شكلت تنمية الغاز الطبيعي وتوسيع استخداماته على مستوى العالم وتحسين ظروف التجارة العالمية الأهداف الأساسية على جدول أعمال منتدى الدول المصدرة للغاز في دورته السادسة في العاصمة القطرية.
لكن المنتدى تقاطع مع أزمة غاز تلوح في القارة الأوروبية نتيجة الهجوم الروسي على أوكرانيا، لتتجه أنظار الدول الكبرى إلى بعض الدول المشاركة في المنتدى ودورها في تأمين الغاز بديلًا عن ذلك الموجود في روسيا وفي تحقيق استقرار سوق الغاز من حيث الطلب والأسعار.
وتوجهت أنظار أوروبا نحو السعودية أحد أكبر مصدري الخام وقطر أحد أكبر مصدري الغاز للعب دور في ضبط الأسعار العالمية وتأمين حاجيات أوروبا، غير أن تعقيدات الجغرافيا والتشابكات السياسية والاقتصادية يجعلان من الصعوبة تخفيض أسعار النفط والغاز العالمية بسبب زيادة الطلب. وبهذا تكون أوروبا في موقف صعب لإيجاد بديل سريع عن الغاز الروسي.
وكان المنتدى قد حذّر قبل أيام من الهجوم على أوكرانيا من أن دول المنتدى لديها قدرة محدودة على زيادة الإمدادات إلى أوروبا وأن عملية نقل الغاز من آسيا إلى أوروبا ليست عملية سهلة.
هذا الواقع دفع صنّاع القرار في أوروبا إلى شراء نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل من المنتجات النفطية الروسية بعد يوم من توقيع الرئيس الروسي مرسومًا يعترف باستقلال منطقتي دونتاسك ولوغانسك الانفصاليتين عن أوكرانيا.
أزمة الغاز في أوروبا
وفي هذا الإطار، لفت الخبير الاقتصادي والمالي أحمد النعيمي إلى أن قرارات المنتدى غير ملزمة لكنه تجمّع لدراسة مدى قدرة الأعضاء على توفير كميات الغاز للدول المستهلكة.
وأشار في حديث إلى "العربي" إلى وجود أزمة غاز قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا ما رفع أسعار هذه المادة في أوروبا. وكانت الأزمة قائمة على خلفية الاعتراض الأميركي على خط نورد ستريم 2 الذي يزيد الاعتماد على الغاز الروسي ويعزز سيطرة موسكو ما يؤدى لتبعات سياسية.
وقال النعيمي: "إن روسيا لم توقف إمدادات الغاز بل زادته بنسبة 19%"، مشيرًا إلى أن وقف الإمداد الروسي مرتبط بالتطورات على الساحة الأوكرانية.
ولفت إلى تناقض في السياسات النفطية بين الإدارات الأميركية، فالرئيس الأميركي جو بايدن أوقف مشاريع التنقيب عن النفط في أميركا ما دفع بالسعودية إلى زيادة إنتاجها وهو عكس ما حصل في زمن إدارة دونالد ترمب الذي رفع إنتاج النفط بشكل كبير.
كما لفت إلى أن حصتي السعودية وروسيا من إنتاج النفط متقاربتان الآن. وقال: "من الصعوبة بمكان أن تختلف السعودية مع أعضاء أوبك بلاس".
دور منتدى الدول المصدرة للغاز
من جهته، اعتبر الخبير في شؤون الطاقة نهاد إسماعيل أن أهمية المنتدى هي في تأسيس قاعدة للحوار بين المنتج والمستهلك وتبادل الخبرات والآراء بين الأعضاء ورسم سياسات مستقبلية لتحسين الإنتاج وجعل الغاز أنظف طاقة أحفورية باعتباره وسيلة لمكافحة تغير المناخ والتلوث البيئي.
وقال إسماعيل في حديث إلى "العربي": "دول المنتدى تشكل نحو 45% من إنتاج العالم وهي نسبة كبيرة ولذلك تستطيع أن تساهم إلى حد كبير في تلبية احتياجات العالم ولا سيما الدول الأوروبية، ولو جزئيًا، في فصل الشتاء".
وأضاف أن أزمة الغاز الأوروبي بدأت في الخريف الماضي بسبب اضطرابات في سلاسل الإمداد ورغبة روسيا في التركيز على الأسواق الأوروبية، مستشهدًا بما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018 للمستشارة الألمانية آنذاك أن خط نورد ستريم 2 هو أداة جيوسياسية روسية للضغط على أوروبا.
ولفت إسماعيل إلى أن السعودية تستطيع أن تلعب دورًا كبيرًا في زيادة انتاج النفط وتزويد أوروبا، مشيرًا إلى أن قطر أيضًا تستطيع أن تزيد الإنتاج قليلًا في المرحلة الحالية ولكنها تخطط لزيادة أكبر في السنوات المقبلة.
كما أشار إلى أن قطر تستطيع التفاوض مع عملائها في آسيا، كاليابان وكوريا الجنوبية والصين، لكي يقللوا الاستيراد في هذه المرحلة لمساعدة أوروبا، لكنه رأى أن دولة واحدة لا تستطيع أن تحل مشكلة أزمة الطاقة في أوروبا.
ولفت إسماعيل إلى أن قطر سترفع انتاجها من الغاز إلى حوالي 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027، ومن المتوقع أن تتصدر قطر قائمة الدول المصدرة والمنتجة للغاز الطبيعي المسال.
حصة منتدى الدول المصدرة للغاز
ويضم منتدى الدول المصدرة للغاز 18 دولة وهي تملك 70% من احتياطي الغاز في العالم وتستحوذ على 51% من صادرات الغاز المسال. كما تشكل 44% من الإنتاج المسوق وتضم 52% من خطوط الأنابيب.
وتتصدر روسيا الإنتاج بحصة 638 مليار متر مكعب سنويًا واستحوذت في عام 2021 على نحو 17% من إجمالي الإنتاج العالمي.
ويبلغ إنتاج إيران 249.6 مليار مكعب سنويًا واستحوذت في عام 2021 على 6.48% من إجمالي الإنتاج العالمي.
كما يبلغ إنتاج قطر 205.7 مليار متر مكعب، واستحوذت على 5.34% من إجمالي الإنتاج العالمي.