تنطلق منافسات المجموعة الثالثة في مونديال قطر 2022، أو "مجموعة الأساطير" كما يحلو للبعض وصفها، يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بلقاء سيجمع الأرجنتين والسعودية عصرًا، على أن يتبعه لقاء آخر يجمع المكسيك وبلجيكا في مساء اليوم نفسه.
وتعُتبَر المجموعة الثالثة من المجموعات الأساسيّة التي تستقطب الاهتمام، ليس فقط لكونها تضمّ في صفوفها منتخبًا يُعتبَر من المرشحين "الأقوياء" للظفر باللقب في نهاية المطاف، ولكن أيضًا لأنّ عشاق كرة القدم يضربون في منافساتها موعدًا مع "راقصي التانغو" و"نسور بيضاء" في مواجهة مجموعة من الألوان.
وفي التفاصيل، تضمّ هذه المجموعة منتخبًا سجل أسطورته أشهر أهداف كأس العالم على الإطلاق، ومنتخبًا آخر يملك هدّافًا يعد من بين الأفضل في العالم. وليس ذلك فحسب، إذ تضم هذه المجموعة أيضًا أنجح فرق أميركا الشمالية، إضافة إلى منتخب سيحظى بدعم جماهيري كبير.
وللمزيد من القراءة حول المسارات المتوقعة والسيناريوهات المحتملة، يسلط برنامج "أبطال الثمانية" الذي أطلقه "أنا العربي" مواكبة للمونديال، الضوء على المجموعة الثالثة من مونديال قطر 2022، والتي يتنافس فيها الأرجنتين، السعودية، المكسيك، وبولندا. وذلك بعد حلقتين تناولتا مجموعتي "العنابي" و"الموت".
الأرجنتين بين المظلومية والكأس
تزخر حكاية الأرجنتين مع كأس العالم بالتفاصيل والتناقضات، فهناك شعور سائد في الأرجنتين بالظلم في هذه البطولة، تقابله اتهامات بعدم الاستحقاق من المنافسين. ونتحدث هنا عن بلد يحوّل لاعبيه أحيانًا لآلهة تُعبد.
ولتقريب الصورة لا بد من العودة قليلًا إلى الوراء. ففي نسخة كأس العالم 1990 قال مدرب الأرجنتين الأسبق، كارلوس بيلاردو: "بعد الخسارة ضدّ الكاميرون اتصل بي الجميع ليرشدوني لما عليّ أن أقوم به. هاتفني الرئيس كارلوس منعم واثنان من الرؤساء السابقين، وكذلك زعيم المعارضة".
وتُعَدّ الأرجنتين من الفرق القليلة التي أدركت مبكرًا أهمية كأس العالم وقاتلت للظفر به منذ النسخة الأولى. فقد ترقّب راقصو التانغو استضافتهم للنسخة الثالثة من البطولة لكنّهم شعروا بالظلم حينما أوكلت المهمّة لفرنسا في عام 1938 رغم الظروف السياسية المتوترة بالقارّة العجوز، وهو ما دفعهم لرفض المشاركة بالبطولة.
ولم يكن ذلك الانسحاب الأخير، إذ تكرر الأمر في نسختي 1950 و1954 لأسباب مشابهة.
أمّا اللحظة الفارقة، فقد تمثلت بنجاح الأرجنتين في استضافة المونديال عام 1978. وهنا خلعت ثوب المظلومية في وقت كانت فيه البلاد تحت ظروف سياسية مضطربة. وقد فازت الأرجنتين على أرضها بأول لقب لها في كأس العالم في عهد الديكتاتور خورخي فيديلا.
مارادونا و"يد الله"
أمّا لقب الأرجنتين الثاني والذي ارتبط بمارادونا أكثر من غيره، حيث حفر في الذاكرة الهدف الأكثر إثارة للجدل في تاريخ كأس العالم، "يد الله"، حينما سجل مارادونا الهدف بيده.
وقد قال إداوردو غاليانو في كتابه "كرة القدم في الشمس والظل": "في كرة القدم الاحترافية، مثل كل شيء آخر، الجريمة لا تهمّ طالما نُفّذت بشكل جيد".
وتعيش الأرجنتين حاليًا أفضل فتراتها الكرويّة فرديًا وجماعيًا حيث خاض الفريق مع مدرّبه ليونيل سكالوني 35 مباراة دون هزيمة. ويتبقى له فقط 3 مباريات لتحطيم الرقم القياسي ومصادرته من إيطاليا.
ومع ذلك قد يعاني سكالوني من مشاكل دفاعيّة في الأدوار المتقدمة من البطولة، لكنّه يعوّل في هذا الصدد على قيام لاعبي خط الوسط بأدوار دفاعيّة. كما يعوّل على تألق الحارس إيميليانو مارتينيز الذي ساهم بشكل كبير في الفوز بكأس كوبا أميركا الأخيرة.
