في يونيو/حزيران عام 2018، قرّر مجلس الأمن وضع بعض ضباط قوات الأمن الليبية على قائمة المُتّهمين باستغلال مناصبهم في عمليات التهريب والاتّجار بالبشر.
وكانت حيثيات القرار، تُشير إلى أن السلطات الليبية أو بعض عناصرها تورطت أو تغضّ الطرف عن ممارسات بحقّ مهاجرين يَصِلون إلى أراضيها للانتقال إلى أوروبا ، وعلى رأس تلك القائمة الضابط في القوات البحرية الليبية عبد الرحمن ميلاد الملقّب بـ"بيجا".
غير أن "بيجا" بقي على رأس عمله دون مساءلة، حتى تاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020 حيث ألقت حكومة الوفاق الليبية القبض عليه، وذلك بعد ضغوط دولية لضلوعه في عمليات مع المهرّبين لابتزاز المهاجرين وتعذيبهم وبيعهم من مُهرّب إلى آخر.
وشمل قرار مجلس الأمن أيضًا محمد الهادي كشلاف الشهير بـ "القصب"، والذي يعمل ضابطًا في مجلس الأمن المركزي والذي لا يزال طليقًا رغم العقوبة الدولية بحقه بتهمة التهريب والاتجار بالبشر.
وكثرت التقارير الحقوقية التي تُسلّط الضوء على وضع المهاجرين في ليبيا، وكان القاسم المشترك بين أغلب هذه التقارير هو ضلوع عدد من الضباط الليبيين في انتهاكات فظيعة بحقّ المهاجرين.
وتشير الوقائع إلى أن هذه التجارة تتم بالتنسيق بين العصابات وبتسهيل من بعض عناصر الأمن الليبي.
رحلة الموت
يتجّمع الراغبون في الهجرة بأحد المستودعات في أريتريا ويتم نقلهم برًّا عبر رحلة طويلة وشاقة إلى الحدود السودانية ومنها إلى ليبيا، تمهيدًا لعبروهم البحر نحو أوروبا.
وفي ليبيا يبدأ فصٌل جديد من فصول المعاناة وتنفتح أمام المهاجرين بوابة الجحيم، إذ يجدون أنفسهم في مزرعة كبيرة داخل غرف ضيقة حيث يتعرضون فيها لكل أنواع التعذيب الجسدي، النفسي، والجنسي.
هذا التعذيب يكون بهدف الضغط على المسافرين وعلى أسرهم لدفع مبالغ مالية بمثابة فدية مقابل تحريرهم.
وتتغيّر الصورة كليّا من حلم الهجرة إلى أوروبا إلى الرغبة في الخلاص من جحيم المهربين.
ويشير تقرير "هيومن رايتس ووتش" حول وضع المهاجرين واللاجئين في ليبيبا، إلى أن الدعم الأوروبي لخفر السواحل الليبي دفع إلى تأسيس شبكة من الضباط الليبيين المبتزين للمهاجرين تحت غطاء شرعي دولي.
وترصد المنظمة في تقريرها تواطؤ الاتحاد الأوروبي في هذه السياسات وتكشف بعضًا من جوانب الانتهاكات التي تمارس بحقّ المهاجرين.
التحقيق
وحول هذا المضوع قدّم "الطريق" من سلسلة التحقيقات الاستقصائية "شيفرة"، تحقيقًا استقصائيًا امتد لسنوات، يتقصى طرق الهجرة غير النظامية من إفريقيا إلى أوروبا، ومعاناة المهاجرين الباحثين عن حياة أفضل.
ويكشف التحقيق الذي يُعرض على "التلفزيون العربي"، الدور الكبير لشبكات الاتّجار بالبشر التي تنشط بين موريتانيا والسودان وليبيا وعمليات التعذيب والخطف التي يتعرض لها المهاجرون على يد شبكات التهريب هذه، بهدف ابتزاز ذويهم للحصول على الأموال.
ويُقدم "الطريق" شهادات حصرية لأشخاص ناجين من هذه العصابات، تُظهر حجم الاضطهاد الذي يتعرضون له في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر وكيف يتحوّل المهربون إلى تجار أرواح، وقابل التحقيق خلال العمل الميداني العديد من شهود العيان والمختصين الذين نقلوا آراءهم حول تلك القضية.
روايات مرعبة وضحايا تحوّلوا إلى أرقام في ملف الهجرة غير النظامية، في "الطريق"..