أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق مونديال قطر 2022، الذي يُعَدّ أعظم حدث كروي على الإطلاق، والذي يجري لأول مرة على أرض عربية، بمشاركة 32 منتخبًا في العالم، صُنّفت على أنها الأفضل.
وتنقسم هذه المنتخبات إلى 8 مجموعات تجمعها ملاعب قطر، وتطمح جميعها إلى كتابة التاريخ، والوصول لأمجد الكؤوس، رغم تفاوت المستويات بينها إلى حدّ ما.
ومن ضمن البرامج الخاصة التي أطلقها "أنا العربي" مواكبة للمونديال المرتقب، ينطلق برنامج "أبطال الثمانية" الذي يتوخى قراءة أهم المسارات والتوقعات للمجموعات الثماني المتنافسة.
وفي حلقته الأولى، يلقي "أبطال الثمانية" الدور على مجموعة العنابي، وهي المجموعة الأولى التي يتنافس فيها المنتخب القطري، وأسود التيرانغا (السنغال)، والطواحين الهولندية، ومنتخب الإكوادور.
هولندا.. لعبة جميلة ولعنة غريبة
ليس خافيًا على أحد أنّ لهولندا "بصماتها" في تاريخ المونديال، بعدما نجحت في فرض نفسها "مرشحًا دائمًا أساسيًا"، وهي التي غيّرت كرة القدم إلى الأبد وجعلتها تبدو على ما هي عليه الآن.
ففي هولندا، أبصرت "الكرة الشاملة" النور على يد المدرب الهولندي رينولز ميتشلز، والتي منها استمد مدربون مثل الإسباني بيب غوارديولا أساليبهم التكتيكية.
وطيلة مشوارهم المونديالي، لم يشتهر الهولنديون فقط بلعبتهم الجميلة، ولكن أيضًا بـ"لعنة غريبة" ظلت تطاردهم 3 مباريات نهائية، لم ينجحوا خلالها في تحقيق اللقب.
ففي عام 1974، أبهر الهولندييون العالم بقيادة الأسطورة يوهان كرويف وقدموا أداءً من بين الأفضل في تاريخ البطولة، لكن الماكينات الألمانية حطمت آمالهم في اللقاء النهائي.
وتكرر السيناريو نفسه في نسخة 1978 من كأس العالم التي أقيمت في الأرجنتين، حيث هزمتهم صاحبة الأرض في الأوقات الإضافية، لتُبعد عنهم اللقب مرة أخرى.
أما في 2010 فقد خالف الهولنديون التوقعات ووصلوا للنهائي، بجيل ضم نجومًا مثل روبين وشنايدر وفان بيرسي، قبل أن يطلق الرسام الإسباني إنيستا "رصاصة قاتلة" في قلب دفاعاتهم، ويحرمهم من التتويج من جديد.
وأمام المنتخب البرتقالي فرصة لفك النحس، بقيادة المخضرم لويس فان غال، وبحضور لاعبين بارزين من بينهم دي يونغ، ودي ليخت وفان دايك، وديباي، وبليند، ودي فراي.
وعلى الرغم من أن الطواحين الهولندية لم تنهزم في 15 مباراة متتالية، إلا أن لاعبيها المميزين قد لا يلمسون الكأس في ظل تراجع مستوياتهم الحالية مع أنديتهم.
السنغال.. الحلم ليس بعيد المنال
يبرز في المجموعة الأولى أيضًا المنتخب السنغالي، هو الذي يحمل آمال قارة بأكملها بشكل أو بآخر، علمًا أنّ الحلم قد لا يكون بعيد المنال.
فقد يُعيد أسود الترينغا إنجازهم في بلوغ دور ربع النهائي كما فعلوا في أول مشاركة لهم في البطولة، خلال مونديال اليابان وكوريا الجنوبية عام 2002. أنّهم نالوا كذلك أول لقب قاري في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة.
لكنّ منتخب السنغال لا يعول على هذه الخبرة فقط، فسلاحهم الأول كان تثبيت المدرب أليو سيسي على رأس المنتخب منذ 7 سنوات.
وبالفعل، نجح سيسي في تكوين فريق يمزج بين القوة البدنية الهائلة، والمهارات العالية والانضباط التكتيكي، مستفيدًا من كوكبة من المحترفين مثل ميندي، وكوليبالي، وإدريسا غاي.
