أثارت "واتساب" في الفترة الأخيرة جدلاً عالميًا كبيرًا إثر نشرها قواعدها الجديدة لخصوصية البيانات،إذ اعتُبر محاولة لتوسيع نطاق جمع البيانات الشخصية، وبالتالي فقدت الشركة ثقة الكثير من مستخدمي هذه الخدمة التابعة لـ "فيسبوك".
وبعد الحديث عن خطر على المعلومات والبيانات، هجر أعضاء مجموعة لهواة كرة القدم في واشنطن خدمة المراسلة التي كانوا يستعينون فيها للتواصل في ما بينهم، ونزحوا جميعًا إلى خدمة "سيغنال" المنافسة.
وبرأي برنارد فليك، أحد هؤلاء اللاعبين، "يرمي هذا القرار إلى الدفع بأكبر عدد من الزبائن للخروج من إمبراطورية فيسبوك التي أصبحت فائقة الحجم والقوة بنظري".
من جهته، اعتبر الباحث في معهد "تك بوليسي لاب" التابع لجامعة واشنطن، راين كالو، أنّ ردود الفعل السلبية على إعلان واتساب مبررة.
وأكّد: "التغييرات لا تحمل طابعا ديستوبيًا (الشر المطلق) كما يتصور كثر. لكنها تشكل خطوة نحو نموذج يخشاه كثيرون".
وبعد البلبلة الكبيرة، أعلنت "واتساب" التي تضم ملياري مستخدم حول العالم، الشهر الماضي، إرجاء دخول قواعد الاستخدام الجديدة حيّز التطبيق ثلاثة أشهر (حتى 15 مايو/ أيار) بعد تنديد مستخدمين كثر به.
وتحدّثت الشركة عن سوء فهم للقواعد الجديدة حيث تؤكد أن هدفها، مساعدة التجار في تحسين التواصل مع زبائنهم عبر "واتساب".
ورغم تقديم الشروحات وتأجيل هذه الخطوة، هجر مستخدمون كثر "واتساب" إلى منصات منافسة بينها "سيغنال" و"تلغرام".
ما هدف "واتساب" من تغيير سياسة الخصوصية لديه، وهل يعد تطبيق "سيغنال" بديل مناسب له؟ #شبابيك pic.twitter.com/3mcrDD82c1
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 13, 2021
زيادة الإرادات
استحوذ "فيسبوك" على "واتساب" مقابل 19 مليار دولار عام 2014، ويُشكل هذا التطبيق ورقة استراتيجية أساسية للشبكة المملوكة من مارك زوكربرغ، التي تسجل تراجعًا في نموها.
وقد أثارت رغبة "فيسبوك" في إدماج خدمة المراسلة ضمن عائلة التطبيقات، جدليات كثيرة، ودفعت ولايات أميركية عدة إلى إطلاق مسارات قضائية للتحقيق بشروط الاستحواذ على "واتساب" و"إنستغرام".
وفي مذكرة صادرة حديثًا، اعتبر المحلل في مصرف ميريل لينش الاستثماري، جاستن بوست، أن "واتساب" ستبقى "محركًا مهمًا لمستقبل قيمة فيسبوك في البورصة".
وأشار إلى أن المجموعة ستتخطى المشكلات كما فعلت قبل سنوات، مع فضيحة تسريب بيانات عشرات ملايين المستخدمين لشركة "كامبريدج أناليتيكا".
وبحسب المحللة في شركة "إي ماركتر" للدراسات جاسمين إينبرغ، فإن شبكة "فيسبوك" تسعى إلى زيادة الإيرادات المالية من تطبيق "واتساب".
وأشارت إينبرغ إلى أنه في ظل استبعاد "فيسبوك" حتى اللحظة نشر إعلانات على "واتساب"، تعتزم الشبكة استخدام التطبيق كمنصة للتجارة الإلكترونية، مع أدوات مهنية لخدمة الزبائن، معتبرة أنّ المشكلات التي تعترض "واتساب" لن تبطئ من ديناميته، وأرجعت السبب إلى التباعد بين أقوال الناس وأفعالهم على صعيد الخصوصية.
وأضافت: "ثمة بالتأكيد كثيرون يغادرون واتساب والعدد مرشح للازدياد". لكن "من غير المرجح أن نشهد نزوحًا جماعيًا. وبما أن قاعدة مستخدمي واتساب بهذا الحجم، هذا تحديدًا ما يجب فعله لتحقيق أثر حقيقي".
"إهانة لذكاء المستخدمين"
يتشارك "واتساب" أصلاً البيانات مع "فيسبوك" منذ اعتماد قواعد جديدة في 2016، غير أن المستخدمين كانوا مخولين عدم السير بها، وفقًا لمختصين في شوؤون السرية.
وقالت غيني غيبهارت الباحثة في "إلكترونيك فرونتير فاونديشن"، إن رغبة" واتساب" في فرض هذه الإجراءات "أشبه بإهانة لذكاء المستخدمين".
وأشارت إلى أنّ الناس اكتشفوا الآن أنّ "واتساب" يتشارك بيانات ومعلومات بدرجة أكبر مما كانوا يعتقدون، وهذا ما أثار ردات الفعل.
وبحسب بيانات نشرتها "إي ماركتر" السنة الماضية، كانت واتساب تضم 99 % من مستخدمي التطبيقات المحمولة في البرازيل، و97 % في الهند و52 % في الولايات المتحدة.