وفي هذه البطولة، تجد كرة القدم الأرجنتينية نفسها على موعد لرد الجميل للرجل الذي أسعد الملايين وهو البولغا ميسي في مشاركته المونديالية الأخيرة.
هل ستحل عقدة "إل تري كولور"؟
ويقف التاريخ بجانب "إل تري كولور" فيما يخص ترشيحات التأهل من المجموعة الثالثة. وقد وصلت المكسيك في تاريخ مشاركاتها المونديالية لربع النهائي مرتين وعلِقت في دور الـ16 في آخر سبع نسخ، إلا أنها تعتبر أبرز المرشحين لمرافقة الأرجنتين إلى الأدوار الإقصائية.
وتكمن عقدة "إل تري كولور" التاريخية في الخروج من ثمن النهائي، إلا أن مدرّبها جيراردو مارتينو سبق وأن قاد الأرجنتين إلى نهائي كوبا أميركا مرّتين. كما أصبح حارسها أوتشوا من معالم المكسيك في مشاركاتها بكأس العالم. وقد تساهم خبرة المدرّب والحارس في صنع الفارق.
طموح النسور البيضاء
أمّأ أكبر تحد يواجه المكسيك بعد الأرجنتين، فهو النسور البيضاء أي المنتخب البولندي، الذي شارك في ثماني نسخ مونديالية سابقة، نال في اثنتين منها المركز الثالث.
ويطمح لبلوغ دور الستّة عشر لأوّل مرّة منذ عام 1986. ويعد طموح المنتخب مشروعًا، كونه يملك هدّافًا من طينة روبيرت ليفاندوفسكي أحد أفضل لاعبي العالم والمرشّح لنيل جائزة هدّاف كأس العالم.
لكنّ المدرّب تشيسلاف ميشنيفيتش يدرك جيّدًا أن اليد الواحدة لا تصفّق لأن بولندا تاريخيًا امتلكت لاعبًا اسمه إيرنيست فيليموفسكي، صاحب أوّل سوبر هاتريك في تاريخ كأس العالم، لكنّ ذلك لم ينقذ بولندا من الهزيمة.
وقد صنع المدرّب فريقًا متماسكًا، ويعد التنويع من خططه التي يغيّرها تبعًا لخصمه. وسيعوّل ميشنيفيتش على لاعبين ينشطون في أقوى الدوريات الأوروبية، من الحارس تشيزني إلى المهاجم ليفاندوفسكي.
مهمة الأخضر السعودي الصعبة
ولا يحلو الحديث إلا بالكلام عن المنتخب العربي الوحيد الموجود في هذه المجموعة، الأخضر السعودي، حيث تعود بنا الذاكرة لهدف سعيد العويران في مرمى بلجيكا، والذي يُعَدّ أحد أجمل الأهداف في تاريخ كأس العالم.
وكان للسعودية حضور بارز في خمس مشاركات سابقة في البطولة أفضلها كان بتواجد "الأخضر" الأول في كأس العالم 1994، حيث قدّم مستويات رائعة كلّلها بالتواجد في دور الستّة عشر.
وتعوّل السعوديّة على مدرّبها هيرفي رينارد لتكرار إنجاز 1994، ورغم أنها مهمة صعبة، لكنّها ليست مستحيلة على الأخضر السعودي الذي يملك لاعبين حقّقوا بطولة آسيا مع نادي الهلال أمثال سلمان الفرج.
ويبقى الأهم بالنسبة للأخضر هو التماسك الدفاعي أمام سيل هجمات متوقّع من البولنديين والأرجنتينيين.
ولأن السعودية تلعب في هذه النسخة من كأس العالم لأول مرة على أرض عربية، فبالتأكيد سيخوض الأخضر مبارياته بمؤازرة جماهيرية وكأنه يلعب على أرضه.
تصبّ الترشيحات بقوّة نحو الأرجنتين لا لحجز بطاقة التأهّل فحسب، ولكن أيضًا للوصول إلى النهائي والفوز ربما باللقب، لكنّ المفاجآت تبقى واردة دائمًا في عالم كرة القدم، فهل يفعلها المنتخب السعودي مثلًا، ويحجز بطاقة التأهل الثانية؟
وبانتظار تبلور الأمور مع انطلاق صافرة المونديال، يبقى السؤال الأكبر الذي يطرحه كثيرون عشيّة مونديال "أخير" يشارك فيه النجم ليونيل ميسي: هل يفعلها ميسي ويرفع الكأس الغالية؟!
وفي الوقت الحالي، يمكنكم اكتشاف كل المعلومات عن المجموعة الثالثة من المونديال، أو "مجموعة الأساطير"، في الفيديو المرفق من برنامج "أبطال الثمانية".