تشكل الثقافة أحد أهم محاور التنمية الحديثة في دول مجلس التعاون الخليجي وظهر ذلك جليًا في انتشار عدد من المكتبات ودور النشر خلال العقود الأربعة الأخيرة، تزامنًا مع الطفرة العمرانية السريعة والتقدم الاقتصادي الكبير.
وفي هذا الإطار، برزت على المستوى العربي معارض دولية للكتب في دول الخليج العربي كان أولها وأبرزها معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي تجري حاليًا دورته الـ32.
500 ناشر في معرض الدوحة للكتاب
وتشكل دور النشر والمؤلفون ركيزة كبيرة في معرض الدوحة، حيث تتنافس هذه الدور على إطلاق مؤلفاتها الجديدة. كما يحرص عدد من الكتّاب الخليجيين والعرب على أنّ يكون معرض الدوحة الدولي للكتاب مناسبة لعرض مؤلفاتهم الحديثة.
وشارك أكثر من 500 ناشر في الدورة الجديدة لمعرض الدوحة للكتاب عبر إصدارات جديدة وكتب ومخطوطات. وكانت المملكة العربية السعودية ضيفة استثنائية في هذه الدورة الجديدة عبر المشاركة بجناح خاص وعدد من المؤلفات والعناوين التي تناولت تاريخ المملكة وأخرى أدبية وإسلامية.
تنوع المكتبة الخليجية
وقد توسعت المجالات التي تتناولها الكتب السعودية، بحسب عبد الرحمن مغربي، مشرف على دار "الفكر الجديد". وتشمل الفسلفة وفهم الذات والمجالات التقنية والذكاء الاصطناعي.
وقد تُرجم المشهد الثقافي الكويتي من خلال الروايات الحاضرة بقوة في هذا المعرض والتي تروي أغلبها قصصًا مرتبطة بالمجتمع الكويتي.
وقد ألهمت مواضيع الفلسفة والتاريخ وعلم النفس الكاتب القطري، فتناول العديد من الكتّاب حقبًا مختلفة من تاريخ قطر والتراث العلمي العربي.
ويقدم معرض الدوحة للكتاب تجربة تعيد للقراءة دورها الحقيقي في تطوير المعرفة وأنماط التفكير. ويعكس المشهد الثقافي في العالم العربي ودول الخليج بما يتماشى ومتطلبات العصر.
المعارض شريان الحياة
ويشدّد الكاتب والروائي القطري جاسم سلمان على دور المعارض ودور النشر بالنسبة للمؤلف. وقال في حديث إلى "العربي": "هي مثل شريان الحياة فلولا المعارض لما انتشر الكاتب".
ولفت إلى أن الخليج يشهد نشاطًا ثقافيًا يواكب النشاط العمراني والتطور الاقتصادي. وقد جاء التطور الثقافي من اهتمام الكتّاب بحضور المعارض والمشاركة فيها، إضافة إلى تطور دور النشر.
ويلحظ سلمان الاهتمام الكبير من قبل الناس في معرض الدوحة وذلك لحاجة الناس للثقافة وللمعلومة في عصر السرعة. وأضاف: "نحن نعيش في عصر ذهبي للكتابة والكتاب".
القراء الشباب
من جهته، يعتبر مدير دار "بلاتينيوم بوك" للنشر أحمد الحيدر أن معرض الدوحة الدولي للكتاب أحد أهم المعارض التي تقام في المنطقة العربية بشكل عام سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي.
ويشير في حديث إلى "العربي" من استديوهات لوسيل، إلى أن دار "بلاتينيوم بوك" تشارك للمرة الـ15 في هذا المعرض، لافتًا إلى اهتمام القيادة السياسية الكبير في دولة قطر بهذا المعرض.
ويلحظ الحيدر أن الدورة الحالية من المعرض تقام لأول مرة بعد استضافة قطر لكأس العالم، ولأول مرة في فصل الصيف دون أن يؤثر ذلك بشكل سلبي على الإقبال على المعرض.
ويؤكد حيدر أن الكتاب الورقي يتوجه إلى القراء الشباب الآن، مشيرًا إلى أن المشكلة التي كانت في فترات سابقة ابتعد فيها القراء من فئة الشباب عن الكتاب الورقي تكمن في أنهم لم يجدوا ما يقرؤون وليس مع القراءة بحد ذاتها.
وأضاف: "كان هناك فجوة بين الكتاب والأدباء الكبار وبين الجيل الجديد من القراء".