مفاوضات فيينا تُستأنَف بنَفَس جديد.. مراسلو "العربي" يرصدون الأجواء
إلى فيينا، عاد المتفاوضون على مستقبل النووي الإيراني بنَفَس جديد ولكن مع المطالب نفسها، بعد إخفاق ستّ جولات سابقة بالخروج بجديد، في محاولة للخروج بحل للأزمة يعيد إيران إلى حضن المجتمع الدولي، ويزيل قلق الغرب من قدرتها على صنع القنبلة النووية.
واستبقت طهران الجولة الجديدة بتوزيع الاتهامات، حيث جدّد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان انتقاده لبيانات دول الترويكا الأوروبية بشأن المحادثات النووية.
وتتهم إيران الأطراف الأوروبية بالسلبية في المباحثات، واصفة مقترحاتها بغير البنّاءة، وبأنّها ستؤدي إلى تعقيد الوضع، وإبطاء مسار التوصّل إلى اتفاق يرضي الجميع.
وتشدّد إيران على أنّ برنامجها النووي "سلمي"، وتربط إزالة القلق من هذا البرنامج برفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
أوروبا تقرّ بوجود "صعوبات"
أما أوروبا التي يُنظَر إليها على أنّها الوسيط بين طهران وواشنطن، فأقرّت بوجود "صعوبات" في المفاوضات، من دون التطرّق إلى مسبّباتها.
وأكد منسّق الاتحاد الأوروبي في المحادثات النووية إنريكي مورا وجود "صعوبات" في المفاوضات. وقال إنّ المقترحات يجب أن تُبنى على ما تم التوصّل إليه في العشرين من يونيو/ حزيران الماضي.
وأضاف مورا: "نحن نتعامل مع الوضع بالواقعية المطلوبة للتوصل إلى اتفاق لأنّ الأمر صعب. هناك مواقف متعددة وهناك نقاط مطروحة لا تزال مفتوحة بشدّة وعلينا غلقها. ليس لدينا كلّ الوقت من دون سقف. لهذا لا أتحدّث عن مزيد من التشاؤم أو التفاؤل. ما أريد قوله هو أنّ كل البعثات موجودة هنا للعمل وللتباحث من أجل التوصل إلى اتفاق".
ضيق الوقت "يضرّ" إيران
من جهتها، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية إيران من أنّ جولة فيينا السابعة هي الفرصة الأخيرة لعودتها الكاملة إلى الالتزام ببنود الاتفاق، مشددة على أنّ بلادها والحلفاء لن يدّخروا جهدًا لمنع طهران من تطوير برنامجها النووي بكل السبل.
في المقابل، أكّدت واشنطن أنّها ستشارك في المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وأنّها تريد عودة متزامنة إلى الالتزام ببنود الاتفاق، محذرة من أنّ ضيق الوقت يضرّ إيران لا غيرها.
"تهديد مبطّن" أميركي إسرائيلي
وبعيدًا عن الخيار الدبلوماسي، تضع واشنطن خيارًا آخر على الطاولة على شكل تهديد مبطّن، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل ستجريان مناورات عسكرية جوية ضخمة خلال ستة أشهر لمحاكاة هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
وتقول إسرائيل إنّ المناورات العسكرية الجديدة تدخل ضمن حقها في الدفاع عن أمنها ممّا وصفته بالتهديد النووي الإيراني، فيما يهدف وزير دفاعها وهو يزور واشنطن، إلى التأكيد للحليف الإستراتيجي على أن رفع العقوبات يجب ألا يكون مطروحًا على الطاولة.
جولة "الفرصة الأخيرة"
وبحسب مراسل "العربي" في فيينا مكسيم العيسى، الذي يواكب أجواء الجلسات، فإنّ جميع الأطراف المشاركة في المحادثات تبدي استعدادها للتفاوض والنقاش، ولكنّها جميعها أيضًا تؤكد أنّ المهمة غير سهلة.
يشير إلى أنّ إيران تقول إنها جادة وإنّ مقترحاتها واقعية ومنطقية ولا تخرج عن الاتفاق النووي، في حين تقول الدول الأوروبية من جانبها بأنّ مطالب إيران غير واقعية وغير منطقية ما يوحي بأنّها لا ترضي الجانب الأميركي.
ويخلص إلى أنّ الجميع يريد التفاوض ولكن لا أحد يتنازل للآخر رغم التسريبات التي تصف هذه الجولة من المفاوضات على أنها الفرصة الأخيرة.
البدائل "معقدة جدًا"
ويلخّص مراسل "العربي" في واشنطن عماد الرواشدة الموقف الأميركي من مباحثات فيينا بالإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة تريد للمفاوضات أن تنجح لأنّ البدائل بالنسبة إليها معقدة جدًا على ما يبدو.
ويلفت في هذا السياق إلى الضغوط الإسرائيلية المستمرة على إدارة الرئيس جو بايدن، بدءًا من زيارة رئيس الموساد قبل ثلاثة أيام، وصولًا إلى زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن اليوم وغدًا.
ويشير إلى وجود "تكهّنات" حول عمل عسكري يمكن أن تقوم به إسرائيل، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة، موضحًا أنّ إدارة بايدن لا تريد العودة إلى الشرق الأوسط من البوابة العسكرية، علمًا أن الضغط الإسرائيلي لاستخدام القوة قد يؤدي لاشتعال حرب إقليمية.
مسودة رابعة "في حوزة" الوفد الإيراني
إيرانيًا، ينقل مراسل "العربي" في إيران حازم كلاس عن مصادر مطلعة على صلة بالوفد الإيراني أنّ الجلسة الافتتاحية اليوم كانت "إيجابية" ويمكن البناء عليها، كما يتحدث عن وجود مسودّة رابعة بحوزة الوفد الإيراني.
ويشير إلى أنّ الحديث عن انتظار إيران للرد على الموقف الإيراني والمقترحات الإيرانية تمّ نقله من مستوى كبار الخبراء إلى مستوى اللجان، وهذا يعني أنّ المقترحات الإيرانية باتت الآن على الطاولة وتناقَش وهناك أخذ وردّ ولا يوجد رفض مطلق.
ويلاحظ أنّ هذا التقييم الإيراني يأتي في وقت لا تزال فيه إيران تصرّ على انّ العقوبات يجب أن تُرفَع أولًا، وهي تقول إن الولايات المتحدة هي من انسحب من الاتفاق وهي من عليه العمل على بناء الثقة مع إيران ومع المجتمع الدولي.
إسرائيل "تضغط"
ويشير مراسل "العربي" في القدس أحمد جرادات إلى أنّ إسرائيل تحاول الضغط على الولايات المتحدة بعدم رفع العقوبات في الفترة الحالية وعدم الذهاب إلى اتفاق جزئي وعدم العودة إلى اتفاق 2015.
ويقول إنّ ما يهمّ إسرائيل وسط كلّ ذلك هو ألا يقتصر الاتفاق فقط على البرنامج النووي بل يشمل كذلك نفوذ إيران في المنطقة وأيضًا برنامج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.
ويلفت إلى أنّ إسرائيل تضغط بعدة اتجاهات منها التلويح بالخيار العسكري الذي ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ولكنّها تلوح أيضًا بضرورة استمرار العقوبات وتشديدها في الوقت الحالي والضغط على إيران اقتصاديًا وسياسيًا.