الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

منعًا لاندثارها.. نوبيون يحيون لغتهم بوجه التنمر عن طريق الغناء 

منعًا لاندثارها.. نوبيون يحيون لغتهم بوجه التنمر عن طريق الغناء 

شارك القصة

مادة لـ"أنا العربي" حول مبادرة "نوبي كورو" لنشر اللغة النوبية في مصر (الصورة: غيتي - أرشيف)
يعد النوبيون من أقدم الشعوب المتحضرة في العالم، وعاشوا حول نهر النيل منذ آلاف السنين فيما يعرف الآن بجنوب مصر وشمال السودان.

تسعى مجموعة من المصريين النوبيين، لإحياء لغتهم عن طريق الغناء منعًا لاندثارها حيث تترأس هذا المجهود الشابة جهاد أشرف البالغة من العمر 28 عامًا من مدينة أسوان جنوبي مصر.

فقد أسست جهاد مع مجموعة من زملائها مبادرة "نوبي كورو"، لنشر اللغة النوبية عن طريق الغناء، ويجتمع مؤسسو المبادرة أسبوعيًا ليدرسوا إحدى الأغاني النوبية ويغنوها معًا بهدف التعمق أكثر بلغتهم الجميلة.

وتقول جهاد أشرف: "كلنا لدينا هذا الشغف، كلنا نريد أن نتعلم لغتنا وكلنا نغار عليها كونها أصبحت أقرب إلى الاندثار.. فاللغة النوبية للأسف الشديد اقتربت من هذا الواقع فالجيل الجديد الذي يبلغ مثلًا عمر الـ14 سنة وما دون يجهلون لغتهم".

وتشير إلى غياب هذه اللغة التقليدية في قرى هؤلاء الشعوب الأصيلة الذين يسكنون على ضفتي نهر النيل سواء في السودان أو أقصى جنوب مصر، مضيفةً: "في السابق كان الأطفال يتعلمون اللغة النوبية قبل اللغة العربية".

وتعلّمت هذه الشابة المصرية لغتها الأم منذ سنوات قليلة فقط بعد أن كانت لا تتقن إلا 5 كلمات فقط منها، لأنها مثل غيرها من النوبيين يخافون من التنمر بسبب لغتهم.

بدروه يشرح محمد صبحي معلم اللغة النوبية كيف جعل تكلمهم المختلف للغة العربية منهم مصدر تندر وسخرية من قبل غير النوبيين، قائلًا: "عندما كنا نتكلم اللغة العربية ونخطئ في بعض الكلمات نصبح موضع سخرية لذلك منعت الأطفال من التكلم بلغتهم الأم لحمايتهم من التنمر".

أما اليوم فتسعى هذه المبادرة الجديدة إلى التوسع لتشمل العمل على تعلم كتابة النوبية بهدف إعطاء الشباب فرصة توثيق تراثهم كما مقابلة كبار السن في القرى النوبية لتعلم الكلمات القديمة منهم التي أصبحت اليوم معربة داخل اللغة النوبية، وفق أشرف.

من أقدم الشعوب المتحضرة

ويعد النوبيون من أقدم الشعوب المتحضرة في العالم، وعاشوا حول نهر النيل منذ آلاف السنين فيما يعرف الآن بجنوب مصر وشمال السودان.

لكن مع إنشاء السد العالي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هجر سكان نحو 45 قرية نوبية من مساحة 350 كيلومترًا مربعًا لإفساح المجال لبناء السد.

ومن حينها لم تحدث أي خطوات لإعادة السكان الأصليين إلى أراضيهم حتى الآن، على الرغم من أن الدستور المصري لعام 2014 ينص على أن الدولة عليها العمل على إعادة توطين النوبيين في أراضيهم الأصلية في غضون 10 سنوات.

كيف "اندثرت" اللغة النوبية؟

وتخبر خيرية موسى إحدى معلمات اللغة النوبية في المبادرة الجديدة كيف أنها شهدت على التهجير الذي حصل قبل أن تستقر في قرية نوبة الجديدة، مؤكدة أنه عندما دخلوا المدارس من جديد "كان الأهالي خائفين من تركيزهم على اللغة النوبية وبالتالي عدم النجاح في المدارس لذلك حرموا على الأطفال التكلم بلغتهم الأم".

وختمت: "يمكن أن أقول إنه من هنا بدأ اندثار اللغة النوبية".

ومن بعض خصائص اللغة النوبية، أنها لا تعرف التذكير والتأنيث، إذ لا يمكن التفريق فيها بين المذكر والمؤنث، بحسب موقع "اللغة النوبية" على الإنترنت.

أما تاريخيًا، فقد لعبت هذه اللغة دورًا مهمًا بحسب المؤرخين بحيث تم استخدام اللغة النوبية في مصر من خلال خطة الخداع الإستراتيجية في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، وكان الاقتراح لاستخدام هذه اللغة كلغة تواصل بين العناصر في سيناء مع قيادة الجيش من قبل الصول النوبي أحمد إدريس والتي حظيت بموافقة الرئيس السادات حينها. 

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close