ما زال "أيام قرطاج"، الذي يُعد أحد أعرق المهرجانات السينمائية في منطقة الشرق الأوسط، يحتفظ بقدرته على جذب اهتمام كثير من الناس، سواء من الوجوه السينمائية والثقافية أو من الجمهور المتعطش للفن السابع.
ويُقام المهرجان هذا العام في وقت تعاني فيه السينما التونسية، التي وصلت أفلامها إلى العالمية، مشكلات عدة أبرزها ضعف التمويل وتراجع عدد دور العرض السنمائية.
فقبل زمن بعيد، كانت تونس تضم أكثر من 150 قاعة سينما، لكن اليوم لم يبق منها إلا نحو 20 فقط.
ويعزو أهل القطاع تراجع الانتاج بشكل لافت إلى صعوبات مالية.
وتشير الممثلة التونسية شاكرة الرماح، إلى أن السينما التونسية معروفة بسينما المؤلف وتخرج لجميع المهرجانات الكبيرة، لكنها تتحدث عن غياب الإنتاجات الكافية وغياب كل من رؤوس الأموال والسوق.
"سينما مناضلة"
في أيام قرطاج السينمائية تبدو الصورة مختلفة، حيث لم تؤثر المشكلات على أعرق مهرجان في تونس.
استقطبت التظاهرة وجوهًا فنية وثقافية بارزة، وبدا الجمهور متعطشًا للفن السابع، فامتلأت دور العرض وتزينت الشوارع بلافتات الأفلام، التي دأبت على أن تكون مرآة للمجتمع بكل تقلباته وأزماته.
ويذكر المخرج السينمائي حبيب مستيري، بأن "ما يميّز السينما التونسية أنها كانت على مر السنين سينما مناضلة؛ تسعى لأن تكون فاعلة في الواقع وتبث أفكارًا وتشحذ الفكر النقدي عند المشاهد".
ويوضح أن هذا "الأمر جعلها مؤثرة رغم قلة الإمكانيات ورغم غياب إستراتيجية من جانب الدولة ومؤسسات الدولة للنهوض بقطاع السينما".
إلى ذلك، تُعرف السينما في تونس بجرأتها في طرح القضايا، ففي السنوات الأخيرة برز جيل جديد من المخرجين والممثلين، ذاع صيتهم محليًا وسطع نجمهم عربيًا.
وكذلك صارت البلاد مسرحًا لتصوير عدة أفلام عربية وغربية، نظرًا إلى ما تذخر به من أماكن تاريخية وأثرية.
"تقدم ملحوظ في صيت السينما التونسية"
بدوره، يعرب المخرج التونسي غازي الزغباني عن سعادته بكون مهرجان "أيام قرطاج" السينمائية محافظًا على إشعاعه.
ويلفت في حديثه إلى "العربي" من تونس، إلى الملاحظ من حيث الإقبال الكبير للجمهور على دور العرض، مذكرًا بأن هذا الأمر ليس بجديد على المهرجان الذي دائمًا ما تتم الإشادة بحضوره الكبيره.
ويقول نحن كسينمائيين نأمل أن يكون هذا الإقبال على مدار السنة، على مدار الموسم الثقافي، وليس فقط في بعض المهرجانات أو في "الأيام المختصة في هذا المجال".
الزغباني الذي يشير إلى "تغيّر في المشهد السينمائي التونسي من الممكن أنه ناتج عن الثورة وحرية الطرح التي ربما لم نكن نستطيع التطرق لها في الماضي"، يتحدث عن تقدم ملحوظ في صيت السينما التونسية في المهرجانات العالمية.