سيكون الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب محور محاكمة ثانية غير مسبوقة تبدأ بعد غد الثلاثاء، في مجلس الشيوخ الذي سيتعيّن على أعضائه تحديد إن كان قد حرّض بالفعل على اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/ كانون الثاني في هجوم قتل فيه خمسة منهم ضابط شرطة، إذ يأتي ذلك بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول.
ومع أنّ ترمب سبق له أن حوكم، إلا أنّ "اختلافات جوهرية" تظهر في محاكمته، كما أنّ التهم الموجّهة له مختلفة هذه المرّة، ففي ديسمبر/ كانون الأول 2019، أطلق مجلس النواب إجراءات عزل ترمب بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، لكنه يحاكم الآن بتهمة "التحريض على التمرّد" على خلفية دوره في الهجوم الدامي على مبنى الكابيتول الشهر الماضي.
وبمُعزَلٍ عن تفاصيل الاتهامات، والمسار المتوقّع للمحاكمة، قد يكون من المفيد استعراض الشخصيات التي يتوقّع بأن تلعب أدوارًا رئيسية في الجلسة المتلفزة المرتقبة الثلاثاء، من القاضي، إلى المدّعين، والموالين، وصولًا إلى المنشقّين المحتملين، استنادًا إلى تقرير نشرته وكالة "فرانس برس".
المدّعون
على رأس قائمة الشخصيات في محاكمة ترمب يأتي المدّعون، علمًا أنّ رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي كلّفت مجموعة متنوعة من تسعة مشرفين على العزل لتولي القضية، جميعهم نواب ديمقراطيون ومحامون هم غير الأعضاء السبعة الذين أشرفوا على محاكمة ترمب في المجلس عام 2020.
يقود هؤلاء جايمي راسكين، وهو متخصص في الدستور بدأ وضع مسوّدة نص العزل بعد وقت قصير من اقتحام مجموعة متمرّدة الكابيتول.
ومن بين أبرز المشرفين أيضًا على الإجراءات ستيسي بلاسكيت، وهي سوداء البشرة وأم لخمسة أبناء متحدرة من جزر العذراء الأميركية. وبصفتها من بين أعضاء الهيئة الناخبة من أرض أميركية وراء البحار، لا تحظى بلاسكيت بميّزة التصويت في مجلس النواب وبالتالي لا يمكنها التصويت لصالح عزل ترمب. لكنها أعربت عن تشرّفها بأن يتم اختيارها للمساعدة في القضية ضد الرئيس الذي تعتبر أنّه قام بـ"محاولة انقلاب".
الموالون
في غضون ذلك، لن يكتفي أعضاء مجلس الشيوخ المئة بلعب دور المحلّفين في محاكمة ترمب، إذ كانوا شهودًا وضحايا في مقر الكابيتول.
لكن لا يزال لدى ترمب العديد من الموالين، بمن فيهم السناتور المحافظ جوش هاولي عن ميزوري، الذي يتطّلع إلى الرئاسة مستقبلًا، والسناتور تيد كروز، الذي كان محاميًا دستوريًا من تكساس، وكلاهما يدافع بشدة عن ترمب.
وكانا من بين مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوّتوا ضد المصادقة على نتائج الانتخابات في ولايات محددة عدة، حتى بعد الهجوم على الكابيتول. ويحذّران حاليًا مما وصفها كروز بأنها محاولة "حاقدة" لإدانة رئيس غادر منصبه.
وتشمل المجموعة أيضًا السناتور راند بول الذي اتّهم الديمقراطيين بأنهم باتوا يعانون من "اختلال عقلي من شدّة كرههم لترمب".
والأسبوع الماضي، ضغط بول من أجل التصويت على إلغاء المحاكمة على اعتبار أنها غير دستورية. وفشلت محاولته لكن لم ينضم إلا خمسة جمهوريين إلى تصويت الديمقراطيين لصالح المضي قدما بها، في نتيجة تنبّئ بما سيكون الوضع عليه الثلاثاء.
المنشقّون المحتملون
وعلى اعتبار أن إدانة ترمب تستدعي تصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ لصالحها، فسيتعيّن على 17 جمهوريًا الانشقاق عن صفوف الحزب والانضمام إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين ليتحقق ذلك.
ويستبعد بأن يتم الوصول إلى هذه العتبة، لكن السناتور ميت رومني صوّت لصالح الإدانة قبل عام بينما قال بات تومي عن ولاية بنسلفانيا علنًا: إن ترامب "ارتكب مخالفات تستدعي العزل" عبر تحريضه على أعمال العنف التي وقعت.
وتتّخذ كل من المعتدلتَين ليزا موركوسكي وسوزان كولينز موقفًا محايدًا، بينما نُقل عن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي لا يزال يحظى بنفوذ واسع في أوساط كتلته، قوله في إحدى الجلسات المغلقة: إنه يفكّر في التصويت لصالح إدانة ترمب.
القاضي
ويمنح الدستور كبير قضاة المحكمة العليا عادةً سلطة ترؤس محاكمة لعزل رئيس في منصبه. لكن نظرًا إلى أن ترمب لم يعد في المنصب، اعتذر كبير القضاة جون روبرتس الذي ترأس جلسة 2020.
ويترك ذلك السناتور باتريك ليهي (80 عامًا)، الذي يعد عضو حزب الأغلبية الذي قضى أطول مدة في المجلس، وبالتالي يعد بمثابة رئيسه الموقت، ليتولى المهمة.
ويعد الوضع شائكًا بالنسبة للنائب الليبرالي الذي يقوم أيضًا بدور محلّف وسط قلق بشأن حالته الصحية إذ شعر بإعياء ونقل إلى المستشفى بعد ساعات فقط على تنصيبه رئيسًا للمجلس في 26 يناير/ كانون الثاني.
وهاجمه ترامب خلال تجمّع عام 2018 متهمًا إياه بالإكثار من تناول المشروبات الكحولية. وقلل ليهي من أهمية التصريحات حينها، واصفًا إياها بأنها مجرّد "هراء كاذب"، ومشيرًا إلى أن لا فكرة لديه عن السبب الذي دفع ترمب للاعتقاد بأنه كثير الشرب.