Skip to main content

"مشهد مرعب".. ناجون يروون تفاصيل "مذبحة" مسرح ماريوبول

السبت 26 مارس 2022

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية شهادات ناجين أوكرانيين من القصف الروسي الذي استهدف مسرحًا كان يحتمي به أكثر من 1000 شخص من النساء والأطفال الهاربين من مدينة ماريوبول الساحلية في 16 مارس/ آذار الجاري.

وقال أليكسي (34 عامًا)، الذي غادر مع زوجته وابنه البالغ من العمر 7 سنوات، قبل وقت قصير من الغارة الروسية على المسرح، إن أجزاء من المبنى كانت قد أُصيبت في أوقات سابقة، مما تسبب في وقوع العديد من الإصابات بجروح خطيرة، بينما يكافح المسؤولون لتحديد عدد القتلى المحتمل.

وأوضح: "لقد وضع المدنيون علمًا أبيض أعلى المبنى" في محاولة لمنع استهدافه وقصفه من قبل القوات الروسية خلال هجومها على أوكرانيا.

وقال شخصان من الذين كانوا حاضرين وقت الانفجار، إن الطابق السفلي الذي كان مكتظًا بالنساء والأطفال الصغار، لم يتعرّض للدمار، وأن العديد من الناس تمكّنوا من الفرار بعد القصف، من بينهم أولئك الموجودون في الردهة المكوّنة من ثلاثة طوابق أمام المبنى.

ولكن لا تزال هناك مخاوف بشأن الكواليس والقاعة الرئيسة والمطبخ، والتي تضررت جميعها بشدة من القصف.

وأدى نقص الاتصالات في ماريوبول إلى إعاقة تدفّق المعلومات، كما فقدت القوات الأوكرانية السيطرة على المنطقة المحيطة بالمسرح، مما منع أي جهود إنقاذ أو جمع أدلة يمكن أن تساعد في التحقيق بجرائم حرب محتملة.

تحت الأنقاض

وقالت مفوضة حقوق الإنسان في أوكرانيا ليودميلا دينيسوفا، إن سجلات الشرطة تظهر أن 1300 شخص كانوا موجودين في المبنى، مشيرة إلى أن عمليات إجلاء من المسرح كانت قد بدأت في غضون 48 ساعة قبل الغارة.

ومع تداول مقاطع الفيديو الأولى في أعقاب الغارة، نقل مجلس مدينة ماريوبول تقديرات من شهود عيان، أن ما يصل إلى 300 شخص لقوا مصرعهم.

وأوضحت مقاطع مصورة أن القاعة الرئيسة للمسرح والتي دمرت، كانت تعتبر مكانًا خطيرًا على الأشخاص النائمين فيها بسبب سقفها المكشوف ووجود ثريا (مصابيح) ضخمة.

وبينما قال مصوّر الفيديو إن الكثير من الناس هم تحت الأنقاض، ذكرت ماريا روديونوفا (27 عامًا)، وهي إحدى الناجيات والتي كانت تنام في تلك القاعة، إن حوالي 50 شخصًا كانوا في ذلك الجزء من المبنى.

وأشارت إلى أنها كانت قد خرجت لجلب الماء لكلابها قبل لحظات من الغارة، لتسمع بعدها صوت صفير قوي قبل أن يمسكها رجل ويدفعها نحو أحد جدران المدخل الأمامي للمسرح لحمايتها.

وقالت للصحيفة: "كانت الأنقاض فوقنا، ظننت أن طبلة أذني قد تمزقت بسبب الصوت الذي يصم الآذان"، مضيفة: "كان هناك رجل، وجهه غارق في بركة من الدماء، وإلى جانبه امرأة تحاول إيقاظه".

وأشارت إلى أنها حاولت يائسة إيجاد طريقة للدخول إلى القاعة للوصول إلى كلابها ومجموعة الإسعافات الأولية الخاصة بها من دون جدوى، لتسير بعدها نحو 12 ميلًا قبل أن تجد حافلة تقلها إلى خارج المدينة.

