شكّلت التداعيات المدمرة للتغيرات المناخية على مستقبل الحياة، هاجسًا دفع عشرات الآلاف في شتى بقاع الأرض، إلى النزول إلى الشارع لدق ناقوس الخطر، متهمين الرأسمالية بتدمير كوكب الأرض.
وتُخلّف بعض الأنشطة الصناعية آثارًا مدمرة، ناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حسب ما يقول مختصون.
وتظهر الآثار المدمرة في الكوارث الطبيعية، من فيضانات وعواصف وجفاف وحرائق غابات وذوبان للجليد في القطب الشمالي وارتفاع في درجات الحرارة، وتمتد هذه المخاطر لتهدد التنوع البيولوجي والأنظمة الأيكولوجية.
وفيما تعد البلدان الفقيرة من أكثر المتضررين من تأثير تغيرات المناخ، يحذر مختصون من أن العالم يتجه نحو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية على الأقل في هذا القرن.
ولمواجهة هذا الخطر الجدي، يتداعى قادة دول العالم إلى الاجتماع في غلاسكو على مدى أسبوعين حيث يبحثون في آليات إبقاء الاحترار العالمي لهذا القرن عند أقل من درجتين مئويتين والسعي إلى هدف 1.5 درجة مئوية.
في المقابل، يشكك كثيرون في جدية المجتمعين في غلاسكو، ومدى وفائهم في تعهداتهم لخفض نسبة الغازات الدفيئة.
فمنذ نحو نصف قرن تعقد مثل هذه الاجتماعات، من دون أن تؤدي إلى تغيرات ملموسة بل إن الوضع ازداد سوءًا.
ويريد المحتجون عدالة مناخية، ويدرك المجتمعون في كوب 26 هذه الحقيقة المرة، فيبعثون برسائل طمأنة.
ويقول المحتجون إنها رسائل غير كافية نريد أفعالًا أقوالًا، فقد ولى زمن الثرثرة، وحكموا على المؤتمر بالفشل باكرًا، واصفين إياه بمهرجان عالمي بنشر ادعاءات زائفة بحماية البيئة، فهم يعولون على مواصلة ضغوطهم إلى حين الوصول إلى منعطف ينتصر فيه الحرص على مستقبل الأرض على المصالح الضيقة.
التحول نحو الطاقة النظيفة
وفي هذا الصدد، تؤكد الخبيرة في مجال البيئة وتغير المناخ هلا مراد، أن العالم يواجه الكثير من الإشكالات المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وتشدد في حديث إلى "العربي" من عمّان أن ما يحدث اليوم من تغيرات مناخية ليس طبيعيًا، وهو ناتج عن ما تصدره الدول الصناعية وما راكمته من ثورة صناعية خلال القرنين الماضيين.
وتشير مراد إلى أن الرأسمالية التي راكمت ثروات حقيقية لدى مجتمعاتها من الأمن والرفاهية والاستقرار المادي والاقتصادي، أثرت على الكوكب وعلى بلدان عديدة، لافتة إلى أن دولًا عديدة ولا سيما الجزرية والساحلية والمنخفضة الارتفاع ستدفع الثمن غاليًا نتيجة الاستهتار بالكوكب.
وتوضح أن الوصول لانبعاثات صفرية يكمن في خفض الانبعاثات التي تصدرها دول العالم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة لن تتحقق فقط بوعود، بل يجب أن يكون هناك خطط عمل إضافة إلى استبدال الطاقة الأحفورية بطاقة جديدة.
وتشدد على أن كل دول العالم مسؤولة عن أثار التغير المناخي والعمل على الحد من تأثيراته، مشيرة إلى أن دول الاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا وأستراليا والصين مسؤولة عن أكثر من 65% من الانبعاثات العالمية.
وتمنت أن تعمل هذه الدول بشكل جاد وصارم على فكرة التحول نحو الطاقة النظيفة والحد من الانبعاثات الناتجة عن الصناعة، بالإضافة لالتزاماتها نحو الدول الأخرى من خلال تمويلها.
العالم متجه نحو 1.8 درجة مئوية
من جانبه، يرى الباحث في مجال البيئة هشام يونس، أن الحكم على فشل قمة المناخ جاء نتيجة عدم التزام دول العالم في المؤتمرات السابقة كما يجب بكل القرارات الصادرة، مشيرًا إلى عقد تسويات لتوزيع خسائر في غرف الأطراف المفاوضة.
وأضاف في حديث إلى "العربي" من لندن، أنه خلال العقود الماضية كان التقيد بالقرارات متعثرًا، وحتى الأرقام التي كانت إيجابية مع تراجع الأنشطة البشرية سرعان ما ارتفعت وهذا ما عكسه التقرير السادس للجنة الدولية لأطراف التغير المناخي.
ويشير يونس إلى أن استعادة توازن الاختلال الذي أحدثته البشرية يحتاج إلى عقود، وأن الوصول إلى 1.5 درجة مئوية يبدو غير منطقي بالنظر إلى الأنشطة القائمة، محذرًا من أن العالم متجه ارتفاع بنحو 1.8 درجة مئوية.
ويحذر يونس من تداعيات متواصلة ستصل إلى كل الأماكن، معتبرًا أن الاختلال قد يصيب كل الدول وحتى تلك غير المعرضة بشكل مباشر للتغير المناخي.
دور الصين في الحد من الانبعاثات
وحول عدم مشاركة الصين في قمة المناخ، يرى الكاتب الصحافي نادر رونغ أن المشاركة لا تكون في الحضور، بل في التحركات الحقيقية، مؤكدًا أن الصين تقوم بتحويل الأقوال إلى أفعال حقيقية.
ويقول في حديث إلى "العربي"، من بكين، أن هناك تحسنًا كبيرًا في جودة الهواء بخاصة في السنوات الأخيرة في الصين، مشددًا على أن هناك جهودًا مستمرة للحد من التلوث.
ويضيف رونغ أن الصين بذلت جهودًا للحد من التغير المناخي، وهي مشارك ومدافع كبير في اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بالتغيرات المناخية.
ويؤكد أن الصين دعمت الدول النامية في مكافحة التغير المناخي عن طريق مشاريع بناء الطاقة من خلال الرياح والشمس، وعن طريق الاستثمارات الصينية التي تساعد على تحسين البيئة.
ويؤكد رونغ أن الصين تتخذ إجراءات كثير للتخفيف من الانبعاثات، كعدم بناء محطات توليد الكهرباء بالفحم الملوث للبيئة، واستخدام الطاقة المتجددة.