يجري وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، محادثات في واشنطن في إطار زيارة هي الأولى له إلى الولايات المتحدة منذ توليه منصبه.
وسيناقش غالانت خلال زيارته مسألة اجتياح رفح، وقضية عودة الأسرى الإسرائيليين، فضلًا عن آليات توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وفق مصادر عدة.
وقد أكّدت وسائل إعلام إسرائيلية أن غالانت سيبحث كذلك في واشنطن ما يُعرف باليوم التالي للحرب على غزة، فضلًا عن استمرار جسر الأسلحة الجوي الأميركي لإسرائيل، والتوتر مع حزب الله.
وعلى صعيد متصل، غادر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الموساد "ديفيد برنيع" الدوحة بعد المشاركة في محادثات بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة.
وليام بيرنز يقدم مقترحًا بشأن تبادل الأسرى
وأفاد مصدر مطلع لوكالة " فرانس برس" أن بيرنز وبرنيع غادرا لإطلاع فريقيهما على تفاصيل الجولة الأخيرة من المحادثات التي ركّزت على تفاصيل ونسبة تبادل الأسرى، فيما رجّحت هيئة البث الإسرائيلية أن تكون عودة الفريق الإسرائيلي المفاوض مؤشرًا على عدم إحراز تقدم في المفاوضات.
وقدّم بيرنز في خضم ذلك مقترحًا جديدًا بشأن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة مقابل الإفراج عن جنود إسرائيليين، في محاولة لتضييق الفجوات بين الطرفين.
بالتوازي مع ذلك، نقل موقع "واللا" الإسرائيلي عن مسؤول قوله: "إن تل أبيب قبلت مقترح بيرنز، وهي بانتظار رد حركة حماس عليه".
وقد أكّدت الحركة بدورها أن المواقف متباعدة جدًا في المفاوضات، متهمة إسرائيل بتعمد نسفها وتعطيلها، مشيرة إلى أن التعنت الإسرائيلي لا يتعلق فقط بعدد الأسرى المفرج عنهم من كل طرف، بل أيضًا برفض الاحتلال وقف الحرب والانسحاب وعودة النازحين وإدخال المساعدات بلا قيود.
انحياز أميركي لإسرائيل
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في مركز مدى الكرمل إمطانس شحادة أن الإدارة الأميركية ليست وسيطًا في المفاوضات بين حماس وإسرائيل، معتبرًا أن "الولايات المتحدة منحازة إلى إسرائيل في حرب الإبادة على غزة".
ويقول في حديث إلى "العربي" من حيفا: "نسمع مقترحات من الإدارة الأميركية فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين المطروح تحريرهم من السجون الإسرائيلية". ويرى شحادة أن هذا الملف هو الأسهل في محاور الخلاف، حيث إن إسرائيل قد تظهر بعض المرونة لناحية عدد الأسرى وليس لناحية هوياتهم.
ويلفت شحادة إلى أن الخلافات الجدية تتمثل بوقف الحرب، حيث تطلب حماس التوصل إلى صيغة معينة لإنهاء الحرب على قطاع غزة وإن كانت على مراحل بالإضافة إلى عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة. بينما لا تبدي إسرائيل أي مرونة في هذه المحاور.
الموقف الأميركي مرتبط بملف الأسرى
من جانبه، يؤكد المستشار في الحزب الديمقراطي كريس لابتينا أن موقف الولايات المتحدة يعتمد على ملف الأسرى، حيث "إن الرهائن الذي احتجزتهم حماس بما يخالف القانون الدولي يجب إطلاق سراحهم".
ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "عند تحرير الأسرى الإسرائيليين ستصر الولايات المتحدة على وقف إطلاق النار".
ويلفت لابتينا إلى تباين الآراء في الولايات المتحدة بشأن ما يجري في غزة، حيث "إن هناك أشخاصًا يعتبرون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية فيما يرى آخرون أن نتنياهو محق ولا يجب انتقاده".
لكنه يشير إلى أن الولايات المتحدة تؤيد غياب حماس عن السلطة في غزة.
تراجع الموقف الإسرائيلي
وفي المقابل، يعتبر الكاتب السياسي أحمد الحيلة أن المشكلة القائمة في قطاع غزة لا تتعلق بالأسرى، بل بوجود الجيش الإسرائيلي.
ويقول في حديث إلى "العربي" من اسطنبول: "إن الشعب الفلسطيني يقع تحت الاحتلال بموجب القانون الدولي". ويضيف: "إن ما يجري الآن هو إبادة جماعية تنظر فيها محكمة العدل الدولية وليست الإدارة الأميركية المتهمة بشراكتها مع إسرائيل في ما يجري من خلال إمدادها بالسلاح والمال والتأييد في مجلس الأمن الدولي".
كما يرى الحيلة أن موقف الاحتلال الإسرائيلي تراجع ولم يتقدّم، ويشرح أن الاحتلال الإسرائيلي رفض رفضًا قاطعًا مناقشة فكرة وقف العدوان على قطاع غزة، أو الانسحاب من القطاع.
ويلفت الكاتب السياسي إلى أن الاحتلال كان يقبل بعودة مجتزأة متدرجة للنازحين إلى شمال قطاع غزة، لكنه في هذه الجولة من المفاوضات أعطى بعض التفاصيل التي يحاول من خلالها خداع الرأي العام والأطراف المفاوضة بأنه تقدّم خطوة للأمام.
ويوضح الحيلة أن الاحتلال يقبل بعودة 60 ألف فلسطيني من أصل 800 ألف نازح نزحوا من شمال القطاع، معتبرًا أن الاحتلال يسعى لكسب الوقت وللمضي لتثبيت سياسة أمر واقع في قطاع غزة من خلال استمرار العمليات العسكرية والتلويح بالتهجير ودخول رفح، مؤكدًا أن الاستمرار في هذا المسار يعني الذهاب إلى حائط مسدود.