أزمة الطاقة مع روسيا.. لا بدائل كاملة أمام الأوروبيين ومخاوف من الفوضى
يسعى وزراء الطاقة الأوروبيون إلى الاتفاق على تدابير عاجلة لوقف الارتفاع في أسعار الغاز والكهرباء بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وقالت مفوضة الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، لدى وصولها إلى الاجتماع في بروكسل: "يجب وضع تدابير استثنائية (...) سنواجه شتاءً صعبًا جدًا، ولكن اتحادنا في مجال الطاقة متين وسينتصر".
وستطلب المفوضية الأوروبية من الوزراء في بروكسل النظر في سلسلة من المقترحات المعقّدة للغاية والتي تهدف إلى تخفيف العبء على الأسر والشركات.
والدافع الرئيس إيجاد طرق لتعويض الأسر والشركات التي تكافح لدفع فواتيرها ومواصلة النشاط.
ارتباط سوق الكهرباء بالغاز
كما ستقترح المفوضية الأوروبية آلية من شأنها أن تجعل شركات الكهرباء التي لا تعتمد على الغاز، مثل الشركات التي تعول على الطاقة النووية أو الشمسية أو الطاقات المتجدّدة، تتقاسم العائدات غير المتوقعة التي جرى كسبها على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية.
ويرتبط سعر سوق الكهرباء في أوروبا ارتباطًا وثيقًا بسعر الغاز، ما يعني أن المرافق التي لا تعتمد على الغاز تتمتع بوفرة في الإيرادات بينما تتعثر الشركات الأخرى في دفع ثمن الغاز.
كما ستُفرض ضرائب على شركات الوقود الأحفوري بسبب أرباحها الضخمة من أسعار الطاقة المتضخمة.
لكن التوصل إلى إجماع سيكون أمرًا صعبًا نظرًا لتفاوت سياسة الطاقة والاعتماد على روسيا بشكل كبير بين دول الاتحاد الأوروبي الـ27.
وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الطاقة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه: "اليوم نضع تفويضًا للمفوضية الأوروبية. علينا أن نتفق على سلسلة من الأهداف، على جدول زمني".
"تخفيف قواعد الاتحاد"
وأحد الاقتراحات التي تحظى بتأييد واسع هي إنقاذ شركات الكهرباء التي تكافح من أجل التحوط من إنفاقها في أسواق الطاقة التي كانت متقلّبة للغاية.
ويمكن تحقيق ذلك عبر تخفيف قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن عمليات الإنقاذ الحكومية للشركات التي تواجه فجأة شروطًا أكثر صعوبة للحصول على السيولة مع انتشار المخاوف من حدوث أزمة.
وأشار دبلوماسيون إلى أحد الخيارات في هذا المجال، وهو طلب المفوضية من عدد من الدول الأعضاء الموافقة على طريقة موحدة لخفض الطلب على الطاقة، مع استمرار أخذ التخفيضات الإلزامية في استخدام الطاقة في الاعتبار.
وقال دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي: "هذه مقترحات أشعر بأنها تحمل تقاربًا كبيرًا في وجهات النظر بين الدول الأعضاء".
لا بدائل كاملة
وفي السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي المتخصص بالطاقة والنفط هاشم عقل أن أوروبا تعاني من عدم وجود بدائل كاملة للغاز الروسي، فضلًا عن الكلفة المرتفعة التي قد تتكبّدها القارة العجوز في محاولة استقدام الغاز من بعض الدول كواشنطن.
عقل الذي أشار في حديث لـ"العربي" من عمّان إلى أن الاعتراضات الشعبية في أوروبا قد تتزايد، شدد على أن المخارج الأوروبية بخصوص الغاز ضيقة جدًا نظرًا إلى أن أسواق هذه المادة محدودة.
وشرح أن أوروبا تستهلك نحو 400 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا يأتي 155 مليارًا منها من روسيا، أما الكمية الباقية فتأتي من دول أخرى لا تستطيع تعويض الكميات التي كانت تصدرها موسكو.
مخاوف من الفوضى
من جهة أخرى، حذّر الدبلوماسيون من أن فكرة وضع سقف لسعر الغاز الروسي عُرقلت، في ظل مخاوف من أنّ يؤدي رد موسكو إلى إغراق الاقتصاد الأوروبي في مزيد من الفوضى.
وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأوروبيين الجمعة قبل توجهه إلى بروكسل، على اغتنام الفرصة وإنهاء الاعتماد على الطاقة الروسية "بشكل نهائي".
لكن عددًا من الدول على غرار المجر التي تعول في شكل كبير على روسيا على صعيد الطاقة، تخشى تداعيات اقتصادية كارثية.
من جهتها، تدعو إيطاليا واليونان وسلوفينيا وحتى بلجيكا إلى تحديد سقف كامل لأسعار الغاز الذي يشتريه الاتحاد الأوروبي، مهما كان مصدره، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال الذي ينقل بحرًا.
وعلق وزير الطاقة البلجيكي تين فان در ستراتن "أنها الطريقة الوحيدة لخفض الفاتورة في شكل مباشر، علمًا أن سعر الغاز أعلى بكثير من سعره في آسيا".