اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الجمعة باحات المسجد الأقصى، موقعة إصابات في صفوف المصلّين، ودمارًا في المسجد.
ويتزامن هذا الاعتداء الإسرائيلي مع تصعيد في باقي المناطق الفلسطينية، وفي الضفة الغربية تحديدًا، ما أدى لسقوط عدد من الشهداء والمصابين.
السلاح في وجه المصلّين
ومع بزوغ خيوط الفجر الأولى من يوم الجمعة، حوّلت قوات الاحتلال المسجد الأقصى إلى ساحة حرب على الشعب الفلسطيني.
ويحاول الاحتلال، في الأسبوع الثاني من شهر رمضان، فرض نفسه بقوة السلاح في وجه مصلّين عزّل، وذلك بهدف تحقيق حلم استيطاني بالتفرد بالأقصى، في ظل حكومة منحت السلطة الأمنية تفويضًا مطلقًا ضد الفلسطينيين.
ويستعرض رئيس الحكومة نافتالي بينيت قوته باقتحام المدن الفلسطينية وقتله المواطنين العزّل، لمواجهة أزمته السياسية في الكنيست، حيث يتربّص له رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتانياهو.
ورغم الدمار والقتل الذي خلّفه الاحتلال في القدس، يحاول وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لابيد تبرير ذلك، معتبرًا أن "حكومته ملتزمة بحماية حق الجميع في ممارسة الطقوس الدينية".
لكن السؤال، ماذا لو لم تحترم إسرائيل هذه الحقوق؟ هل كانت ستهد المسجد الأقصى على رؤوس المصلّين؟
التقسيم المكاني للقدس
في هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة حسام الجني أن "الممارسات الإسرائيلية غير مرتبطة بشهر رمضان، وموضوع ذبح الأضحية المزعوم من قبل الصهاينة في باحات الأقصى، مرتبط بالتقسيم المكاني للقدس وبالهيكل المزعوم".
ويشير الجني، في حديث إلى "العربي" من غزة، إلى أن "شهر رمضان زاد من الجهوزية الفلسطينية لمواجهة التحدي الإسرائيلي، لكن الأولوية عند المستوطنين هي تثبيت وقائع جديدة على الأرض مرتبطة بتقسيم المسجد الأقصى".
ويقول: "محاولات الذبح في الباحات هي من أجل القيام بشعائر دينية مستقبلية، ولتخصيص المكان لليهود في المستقبل وصولًا لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم".
ويضيف: "الفصائل الفلسطينية نجحت في وضع بينيت أمام فكي كماشة، فهو اليوم إما سيضطر للخضوع للضغط الفلسطيني، أو سيذهب لإرضاء المستوطنين والمتطرفين للمحافظة على شعبيته لكنه سيخسر بذلك سياسيًا وأمنيًا".
صراع ديني
من جهته، يشير العضو في المجلس الاستشاري لحركة فتح موفق مطر إلى أن "منظومة الاحتلال تقوم على الاستعمار، وبالتالي أول شيء تريد استهدافه هو روح الشعب الفلسطيني العقائدية والوطنية".
ويشدد مطر، في حديث إلى "العربي" من رام الله، على أن "المقدسات المسيحية والإسلامية في فلسطين هي روح الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وبالتالي، فالسيطرة على هذه الروح وإخضاعها يعني السيطرة على الشعب الفلسطيني".
ويقول: "الحملة الصهيونية المبرمجة على الشعب الفلسطيني ليست جديدة".
ويضيف: "نعتقد أن منظومة الاحتلال الإسرائيلي تحاول هذه المرة السيطرة على المقدسات في فلسطين، لأنها إذا استطاعت ذلك، فستتمكن من تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني".
تغيير هوية القدس
بدوره، يرى عضو لجنة الدفاع عن أراضي القدس فخري أبو دياب أن "أهم معلم في القدس هو المسجد الأقصى، وهو يعطي الدلالة التاريخية العربية للمدينة".
ويؤكد أبو دياب، في حديث إلى "العربي" من القدس، أن "الاحتلال يريد تغيير الهوية، وإزالة المعلم وفرض واقع تهويدي، لمحو تاريخ المدينة".
ويقول: "المتطرفون يريدون فرض وقائع على المسجد الأقصى، وبينيت يقوم بمغامرة سياسية ودينية، ويحاول جر الأمور إلى مواجهة دينية، متخفيًا خلف الصورة النمطية التي وضعها العالم على المسلمين".