"مجموعة من العائلات"

من جانبه قدّر بوجدان تيموشوك (17 عامًا) الذي كان موجودًا في غرفة تغيير الملابس في المسرح مع والدته، وجود حوالي 100 شخص معهم، عندما غادر في قافلة قبل ساعة فقط من الهجوم.

وقال في مكاملة هاتفية مع الصحيفة من لفيف التي فر إليها: "لقد كانوا مجموعة من العائلات التي تنام في غرف الملابس. لا نعرف ما حدث لهم".

ووصف المقيمون في المسرح مشهدًا فوضويًا في الأيام التي سبقت الهجوم، إذ كان الناس يخاطرون بالفرار واضعين الرايات البيضاء على مركبات مكتظة بالناس.

يذكر أنّ المسرح كان واحدًا من ثلاثة مواقع طُلب من الناس التجمع فيها، قبل أن يغادروا المدينة عبر ممرات إنسانية متفق عليها مع الروس.

 وذكر ناجون آخرون أنّ المسرح بات مكتظًا للغاية مع توافد الناس عليه. ولكن لم تصل أي مساعدة. وبعد انهيار الخطوط الأمامية الأوكرانية في المدينة، بدأ الناس بتنظيم أنفسهم للخروج وحدهم.

وقال أليكسي: "كانت الانفجارات تقترب"، مشيرًا إلى أن المجموعة الأولى المكونة من حوالي 20 سيارة غادرت المسرح في 14 مارس/آذار، وتبعتها مجموعة أخرى ذلك المساء.

وأضاف: " كنا خائفين من إطلاق النار علينا في الطريق".

أما الذين لا يملكون سيارات، فقد كانوا يائسين من الحصول على توصيلة، ومنهم تيموشوك ووالدته قبل أن يتمكنا من الالتحاق بمركبة مع 10 أشخاص للفرار.

 وقال: "كان هناك قتال متواصل وقصف مستمر".

مشاهد مرعبة وجنون

وبينما كان بعضهم يغادر المسرح، كان آخرون لا يزالون يصلون، ومنهم فلاديسلاف (27 عامًا)، الذي وصل صباح اليوم الذي تعرّض فيه المسرح للقصف، للتحقق مما إذا كان المسرح مكانًا أكثر أمانًا لعائلته.

وقال: "علمنا بوجود طعام هناك، وكان يوجد صنبور إطفاء يستخدمه الناس للمياه، ويستخدمون الحطب لطهي الطعام"، مضيفًا: "اعتقدت أنه لن يكون من الممكن لأي شخص أن يقصف ذلك المكان".

وعند وصول فلاديسلاف إلى مقربة من البوابة الرئيسة للمسرح، وقع الانفجار. وقال: "لست متأكدًا مما إذا كنت سقطت أرضًا بسبب قوة القصف أو أنني بحثت بشكل غريزي عن ملجأ".

وأضاف: "بعد الغارة، توجهنا إلى الطابق السفلي من الجانب الآخر، وانتظرنا 15 دقيقة في القبو قبل أن نفرّ على الأقدام إلى مدينة مليكين".

أما ناديجدا، التي انتقلت إلى المسرح في 8 مارس/ آذار بعد تعرّض حيها لقصف مكثف، فكانت في الطابق السفلي وقت الهجوم.

وأوضحت أن الطابق كان مكتظًا بشكل كبير، مضيفة أنها في البداية نامت في الطابق الثالث من الردهة مع ابنتها قبل أن ينتقلا إلى الطابق السفلي في 15 مارس/ آذار.

وعندما وقع الانفجار، كان زوج ابنتها يستعد مع زوجته للذهاب للحصول على بعض الماء. لكنه فجأة وجد نفسه مرميًا على الأرض.

غامرت ناديجدا بالخروج من المسرح لتواجه المشهد المرعب، حيث حاولت هي وآخرين المساعدة في علاج الجرحى بضمادات مؤقتة مصنوعة من بقايا ملابس، مضيفة أن أشلاء الضحايا كانت متناثرة في كل مكان.

وقالت: "كانت صراخات الألم القوية تدوي باستمرار، وشعرت أنني سأصاب بالجنون".

المصادر:
العربي، ترجمات
شارك القصة