مع صعود اليمين المتطرف في إيطاليا.. هل بات الاتحاد الأوروبي مهددًا؟
تعيش بعض الدول الأوروبية اليوم تحت مخاوف من تصاعد اليمين المتطرف، حيث ارتفعت أسهم اليمينية جورجيا ميلوني في الانتخابات الإيطالية.
"انتهت الحفلة وستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها الوطنية"، بهذه العبارة تعرف ميلوني عن مدى يمينيتها بتزعمها حزب "أخوة إيطاليا"، معربة عن إعجابها بخطابات موسوليني الفاشية.
مخاوف أوروبية
وبصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، فإن صعود حزب ميلوني اليميني، وانحدار أحزاب الوسط دق ناقوس الخطر في القارة الأوروبية.
ورغم أن بعض المسؤولين الأوروبيين لا يعطون صعود اليمين المتطرف أهمية كبرى، وينظرون إلى كل ما يجري على أنه جزء من استحقاق انتخابي، يلاحظ قادة آخرون أن صناديق الاقتراع بدأت تخذل أحزاب اليسار.
هذه المخاوف تستند ليس فقط إلى المشهد الإيطالي، بل إلى اتساع قوة اليمين المتطرف في أكثر من دولة.
لكن الواقع، أن أوروبا اليوم لا تحتمل حرب أوكرانيا وأزمة طاقة، إضافة إلى يمين متطرف مناهض للقيم الجامعة، ما يهدد وحدة الاتحاد الأوروبي.
إلا أن زعماء اليمين يدركون أن شن حرب على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، هو بمثابة من يطلق النار على قدميه.
خطر على الدستور؟
في هذا السياق، يرى الكاتب الصحافي محمد يوسف أن "فوز أحزاب اليمين هو أمر مستحق نظرًا لأن أحزاب اليسار خذلت الإيطاليين بسبب الوعود التي لم يتم تحقيقها".
ويشير يوسف، في حديث إلى "العربي" من روما، إلى أن "صعود الأحزاب اليمينية كان نتيجة العمل على أرض الواقع، والاقتراب من حل مشاكل المواطنين والتعاطي بواقعية مع الأزمات".
ويشدد يوسف على أن "لا مخاوف في الداخل الإيطالي من وصول الأحزاب اليمينية أو من نجاح ميلوني في الانتخابات".
ويقول: "الدستور في إيطاليا هو المهم بالنسبة للمواطنين، وهذه القوانين لا يمكن تغييرها بسهولة مهما كان الشخص الذي سيصل إلى رئاسة الحكومة".
التاريخ يعيد نفسه
من جهته، يعتبر أستاذ الفلسفة في جامعة السوربون عبد العزيز ونيس أن التاريخ يعيد نفسه في أوروبا.
ويشير ونيس، في حديث إلى "العربي" من باريس، إلى أن "ما يحدث الآن في أوروبا شبيه بما عاشته هذه القارة بعد الحرب العالمية الأولى حيث صعدت الأحزاب الفاشية والنازية".
ويلفت ونيس إلى أنه "تاريخيًا، وبسبب الأزمات الاقتصادية والمعيشية، تبحث الأحزاب عن أسباب لوضع اللوم على ما يحصل".
ويؤكد أنه "في كل مرة، كانت الدول الأوروبية والأحزاب اليمينية تلقي هذا اللوم على المهاجرين والأجانب وكل ما يُعتبر "آخرًا" بالنسبة إلى الثقافة الأوروبية".
خطر على الاتحاد الأوروبي
بدوره، يوضح الباحث المتخصص في الشؤون الأوروبية منذر النمري أن "إيطاليا عضو مؤسس بالاتحاد الأوروبي وهي ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا".
ويؤكد النمري، في حديث إلى "العربي" من بروكسل أن "أوروبا تتخبط بعدة مشاكل وآخرها حرب روسيا في أوكرانيا ومسألة اللاجئين الأوكرانيين".
ويشير النمري إلى أن "الوضع الاقتصادي اليوم في أوروبا أكثر صعوبة من أزمة عام 2008، والاتحاد الأوروبي بدأ يشعر بالخطر الذي كان يهدده منذ سنوات".
ويقول: "مع دخول إيطاليا إلى معسكر اليمين المتطرف، ستتعقد الأمور لأن وزنها كبير في المجموعة الأوروبية".