اعتبر وزير داخلية قبرص، أن الجزيرة تعاني من مشكلة كبيرة في الهجرة غير النظامية، واتهم تركيا بالتسبب بتدفّق اللاجئين السوريين والوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء إليها.
وقال وزير الداخلية قبرص نيكوس نوريس، خلال حوار مع وكالة فرانس برس، "بالنسبة لنا، إنها حالة طوارئ"، مشيرًا إلى أن 4,6% من سكّان الجزيرة هم طالبو لجوء أو يستفيدون من حماية، وهي أعلى نسبة تُسجّل ضمن دول الاتحاد الأوروبي.
وقبرص الواقعة في البحر المتوسط، تُعدّ أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط جغرافيًا.
وتعاني قبرص منذ 1974، انقسامًا بين شطرين تركي في الشمال، ورومي في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد قبرص التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا خلال يوليو/ تموز 2017، لم تجر أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في الجزيرة.
ظروف مزرية للمهاجرين
وانتقدت منظمات حقوقية ومراقبون تعاطي قبرص مع الأزمة؛ بسبب الظروف المزرية في مخيّمها الرئيس للمهاجرين المكتظ، والذي عرف اشتباكات هذا الشهر، والمزاعم حول المعاملة القاسية لبعض الوافدين.
غير أن نوريس اعتبر أن "ما تفعله تركيا بنا هو وحشي" بحيث ازدادت طلبات اللجوء الجديدة إلى أكثر من 13 ألفًا العام الماضي، فيما يبلغ عدد السكان الإجمالي في قبرص 850 ألف نسمة.
وأضاف الوزير من حزب التجمع الديموقراطي المحافظ أن "قضية الهجرة في قبرص مشكلة كبيرة لأنها استُغلّت من قبل تركيا".
وتؤوي تركيا بموجب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ملايين اللاجئين السوريين، كما يدور خلاف بين تركيا وقبرص حول احتياطات النفط والغاز في شرق البحر المتوسط.
ولفت نوريس إلى أن بين 60 و80 مهاجرًا غير نظامي يعبرون يوميًا بقيادة مهرّبين المنطقة العازلة بين شطري الجزيرة الممتدة على طول 184 كيلومترًا والتي تشرف عليها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن 85% من طالبي اللجوء وصلوا عبر هذه الطريقة العام الماضي.
عالقون في الجزيرة
وبحسب وزارة الداخلية القبرصية، سُجّل أعلى عدد من طلبات اللجوء التي لا تزال قيد الدرس عام 2021 من مهاجرين قادمين من سوريا، تليها الكاميرون وجمهورية الكونغو الديموقراطية ونيجيريا والصومال.
وأشار نوريس إلى أن العديد من الوافدين الجُدد إلى قبرص يستقلّون طائرة من إسطنبول باتجاه الشطر الشمالي من الجزيرة الذي لا تعترف به دوليًا إلّا أنقرة، ثم "من هناك يجدون طريقًا بمساعدة المهرّبين، عبر المنطقة العازلة.
وعند وصولهم إلى الشطر الجنوبي، يدركون أنهم ليسوا ضمن منطقة شنغن، وبالتالي يجدون أنفسهم "عالقين في الجزيرة" بحسب نوريس الذي يضيف، أن هؤلاء لا يستطيعون السفر إلى ألمانيا أو فرنسا أو أينما كان، لأن قبرص ليست عضوًا في منطقة شنغن.
ولفت نوريس إلى أن المنطقة العازلة ليست حدودًا بل مجرّد خطّ لوقف إطلاق النار تقع خلفه مناطق "ليست تحت سيطرة الحكومة".
ولفت الوزير إلى أن حكومته، التي قامت مؤخرًا بتحصين جزء من الخط بأسلاك شائكة، ستقيم سياجًا وتكثّف الدوريات، كما ستقوم اعتبارًا من الصيف بتثبيت نظام مراقبة إسرائيلي الصنع.
وأشار إلى أن رئيس وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" فابريس لوجيري سيزور قبرص الأربعاء، لافتًا إلى أن قبرص تودّ أن تقوم فرونتكس بدوريات في المياه جنوب تركيا "من حيث يغادر كل ليلة وبخاصة خلال فصل الصيف مهاجرون غير قانونيين"، معترفًا في الوقت نفسه بأن ذلك يتطلّب مواقفة أنقرة.
عودة قسرية
وتطالب قبرص الاتحاد الأوروبي، بتوسيع قائمة ما يسمى ببلدان المنشأ الآمنة للمهاجرين، وإبرام صفقات لتسهيل عمليات الإعادة إلى الوطن.
وأرسلت نيقوسيا مؤخرًا أكثر من 250 مهاجرًا فيتناميًا إلى بلدهم في رحلة خاصة وتعاونت مع بلجيكا لإعادة 17 كونغوليًا إلى بلدهم.
وأشار نوريس إلى أنه من المقرر تنظيم رحلة جوية مشتركة مع ألمانيا في 8 مارس/ آذار لإعادة مجموعة من الباكستانيين بصورة "قسرية" وليس طوعًا.
واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمات أخرى قبرص باتّباع أساليب قاسية أحيانًا ضدّ المهاجرين، ولا سيّما عبر إبعاد طالبي اللجوء في البحر.
وشدّد نوريس على أن "قبرص لم تقم أبدًا بردّ" مهاجرين لكنها مارست حقها في اعتراض القوارب التي كانت تتمّ عادة مواكبتها إلى لبنان.
ومن المواقع الساخنة لقضية الهجرة في قبرص مركز بورنارا لاستقبال المهاجرين خارج نيقوسيا، حيث أقيمت الخيام والمباني الجاهزة في البداية لاستيعاب عدة مئات من الأشخاص فيما يعيش فيها الآن نحو 2,500 شخص.
وأدى تصاعد التوتر الأسبوع الماضي، إلى وقوع أعمال عنف تورط فيها نيجيريون وكونغوليون، وصوماليون وأسفرت عن إصابة العشرات.
وكانت الشرطة تبحث عن فتى يبلغ من العمر 15 عامًا متّهم بطعن شاب في الـ17 من العمر.
وشدّد نوريس على أن الحادثة، أكّدت أن قبرص بحاجة إلى "تضامن" الاتحاد الأوروبي معها ومساعدته لها.
وكان من المتوقع أن يحصل ما حصل في مكان مكتظّ بهذا العدد من الأشخاص خصوصًا أنهم من عدة جنسيات.