على سياسة حكومتهم وحكومات بعض الدول العربية الأخرى التي وقعت اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، مشيرًا إلى تشجيع الجزائريين الكبير لأسود الأطلس احتجاجًا على سياسات بلدهم بالعداء لدولة عربية أخرى.
وتابع أن الشعب العربي مكبوت سياسيًا واجتماعيًا، بحيث أصبحت كرة القدم فرصة للخروج من العصبيات أو الأنماط التقليدية أو التنفيس عن غضبهم.
وأردف أن كأس العالم في قطر هذه المرة لم يشهد حوادث كثيرة، بفضل سياسة الدوحة الحكيمة بمنع الكحول في الملاعب.
وأشار إلى أن كرة القدم فيها جرعة من الفن الذي يستمتع فيه مشجعو الكرة المستديرة حين مشاهدتهم بعض اللاعبين، مشيرًا على سبيل المثال إلى وجود مشجعين عرب لقائد منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي رغم موقفه العلني من تأييده لإسرائيل.
وتابع حنفي: "كرة القدم في الغرب تستخدم كدعاية للتصويت على قضايا معنية كالمثلية"، مشيرًا إلى أن اللعبة أصبحت أيضًا فرصة لتصفية حسابات ضمن المجتمع.
