أعادت الإطاحة برئيس غينيا، ألفا كوندي، يوم الأحد، من قبل الانقلابيين بعد أقل من سنة على تقلده ولاية رئاسية ثالثة، الذاكرة السياسية إلى الوراء في البلد الذي استقل عن فرنسا عام 1958.
وألقى الانقلابيون القبض على كوندي، وأعلنوا "حل" الحكومة ومؤسسات الدولة وأغلقوا الحدود البرية والجوية للبلاد.
ومرت غينيا أكبر دولة مصدرة لبوكسيت الألومنيوم، بمحطات فارقة منذ ذاك الاستقلال، حينما أعلنه أحمد سيكو توري، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 1958، وذلك بعد أيام على رفضه عبر استفتاء الانضمام إلى "مجموعة" فرنسية-إفريقية اقترحها الجنرال ديغول القائد الفرنسي الشهير.
سيكو توري
وبدأت البلاد بالتعافي من الاحتلال الفرنسي، حتى شكل انتخاب سيكو توري رئيسًا لها في يناير/ كانون الثاني 1961 نقطة فارقة في تاريخها.
إذ قام سيكو توري الملقب بـ "أبو الاستقلال"، سريعًا باستبدال دوره كقائد تقدمي وحكم بيد من حديد غينيا على مدى 26 عامًا، تحمل نظامه خلالها المسؤولية عن مقتل أو اختفاء 50 ألف شخص، بحسب منظمات حقوق الإنسان، وعن رحيل مئات آلاف آخرين إلى المنفى.
لانسانا كونتي
في 3 أبريل/ نيسان 1984، وبعد أسبوع على وفاة سيكو توري تولت لجنة عسكرية السلطة بقيادة الكولونيل لانسانا كونتي، الذي سار على نهج سلفه وحكم البلاد بسلطة مطلقة، إلا أن نظامه واجه محاولة انقلاب عام 1985 .
وانتخب لانسانا كونتي رئيسًا عام 1993 ثم أعيد انتخابه مرتين في اقتراعين أثارا جدلًا وقاطعتهما المعارضة.
وفي مطلع 2007، جرى قمع تظاهرات كبرى مناهضة لـ"كونتي" ما أسفر عن مقتل أكثر من 180 شخصًا، وفق منظمات غير حكومية.
المجلس العسكري
وغداة وفاة لانسانا كونتي في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2008 تولى عسكريون السلطة في غينيا بدون إراقة دماء، حيث أعلنت الحكومة التي أطيح بها الولاء للمجلس العسكري بقيادة الكابتن موسى داديس كامارا.
في يناير 2010 وقع الجنرال سيكوبا كوناتي، الرئيس الانتقالي، اتفاقًا مع موسى داديس كامارا ينص على إجراء انتخابات رئاسية، وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المذكور، أصبح المعارض التاريخي ألفا كوندي أول رئيس منتخب ديمقراطيًا لغينيا.
ونجا الرئيس الطموح من هجوم شنه عسكريون ضد مقره في العاصمة كوناكري، في 19 يوليو/ تموز 2011.
وفاز ألفا كوندي بعهدة ثانية في أكتوبر عام 2015 بعد حصوله على أغلبية مطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2019، فتحت قوات الأمن النار في ملعب رياضي تجمع فيه آلاف المعارضين، قتل 157 شخصا على الأقل وتعرضت أكثر من مئة امرأة للاغتصاب.
جدل واسع
وبقي الرئيس الغيني، ألفا كوندي، البالغ من العمر 83 عامًا، مصرًا على البقاء في الحكم، حتى نجح بالفوز أواخر أكتوبر الماضي، بولاية رئاسية ثالثة بعد حصوله على نسبة 59% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
وأثارت تلك الانتخابات جدلًا واسعًا، لا سيما أن المعارضة، قالت وقتها إن كوندي، لا يحق له المشاركة فيها، حيث ردّ الرئيس المعزول على خصومه بأنه أجرى استفتاءً دستوريًا أجري في مارس عام 2020، عدّل بموجبه الحد الأقصى المتاح له بفترتين رئاسيتين.