لكنّه قد يعاني بشدة إذا ما تأكدت خسارة نجمه الأول ساديو ماني، إثر إصابة في الساق تعرض لها في مباراة جمعت فريقه بايرن ميونخ مع فيردر بريمن، الأمر الذي قد يكلفه الغياب عن المونديال، رغم ضمه لقائمة اللاعبين المشاركين.
وفي النتيجة، يطمح هذا الفريق بجدية، إلى اقتلاع ورقة التأهل، ولن يعيقه ربما سوى لحظات التوهان التي تصيب منتخبات القارة السمراء في المنافسات الكبرى.
العنابي القطري.. كتابة التاريخ بأحرف من ذهب
في المجموعة الأولى أيضًا، يحضر المنتخب القطري في مشاركة أولى في كأس العالم، يقف خلفها طموح لكتابة التاريخ بأحرف من ذهب.. ولِمَ لا؟
ثمّة عوامل كثيرة تدفع نحو احتمال تحقيق "العنابي" للإنجاز، فالبطولة تُنظم على أرضه وأمام جماهيره، وهو ما سيستفيد منه بالتأكيد ليتجاوز "لعنة جنوب إفريقيا"، إن جاز التعبير.
وقد يكون "تاريخ" بطولات كأس العالم شاهدًا، ففي 21 نسخة سابقة تأهل المنتخب المستضيف في 20 مناسبة من الدور الأول، ليبقى لاعبو "البافانا بافانا" وحدهم من فشلوا في تحقيق ذلك الإنجاز عام 2010.
لكنّ تعويل قطر لا يقف عند عامل "الاستضافة"، إذ تقدم كرة هجومية بأفكار حديثة، واستفادت من احتكاكها بأقوى المنتخبات خلال حضورها الشرفي في كوبا أميركا وكأس الكونكاكاف.
ويعد أبرز دليل على النهضة الكروية القطرية هو الظفر بكأس آسيا عام 2019، علمًا أنّ كل هذا التطور جاء ببصمة الإسباني فليكس سانشسيز المدرب السابق في صفوف اللاماسيا.
ويُعتبَر سانشسيز صانع هذا الجيل القطري الذي فاق أداؤه التوقعات، وهو أكثر من يعرف أكرم عفيف، وحسن الهيدوس، والمعز علي، وبوعلام خوخي، وبسام الراوي، والحارس سعيد الشيب.
واستنادًا إلى ما تقدّم، لن تكون صدفة أن يتجاوز العنابي عتبة الدور الأول، ولو أنّ نقص الخبرة المونديالية قد يقف عائقًا أمام بلوغ هذا الحلم.
الإكوادور.. لقمة سائغة في فم الخصوم؟
قد يرى البعض في منتخب السنغال، وهو الأخير في المجموعة الأولى ضمن مونديال قطر، أنه أضعف حلقاتها، ولقمة سائغة في فم الخصوم.
لكنّ هذا الأمر قد لا يكون حقيقة مطلقة، إذ إنّ المنتخب الإكوادوري تعادل مع العملاقين البرازيلي والأرجنتيني، في آخر مباراتين جمعته معهما، كما نجح في إزاحة منتخبات كبيرة في مشوار التصفيات مثل تشيلي وكولومبيا.
أكثر من ذلك، فإنّ السرعة في الأداء، والروح القتالية العالية أبرز ما يميز المنتخب الإكوادوري، وهو الذي يضمّ في صفوفه مهاجم ريال بلد الوليد غونزالو بلاتا، والمخضرم أينر فالنسيا، والمدافع الشاب لبايرن ليفركوزن بييرو إنكابيي، والظهير بيرفيس استوبينيان.
وإذا كان صحيحًا أنّ سجل الإكوادور يبدو ضعيفًا في كؤوس العالم، فهذه المشاركة هي الرابعة لهذا المنتخب الذي لم يتجاوز الدور الأول إلا في مناسبة واحدة، إلا أنّ كرة القدم قد تجعل منه حصانًا أسود في سباق التنافس.
أولى مباريات المونديال المنتظر ستكون باكورة لقاءات المجموعة الأولى بين منتخبي قطر والإكوادور، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، باستاد البيت، قبل أن تتواجه السنغال مع هولندا في اليوم الثاني باستاد الثمامة.
فهل يفعلها "العنابي" ويفاجئ الجماهير، أم أن بطاقة التأهل ستنحصر بين هولندا والسنغال؟ وكيف ستكون المواجهات في هذه المجموعة؟ كلّ التفاصيل تجدونها في الحلقة المرفقة من "أبطال الثمانية".