فيما يجتذب ضريح تاج محل ملايين السياح سنويًا، يُعد الموقع في برنامج زيارة كثر من رجال السياسة إلى الهند، بوصفه إحدى المحطات التي تكتمل معها معالم الرحلة إلى الدولة الواقعة في شرق قارة آسيا.
وتوثق صور المشاهير جولتهم في ضريح تاج محل. ولعل أبرزها صورة الأميرة الراحلة ديانا عندما جلست وحيدة أمام الموقع التاريخي في العام 1992، ومن بعدها نجلها وليام وزوجته كايت، اللذان زارا الهند في العام 2016.
ما قصة ضريح تاج محل؟
يُعتبر ضريح تاج محل، المدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي والذي يُعد من عجائب العالم المعاصر، "معلم الحب" لدى الهنود، فالمكان يختزل تكريم امبراطور من حكام البلاد لزوجته التي توفيت فيما كانت تضع طفلها.
وقعت المأساة في يونيو/ حزيران 1632، بعدما رافقت ممتاز محل زوجها الإمبراطور المغولي شاه جيهان لقمع تمرد محلي.
وعلى الأثر، قرر الحاكم تشييد الضريح تخليدًا لذكرى الزوجة التي كان مولعًا بها، واستمرت أعمال البناء بين العامين 1632 و1653.
مصنوعًا من الرخام الأبيض والزخارف، ارتفع الضريح بقبته الشهيرة ومناراته على ضفاف نهر يامونا في مدينة أغرا بولاية أوتار براديش، على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب العاصمة نيودلهي.
وهناك حيث يرقد شاه جيهان وممتاز محل جنبًا إلى جنب، تحوّل المكان إلى أحد أهم معالم العمارة الهندية الإسلامية وإلى "رمز عالمي للحب الأبدي".
محاولة انتحار ونسخة طبق الأصل
ويبدو أن العشاق الذين قصدوا المعلم على مدى سنوات، لم يأتوا جميعهم حالمين متأملين للاستمتاع بفن عمارته ومناخات ما فيه من ذكريات.
ففي العام 2015، سُجلت محاولة انتحار لشاب وشابة هنديين فشلا في إقناع ذويهما برغبتهما بالزواج لاختلاف ديانتهما. ولم يختارا في حينه الموقع عبثًا، بل لما يحمله من مدلولات وعبر حول الحب والالتزام.
إلى ذلك، لم تنحصر معاني "رمز الحب الأبدي" المستوحاة، داخل ضريح تاج محل، إذ قرر رجل قبل أعوام إعادة كتابة الحكاية من جديد، وتشييد قصر هو نسخة طبق الأصل عن الضريح في مدينة بورهانبور بوسط الهند.
هذه المرة كانت زوجة أناند براكاش تشوكسي على قيد الحياة، وأراد التعبير عن حبه لها، وتوجيه رسالة حب وسلام من خلال بناء القصر مفادها أن "الحب يحل مشاكل الحياة".
مخاطر تهدد ضريح تاج محل
لكن الموقع الذي وصفه الشاعر الهندي رابينراناث طاغور بأنه "دمعة حب صافية ووحيدة على خد الحياة السرمدية"، يواجه مجموعة من التحديات.
فإلى جانب التخريب الذي تلحقه به الطبيعة من خلال الرياح والعواصف رعدية، تتسبب مستويات التلوث المرتفعة باصفرار الرخام الأبيض الشهير.
كما أن التدفق الكبير للزوار يلحق أضرارًا دائمة بالأرضية الرخامية والجدران والأساسات، وفق ما تنقله وكالة "فرانس برس" عن خبراء. وتسعى السلطات والجهات المختصة، وإلى جانب أعمال الصيانة، إلى تنظيم هذا التوافد.
بموازاة ذلك، خرج الهندوس في تحركات العام الماضي من أجل الحصول على الحق في الصلاة في ضريح تاج محل "بحجة أنه بني في موقع حرم قديم مخصص للإله شيفا".
ووسط تمسك منظمة هندوسية متطرفة بهذه المزاعم، قدّم أحد أعضاء حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم التماسًا لإجبار وكالة الآثار الهندية على فتح 20 غرفة في تاج محل بادعاء احتوائها على تماثيل هندوسية، وهو ما نفته الهيئة ورفضت المحكمة الالتماس.
وبحسب "فرانس برس"، يأتي الجدل بشأن ضريح تاج محل وسط حالة أوسع في الهند تطاول منذ سنوات الإرث المسلم في البلاد.
