في 26 مايو/ أيار الماضي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أبشع جرائمه المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول في قطاع غزة، إذ استهدفت طائرات الاحتلال النازحين في مخيم السلام الكويتي برفح، ما أسفر عن استشهاد أزيد من 35 شخصًا وإصابة العشرات، وذلك بعدما تسبب القصف في اشتعال النيران في الخيام بالمنطقة المكتظة بالنازحين.
وادعى الاحتلال أن تلك الغارة استهدفت عناصر من المقاومة، وأنها تمت بأسلحة دقيقة وبناء على معلومات استخباراتية دقيقة.
كما نشر عبر موقعه الرسمي بيانًا أفاد خلاله بأنه استخدم في تلك الغارة قنبلتين تزن كل منهما حوالي 17 كيلو غرامًا فقط؛ ليستمر في الدفاع عن روايته المضللة حول المجزرة.
"العربي" يكشف استخدام سلاح أميركي في مجزرة رفح
وعلى ضوء ذلك، قامت وحدة التحقق من خلال المصادر المفتوحة بـ"العربي" بتحليل مقاطع المجزرة للوقوف على الشظايا وبقايا القنابل المستخدمة من أجل تحديد نوع السلاح المستخدمة في هذه الجريمة ضد الإنسانية.
وبالتحقق من تفاصيل مقطع مصور نشره الصحافي علم الدين صادق، ظهرت أجزاء من بقايا القنبلة المستخدمة، كما ظهر الرقم التسلسلي في إحدى قطعها، فما دلالة هذا الرقم؟.
الرقم 81873 هو عبارة عن cage code أو رمز الكيان التجاري والحكومي الخاص، وهو معرف فريد مخصص للموردين لمختلف الوكالات الحكومية أو الدفاعية، وتابع لشركة Woodward الأميركية.
وهذه الشركة تنتج أنظمة CAS للأسلحة التكتيكية الموجهة الأكثر تقدمًا في العالم، بما في ذلك JDAM وهي ذخيرة الهجوم المباشر المشترك، وSDB والتي تصنف كقنبلة صغيرة القطر.
وبالتالي فإن القطعة التي ظهرت لبقايا القنبلة هي جزء من ذيل القنبلة، والذي يحتوي أيضًا على جهاز التوجيه، أو ما يسمى تقنيًا بـ Actuation System Control أو CAS.
وفي المشاهد أيضًا، رصد "العربي" شرائح توجيه إلكترونية في بقايا القنبلة ما يدل على استخدام الاحتلال لذخيرة دقيقة وموجهة، وهو بالفعل ما ذكره في بيانه عن الغارة.
هذه النقطة دفعت فريق "العربي"، للبحث عن أنواع الذخيرة الموجهة والدقيقة التي يستخدمها جيش الاحتلال، ليجد أن غالبيتها أسلحة قدمتها واشنطن إلى تل أبيب في إطار المساعدات العسكرية الأميركية في حربها على غزة.
وفي مراجعة المشاهد مرة أخرى، لاحظ "العربي" غياب الحفرة التي عادة ما تسببها القنابل الكبيرة، كما وجد أن مساحات الدمار والاستهداف منخفضة مقارنة مع القنابل الكبيرة التي تزن ألفًا وألفي رطل.
وبالتالي يرجح "العربي" أن الذخيرة المستخدمة في هذا الهجوم هي من الحجم المتوسط كقنبلة GBU-39 التي تحتوي بتصميمها على الشريحة الإلكترونية الخاصة بالتوجيه.
ولإثبات هذه النتيجة، قام "العربي" بمطابقة بقايا القنبلة مع قنبلة GBU-39، وهي الجزء الخلفي من القنبلة والذي يحتوي على جهاز التوجيه، وأجزاء من ذيل القنبلة بما فيهم Tail Actuation System، والتي سبق وذكر أنها تنتج للقنابل الصغيرة القطر من قبل شركة Woodward الأميركية، وعليه وجد فريق "العربي" تطابقًا كبيرًا.
فما هي خصائص قنبلة GBU-39؟
- هي قنبلة ذكية موجهة ذات جيل متقدم مخصصة لاختراق التحصينات.
- تزن القنبلة 250 رطلًا.
- تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي GPS من أجل تحديد الهدف المتحرك واستهدافه.
- تعمل القنبلة بثلاثة أنواع من أنظمة التوجيه: هي الرادار والأشعة تحت الحمراء والليزر، ما يسمح لها بالتعرف على الهدف بدقة متناهية.
- تتميز GBU-39 برأسين حربيين: رأس الاختراق وله قدرة على اختراق 2.4 متر من الخرسانة المسلحة، ورأس التفجير الذي يحتوي على سبعة عشر كيلوغرامًا من مادة AFX-757 المتفجرة.
وبالتالي فإن 17 كيلوغرامًا التي ذكرها الاحتلال هي لرأس التفجير في القنبلة فقط، وليس كامل القنبلة التي تزن ما يعادل 125 كيلوغرامًا للقنبلة الواحدة.
وفي سياق البحث، وجد "العربي" أيضًا أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم الاحتلال هذه القنبلة لاستهداف النازحين، حيث رصد مقطع فيديو يعود إلى 21 مايو، ويظهر استهداف مدرسة في جباليا شمال قطاع غزة بالذخيرة نفسها.
إذًا فمجزرة رفح وقبلها استهداف واحد على الأقل للنازحين هما جريمتان بسلاح أميركي، بعدما كانت التقارير تتكلم عن تأجيل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بيع آلاف الأسلحة الدقيقة لإسرائيل على خلفية اجتياح رفح.
لكن هذه الجريمة بحق الإنسانية لم تكن كافية بالنسبة للبيت الأبيض لسحب هذه المساعدات، بينما تردد الإدارة الأميركية تصريحاتها عن خطوط حمراء رسمتها لإسرائيل في رفح.